غزة 19 أكتوبر 2014/ استيقظ محمد جندية فزعا بعد تسرب كميات كبيرة من الأمطار إلى داخل غرفة نومه وأطفاله في منزلهم المتضرر بفعل الهجوم الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة.
وزاد أول منخفض جوي يشهده القطاع الساحلي مع حلول فصل الشتاء للعام الجاري محنة جندية وأمثاله ممن تضررت أو دمرت منازلهم في هجمات إسرائيل الصاروخية خلال جولة التوتر الأخيرة.
وتسربت مياه الأمطار من ثغرات فتحت في سقف وجدران منزل جندية في حي الشجاعية شرقي مدينة غزة جراء القنابل المدفعية الإسرائيلية وهو يأوي 12 فردا.
ويقول جندية لوكالة أنباء ((شينخوا))، إن الموقف بدا سرياليا بالنسبة إليه وهو يهرع لتجنيب أطفاله مياه الأمطار عند منتصف الليل دون أن يجد طريقة توقف تسرب المياه إلى فراشهم وتبلل جميع أغراضهم.
ويشير جندية إلى أن أقصى استعداداته للأمطار اقتصرت على تغطية ثغرات السقف بالنايلون لعدم توفر مواد بناء تمكنه من ترميم ما أصاب المنزل من أضرار وتقيهم تسرب مياه الأمطار.
وينتظر أن يكون فصل الشتاء ضيفا ثقيلا على متضرري هجوم عسكري واسع النطاق شنته إسرائيل على قطاع غزة في الفترة من 8 يوليو حتى 26 أغسطس الماضيين.
وخلف الهجوم الإسرائيلي تدمير ما يقرب من 18 ألف وحدة سكنية وأكثر من 30 ألف بشكل جزئي إلى جانب دمار هائل في البني التحتية للقطاع.
ومع حلول ساعات الصباح كانت عائلة جندية تلتف حول نيران حطب علها تجلب لهم بعض الدفء كي يحرك الدم البارد في عروقهم وتجفف ملابسهم من بلل ما أصابها جراء أمطار.
ويقول جندية، إن الأصعب في مواجهة المطر للمرة الأولى هو تذكر حالة منزلهم قبل تضرره وتمنى لو أنه وعائلته يواجهون مثل هذه الأجواء بعد إعمار المنزل وإصلاح ما أصابه من أضرار.
ولا يبدو حال عائلة سليمان قديح أفضل حالا وهي تستقبل فصل الشتاء داخل (كرفان) حديدي وضع لها من جمعية خيرية بجانب ركام منزلها المدمر كليا في بلدة خزاعة شرقي خان يونس جنوب القطاع.
وروى قديح بغضب كيف قضى وعائلته ليلتهم تحت زخات المطر وهي تصدم الكرفان الحديدي من كل اتجاه لتزيد شعورهم بالبرد وقلقهم إزاء ما هو قادم من أيام.
وتقيم هذه العائلة داخل كرفان لا تتجاوز مساحته 35 مترا مربعا ويقتصر على غرفتين ومطبخ وحمام، كملجأ مؤقت وفق ما هو مفترض للنازحين ممن دمرت منازلهم.
ويشدد قديح، أنه لا يطالب بأقل من إعادة بناء منزله الذي كان مكونا من ثلاثة طوابق قبل تدميره في غارة إسرائيلية ليكون مأوى لعائلته من برد الشتاء وليالي البرد القارص.
في موازاة ذلك يزيد حلول فصل الشتاء مصاعب من دمرت منازلهم بالكامل وما زالوا يقيمون في مدارس تابعة لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) وهم بانتظار إعادة إعمارها دون تحديد سقف زمني لذلك.
ويقيم هؤلاء في 11 مدرسة تقريبا موزعة على أنحاء مختلفة من قطاع غزة خصوصا في مناطقه الشمالية.
ويشتكى فارس سكر في منتصف الثلاثينيات من عمره من أجواء برد شديدة يعانيها وعائلته المكونة من 15 فردا داخل إحدى قاعات الدراسة في مدرسة تأوي نازحين في حي تل الهوى غربي غزة.
ويذكر سكر ل((شينخوا))، أنه يعاني وعائلته من نقص في البطاطين ومستلزمات فصل الشتاء لكن الأشد بالنسبة إليهم هو التفكير في كيفية مواجهة هذه الأيام الصعبة من العام دون مأوى خاص بهم.
وأعلنت أونروا، أنها ستبدأ هذا الأسبوع دفع تعويضات مالية لأصحاب المنازل المتضررة "بشكل طفيف" جراء الهجوم الإسرائيلي الأخير.
وذكرت الوكالة الدولية، أن التعويضات ستشمل كذلك دفع مبالغ مالية للمدمرة منازلهم كليا بغرض مساعدتهم على استئجار شقق سكنية مؤقتة إلى حين إعادة إعمار منازلهم.
إلا أن نازحين يقللون من هذه الخطوة بالنظر إلى قلة عدد الشقق السكنية المتاحة للإيجار خصوصا في مناطق سكنهم.
ويشدد هؤلاء على أن المطلوب هو بدء توريد مواد البناء والمباشرة في عمليات إعادة الإعمار لمنازلهم سواء المتضررة منها أو المدمرة كليا.
وسمحت إسرائيل يوم الثلاثاء الماضي بتوريد أول كمية من مواد البناء إلى قطاع غزة لاستخدامها في إعادة إعمار المنازل المتضررة جزئيا تحت مراقبة الأمم المتحدة.
وفي حينه اقتصرت الكمية الموردة على 15 شاحنة أسمنت، و10 شاحنات حديد، و50 شاحنة حصى، وقالت إسرائيل عنها إن كمية تجريبية لآلية توريد مواد البناء.
وبعد 24 ساعة من هذه الخطوة وصل وفد من المراقبين الدوليين إلى قطاع غزة للإشراف على بدء الإجراءات الخاصة بتوريد مواد البناء ومراقبة مسارها.
غير أن إسرائيل لم تحدد حتى الآن موعد بدء انتظام توريد مواد البناء بحسب لجنة تنسيق إدخال البضائع الفلسطينية إلى غزة.
ويحتاج قطاع غزة بحسب مسئولين محليين، ما يزيد عن مليون ونصف طن من الأسمنت، وأكثر من 5 ملايين طن من المواد الإنشائية لعمليات إعادة الإعمار.
وأعلن مبعوث الأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط روبرت سيري الشهر الماضي، أن المنظمة الدولية توسطت للتوصل لاتفاق ثلاثي فلسطيني إسرائيلي أممي لتمكين السلطة الفلسطينية من بدء إعادة الإعمار في غزة.
وأفصح سيري في حينه، أن الاتفاق يقوم على ضمانات أمنية مشددة من خلال آلية رقابة من قبل الأمم المتحدة وفق نظام يشرف على إدخال واستخدام جميع المواد اللازمة لإعادة إعمار قطاع غزة لضمان عدم تحويلها عن أهدافها المدنية الخالصة.
ويشدد رئيس جمعية رجال الأعمال في قطاع غزة علي الحايك ل((شينخوا) )، على أن كل تأخير في بدء توريد مواد البناء والمباشرة بإعادة الإعمار تعني مزيدا من المعاناة للنازحين من السكان.
وبالنسبة للحايك، فإنه يجب وقف كل أشكال المماطلة في ضمان انتظام توريد مواد البناء وتوفير المأوي للنازحين للتخفيف من مواجهتهم صعوبات فصل الشتاء وهم عزل من دون منزل يقيمون فيه.
وحظرت إسرائيل توريد مواد بناء إلى قطاع غزة المكتظ بأكثر من مليون و800 ألف نسمة منذ فرضها حصارا مشددا على القطاع منتصف العام 2007 إثر سيطرة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) عليه بالقوة بعد جولات من القتال الداخلي مع القوات الموالية للسلطة الفلسطينية.
وسمحت إسرائيل بتوريد تلك المواد بشكل محدود ولفترة لم تتجاوز الشهرين قبل أن تعود لتمنع إدخالها في أكتوبر من العام الماضي ردا على اكتشافها نفق أرضي يمتد من داخل القطاع إلى داخل أراضيها.
وسمحت إسرائيل بعد ذلك في ديسمبر من العام نفسه بإدخال مواد البناء بكميات محدودة لصالح المؤسسات الدولية وحظره على التجار المحليين.
وتعهدت الدول المانحة الأحد الماضي، بجمع مبلغ 5.4 مليار دولار يخصص نصفه لصالح إعادة إعمار قطاع غزة خلال مؤتمر دولي عقد في القاهرة برعاية مصرية ونرويجية.
وبالنسبة لحركة حماس، فإن عدم انتظام توريد مواد البناء وبالتالي المباشرة بإعادة الإعمار حتى الآن يمثل "انتهاكا" من قبل إسرائيل لاتفاق وقف إطلاق النار الذي أنهى التوتر في القطاع.
ويقول القيادي في الحركة صلاح البردويل ل((شينخوا)) "الإعمار حتى الآن لم ينفذ وإن كنا سمعنا كلاما كثيرا وعقدنا اجتماعات لهذا الغرض مع الأمم المتحدة والسلطة الفلسطينية لكن لا نتائج على الأرض".
ويضف البردويل "حتى الآن دخول مواد البناء لم يتم ويتأرجح وهو أمر تتحمل مسئوليته كذلك الأطراف الإقليمية والدولية التي عليها أن تنفذ وعود الإعمار دون تأخير كونه جزء من استحقاق استمرار اتفاق وقف إطلاق النار".
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn