في ظل الاضطرابات غير المسبوقة التي تعصف بمنطقة الشرق الأوسط، أصبحت كلمة " الفوضى" الاعتقاد الأوسع الشائع في أذهان عموم الناس بمجرد ذكر المنطقة. في الواقع ، تعيش منطقة الشرق الاوسط حالة من الفوضى منذ الحرب العالمية الثانية، حيث شهدت المنطقة العديد من القضايا الساخنة واحدة تلوى الاخرى. لكن،لا يمكن أن نغطي عيوننا وإنما ينبغي ان نرى ايضا أن الاضطرابات لم تمس كامل منطقة الشرق الاوسط، وإنما بعض الدول فقط ، كما أن معظم تلك الاضطرابات تم السيطرة عليها، وأن دول عربية كثيرة تشهد استقرارا نسبيا وتنمو طبيعيا.
في الواقع، استمرت الاضطرابات في عديد من دول منطقة الشرق الاوسط في عام 2014. حيث شهدت بعض المناطق في العراق وسوريا سيطرة من قبل تنظيم " الدولة الاسلامية" وتعايش برلمانين وحكومتين في ليبيا، شدة المعركة بين ميليشيات علمانية وأخرى إسلامية في ليبيا، فشل محادثات السلام الفلسطينية الاسرائيلية مرة أخرى، اندلاع الصراع العسكري المأساوي استمر 50 يوما بين حماس وإسرائيل، واستمرار توتر الوضع بالرغم من وقف اطلاق النار، ومجموعة متنوعة من الصراعات الصغيرة، واعادة انتخاب الرئيس السوري بشار الاسد، يزيد من موطئ قدمه ، في حين لا تزال امريكا تصر على تنحيته من الحكم، وتستمر الحرب الاهلية، وتزيد " الدولة الاسلامية " الوضع تعقيدا، تمديد الموعد النهائي للمحادثات النووية الايرانية مرتين، وفشل في التوصل الى اتفاق نهائي، ما ادى الى تأجيلها مرة أخرى حتى 30 يونيو عام 2015.
ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى:ـ أولا، توقف الموجات الاحتجاجية الحاشدة في سوريا، وعدم انتشارها الى البلدان الأخرى، علاومة على ذلك، هدأت موجة الاحتجاجات في معظم الدول العربية واستعادت الاستقرار. ثانيا، مصر وتونس بين الدول العربية الاربعة التي شهدت التغيير يبرز فيها آفاق الاستقرار. خاصة في مصر، استقالة وزير الدفاع المصري عبد الفتاح السيسي من منصبه ، لينتخب بأغلبية ساحقة رئيسا للبلاد، مما يدل على أن الشعب المصري بعد 4 سنوات من الاضطرابات اختار ان تقمع القوات العسكرية والقوى العلمانية القوى الاسلامية بعد ان فشل محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين في الحكم وفقدان ثقة الشعب،وعكس استفادة جماعة الاخوان المسلمين من الاضطرابات على زخم الصعود. ويعتبر اتجاه التغيير في مصر مهم للغاية لكونها قوة اقليمية والرائدة في العالم العربي. وأن تاثير نجاح التغيير في مصر ايجابي على استقرار المنطقة.ثالثا، ظلت القوى الاقليمية الاخرى مثل المملكة العربية السعودية وإيران وتركيا اسرائيل، الجزائر مستقرة برغم من الكثير من المتاعب التي واجهتها. رابعا، تراجع الهيمنة الامريكية في المنطقة لتحول تركيزها الاستراتيجي نحو أسيا والمحيط الهادئ، وتنفيذ إستراتيجية " إعادة التوازن " في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وخفض تتدخلاتها في الشرق الاوسط، وضعف قدرتها على قيادة نسبيا. حيث لم تنفذ " التدخل الجديد" فحسب،وإنما سعت الى تحقيق الإستقرار وتجنيب المنطقة الاضطراب أيضا. كما أن اعادة انتخاب بشار الاسد جعل امريكا لا حول ولا قوة لها، وإصرارها على الالتزام بعدم ارسال القوات البرية في ظل الحرب ضد تنظيم " الدولة الاسلامية"يوضح هذا الاتجاه تماما.
الخلاصة، يبدو أن الوضع في الشرق الاوسط يتجه نحو " استمرار الاضطرابات في بعض الدول، السيطرة على الاضرابات في البعض، وحفاظ على الاستقرار نسبيا والنمو الطبيعي في البعض الاخر" .
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn