غزة 15 سبتمبر 2014 / سيطرت مشاعر الحسرة والأسى على الفلسطيني أحمد النجار لدى استلامه "كرفانا" حديديا كمأوى مؤقت عوضا عن منزله المدمر في الهجوم الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة.
ووضع الكرفان المخصص لعائلة النجار على مقربة من ركام منزله المتكون من ثلاثة طوابق في مشهد عكس ما ينتظر العائلة من مصاعب بفعل ما حل بها.
ويقول النجار وهو في منتصف الأربعينيات من عمره لوكالة أنباء ((شينخوا))، إنه يشعر بالحاجة إلى البكاء لما وصل إليه حاله وهو يجد نفسه مضطرا للسكن في مثل هذا الكرفان الحديدي الضيق.
ودمر منزل النجار خلال توغل للجيش الإسرائيلي في بلدة خزاعة شرقي خان يونس في جنوب قطاع غزة خلال هجومه العسكري الذي استمر في الفترة من 8 يوليو حتى 26 أغسطس الماضيين.
والرجل هو واحد من 18 ألف فلسطيني دمرت منازلهم بالكامل خلال الهجوم الإسرائيلي الذي قتل فيه ما يزيد عن ألفين و140 فلسطينيا وجرح أكثر من 10 آلاف آخرين.
ويقول النجار، إنه لا يتصور كيف يمكن أن يأوي الكرفان الحديدي عائلته المكونة من 15 شخصا من دون سقف زمني محدد، خصوصا مع قرب حلول فصل الشتاء.
ويضيف أنه لا يرى في الكرفان حلا أو أنه يسد حاجته، مشيرا إلى أنه اضطر للاحتفاظ بخيمة أقامها بالقرب من منزله المدمر لكي تتسع مع الكرفان لأفراد أسرته.
وأشرف على مشروع توزيع الكرفانات (هيئة الأعمال الخيرية) الإماراتية بالتعاون مع وزارة الأشغال العامة والإسكان الفلسطينية كملجأ مؤقت للنازحين ممن دمرت منازلهم.
وتبلغ مساحة الكرفان 35 مترا مربعا ويضم غرفتين ومطبخ وحمام وقد بطن من الداخل بمادة الجبس وتم تجهيزه بالماء والكهرباء.
ويقول عماد الحداد مدير (هيئة الأعمال الخيرية) الإماراتية في قطاع غزة ل((شينخوا))، إنهم وزعوا مائة كرفان كدفعة أولى توفر إيواء مؤقت للنازحين من الأسر الفلسطينية.
ويوضح الحداد، أن فكرة المشروع جاءت في ظل النقص الشديد الذي يعانيه قطاع غزة في الوحدات السكنية، وعدم توفر منازل كافية للنازحين يمكن استئجارها بانتظار إعادة إعمار منازلهم المدمرة.
وجرى توزيع الكرفانات في بلدة خزاعة التي تقول إحصائيات محلية، إن أكثر من 500 عائلة فيها باتت بلا مأوى بعد تدمير منازلها.
ووضعت الكرفانات بشكل متلاصق على شكل حي يجرى تجهيزه بالمياه والتيار الكهربائي وخدمات الصرف الصحي على مقربة من أكوام الركام المنتشرة في البلدة.
وحتى هذا الحل المؤقت ممثلا بالكرفانات يواجه صعوبات بحسب الحداد نتيجة لعدم وجود المواد الخام اللازمة لتصنيعها.
ولسكان قطاع غزة تجربة سابقة مع الكرفانات المؤقتة بعد عملية (الرصاص المصبوب) العسكرية التي شنتها إسرائيل على القطاع في 27 ديسمبر عام 2008 واستمرت 22 يوما، وخلفت دمارا هائلا طال أكثر من 10 آلاف منزل سكني في حينه.
بعد ذلك، عانت مئات الأسر من صعوبات العيش داخل الكرفانات الحديدية لنحو عامين بسبب التباطؤ الحاد في عملية إعادة الإعمار وهو ما يخشى النازحون تكراره.
ويقول مدير العطاءات في وزارة الأشغال العامة والإسكان الفلسطينية عماد حمادة ل((شينخوا))، إنهم يأملون بأن يكون اللجوء لكرفانات إيواء النازحين حلا مؤقتا لا يتجاوز بضعة شهور.
ويوضح حمادة، أن الأولوية في إيواء النازحين تقوم على استئجار منازل مؤقتة لهم ومن يتعذر عليه ذلك نتيجة نقصص الوحدات السكنية يتم منحه كرفانا حديديا كحل مؤقت.
وشدد حمادة، على الحاجة الماسة للبدء الفوري في إعادة إعمار قطاع غزة بما في ذلك فتح معابر القطاع وإدخال مواد البناء اللازمة لوقف معاناة النازحين ممن دمرت منازلهم.
وأعلن وزير الأشغال العامة والإسكان في حكومة الوفاق الفلسطينية مفيد الحساينة أخيرا، أن حكومته اتفقت مع وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (يو. ان. دي. بي) على دفع إيجار شهري للعائلات النازحة بمبلغ يتراوح بين 200 إلى 250 دولار أمريكي للعائلة الواحدة.
وما زال آلاف الفلسطينيين في قطاع غزة يقيمون في مدارس تابعة لأونروا بعد نزوحهم من منازلهم المدمرة.
ويقيم هؤلاء في 11 مدرسة تتبع لأونروا وهو ما أدى إلى منع توجه الطلبة إليها وتوزيعهم على مدارس أخرى بعد بدء العام الدراسي أمس (الأحد) بعد تأجيل دام ثلاثة أسابيع بفعل الهجوم الإسرائيلي الأخير على غزة.
وأعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس الخميس الماضي، عن التوصل لاتفاق مع إسرائيل حول الاستيراد والتصدير من وإلى قطاع غزة، برعاية الأمم المتحدة.
وقال عباس في حينه، إن الاتفاق "يسمح بدخول جميع المواد للقطاع، وتصدير ما يمكن تصديره إلى الخارج بما يسهم في تخفيف الأعباء المعيشية على أهالي قطاع غزة".
وتحظر إسرائيل توريد مواد بناء إلى قطاع غزة المكتظ بأكثر من مليون و800 ألف نسمة منذ فرضها حصارا، مشددا على القطاع منتصف العام 2007 إثر سيطرة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) عليه بالقوة بعد جولات من القتال الداخلي مع القوات الموالية للسلطة الفلسطينية.
ومن المقرر أن يعقد مؤتمرا دوليا للمانحين في مصر يوم 12 أكتوبر المقبل للنظر في إعادة إعمار قطاع غزة.
ونص اتفاق وقف إطلاق النار الذي أعلنته مصر في 26 الشهر الماضي بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل على فتح معابر قطاع غزة والشروع الفوري في إعادة إعماره.
وإلى جانب عدم توفر الدعم المالي المطلوب حتى الآن واستمرار الحصار الإسرائيلي على حاله فإن مخاوف من تعطيل إعادة الإعمار تتعلق كذلك بالخلافات الفلسطينية الداخلية.
وقال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس موسى أبو مرزوق خلال ندوة له في غزة، إن السلطة الفلسطينية "تلقت أموالا تمكنها من البدء بخطوات إعادة الإعمار دون انتظار مؤتمر المانحين".
واعتبر أبو مرزوق "أن هذا التباطؤ في إعادة الإعمار مستهجن وغير مبرر".
في المقابل، أعلن نائب رئيس حكومة الوفاق الفلسطينية محمد مصطفى قبل أيام، أن إعادة إعمار غزة مرهون بتمكين حكومة الوفاق من العمل بصلاحيات كاملة في القطاع.
واشتكى الرئيس عباس أخيرا مما وصفه وجود حكومة "ظل" تتبع لحركة حماس في قطاع غزة تحول دون تسلم حكومة الوفاق مسئولياتها.
وتشكلت حكومة الوفاق مطلع يونيو الماضي بموجب تفاهمات للمصالحة الفلسطينية أعلنت في 23 أبريل الماضي بعد محادثات في غزة بين وفد من منظمة التحرير وحماس.
وحتى يتم حل هذه "التجاذبات السياسية"، وفق مراقبين فلسطينيين، سيكون على النازحين في قطاع غزة مواجهة مصيرهم على أمل أن يلوح في الأفق ما يسمح بإعادة بنا منازلهم وإنهاء معاناتهم.
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn