تعليق: التناقضات الكثيرة في التحالف الامريكي ـ التركي

وصل نائب الرئيس الأميركي جو بايدن الى تركيا يوم 21 نوفمبر الجاري في أحدث مساعي المسؤولين الأميركيين لدفع تركيا نحو تصعيد دورها في الحرب المسلحة ضد " الدولة الاسلامية". وتخفي الابتسامة التي ظهرا بها كل من جو بايدن و داوود أوغلو في وسائل الاعلام مشاعر سيئة وعمق الشقاق بين البلدين.

تعتبر تركيا حليفا تقليديا لأمريكا وعضو فاعل في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، إلا أن العلاقات بين البلدين تشهد توترا مستمرا في السنوات الأخيرة. وتركيا حليف امريكا وعدو اسرائيل آخر في الشرق الاوسط، والداعم القوي لحكومة جماعة اخوان المسلمين في مصر.وتعتقد امريكا أن موقف تركيا بشأن شنها الحرب المسلحة ضد " الدولة الاسلامية" يختلف بين الظاهر والباطن،بالرغم من اعراب تركيا علنا عن دعمها لهذه الحرب.فأين جوهر التناقض في الصراع الامريكي التركي ؟ امكانية الحفاظ على التحالف بين البلدين ؟

أولا، تركيا لديها تحفظات قوية بشأن الاستراتيجية الامريكية اتجاه سوريا. حيث قالت الحكومة التركية مرارا وتكرارا أن تركيا مستعدة للمشاركة في الحرب المسلحة ضد " الدولة الاسلامية" ولكن بشرط أن تدعم امريكا حربها ضد النظام بشار الاسد اولا ثم " الدولة الاسلامية"، لكن امريكا ليس لديها النية في استخدام القوة ضد النظام السوري في الوقت الحاضر.وفي الوقت نفسه، هناك انتقاد امريكا مبطن لتركيا بشأن سماحها بعبور الراغبين بالالتحاق بـ " داعش" من خلال أراضيه ،في حين نفت تركيا بشدة ذلك.

ثانيا، الخلاف بشكل عام بين تركيا وأمريكا في القضية الكردية. حيث تعتبر الحكومة التركية " اكراد سوريا " هو امتداد لـ " اكراد تركيا "، ولا ترغب رؤية التعاون بينهما. في حين تصنف امريكا وحلف الناتو "اكراد تركيا " كنمظمة ارهابية"، ولكنها تريد الاعتماد عليهم وعلى " اكراد سرويا" في محاربة العدو " الدولة الاسلامية" ولا تريد أي تردد من تركيا في قبول الاقتراح، وهذا السبب وراء استياء تركيا وقلقها الشديد.

ثالثا، تركيا مستعدة لأن يدرب الناتو " الجيش السوري الحر" لمعارضة نظام الاسد، ولكنها تطلب من امريكا حث مجلس الامن لاقامة المنطقة العازلة ومنطقة للحظر الجوي في شمال سورية، وفي هذا الصدد، فإن امريكا ليست مهتمة، وتتطلع الى فتح تركيا لمطارها في المناطق الحدودية مع سوريا مما يقصر الطريق 4/5 لشن غاراتها الجوية ضد " الدولة الاسلامية"، ولا تحتاج الى مرور حاملات طائرات عبر الخليج الفارسي، في حين تستمر تركيا في الرفض .

وبالإضافة إلى ذلك، اظهرت تركيا منذ وصول اردوغان الى السلطة لون الدبلوماسية المستقلة القوية واللون الاسلامي، وهذا لا يسعد كثيرا امريكا، ويقلق الاتحاد الاوروبي ايضا. وعلى الرغم من الخلاف المستمر بين امريكا وتركيا، إلا أنه لا يمكن استبدال دور تركيا الهام في الاستراتيجية الجيوسياسية. لأن تركيا قريبة من واوكرانيا بينهما البحر الاسود ، و الدولة الاسلامية الوحيدة في حلف شمال الاطلسي، وحاجز استراتيجي لمنع روسيا دخول البحر الابيض المتوسط، والدولة الوحيدة في الناتو المجاورة لمصر ، والعراق، وسوريا ، واسرائيل ، وايران. لذلك، فإنه مهما كان مستوى رضا امريكا على اردوغان، إن موقع تركيا الاستراتيجي ودوره يفرض على امريكا التمسك بتركيا وعدم نيتها التخلي عن علاقاتها.