بقلم/الدكتور تيان ون لين، باحث مساعد بمعهد الصين للعلاقات الدولية المعاصرة
إن صعود القوى الارهابية المتطرفة في السنوات الاخيرة حقيقة لا جدال فيها. وما يثير القلق أن العشرات من المنظمات الارهابية والمتطرفة في مختلف انحاء العالم تعلن دعمها وولائها لتنظيم " الدولة الاسلامية". وذكر تقرير نشرته هيئة الاذاعة البريطانية "بي بي سي"، أن 5000 شخص قتلوا على يد الجهاديين حول العالم في نوفمبر 2014، و 2000 منهم قتلوا على يد تنظيم " الدولة الاسلامية". ويثير موضوع حاجة ترقية الهجمات الجوية التي يشنها التحالف الدولي الى " حرب على الإرهاب " نقاشات واسعة النطاق في المجتمع الدولي.
تعتبر امريكا اكبر المدافعين على الحرب ضد الارهاب، ولكن السؤال هو ما إذا كانت امريكا مستعدة للعودة لمحاربة الارهاب في الشرق الاوسط ؟ ومن المنظور الحالي، فإن هذا الاحتمال ليس كبيرا.
أولا، الاتجاه المخالف لإستراتيجية امريكا. بعد تولي أوباما منصبه عام 2009، شهدت توجهات السياسة الخارجية الامريكية بعض التعديلات: من ناحية، التكثيف في الانكماش الاستراتيجية الامريكية في الشرق الاوسط، التدخل الامريكي الضئيل أو كاد أن يكون معدوما في قضايا الشرق الاوسط. وقبل خمس سنوات، كان إجمالي عدد القوات الامريكية في منطقة الخليج 23 ألف جندي، أما اليوم أقل من 5000 جندي. من ناحية اخرى، صعود الاستراتيجية الأمريكية جديدة وهي التوجه شرقا نحو آسيا لاحتواء الدول الناشئة. ووفقا للاستراتيجية الامريكية في آسيا فإنه سوف يتم نشر 60% من قواتها في منطقة آسيا والمحيط الهادئ مستقبلا. كما أن عودة امريكا الى محاربة الارهاب في الشرق الاوسط عكس اتجاه دبلوماسية اوباما.
ثانيا، نقص القوات والمالية الامريكية. حيث تبلغ قيمة الديون الامريكية حاليا اكثر من 17 تريليون دولار، والتخفيض في الانفاق العسكري. وانخفض عدد القوات من 570 ألف سابقا الى 505 الف حاليا، وسوف ينخفض أيضا الى 490 ألف بحلول نهاية 2015. وتخطط أمريكا في" العودة إلى آسيا"، وتريد احتواء روسيا من خلال القضية الاوكرانية، وبالحاجة الى ضرب تنظيم " الدولة الاسلامية" في الشرق الاوسط، وتحقيق هذه الاهداف الاربعة في ظل ضعف قدراتها جعلها غير قادرة على الاستمرار.
ومن المنظور العملي، فإن تهديدات تنظيم "الدولة الاسلامية" للمصالح الامريكية محدودة، في المقابل، فإنه لا ضرر من وجود تنظيم " الدولة الاسلامية" على امريكا.
أولا، تنظيم " الدولة الاسلامية" يهدف الى تقسيم منطقة الشرق الاوسط. حيث أن أمريكا بوصفها البلد الحر خارج اوراسيا، فإن استمرار الاقتتال الداخلي من اجل تقسيم اوراسيا احد اهدافها الاستراتيجية ، ونجاح استراتيجية " فرق تسد" يساعد امريكا على مواصلة الحفاظ على الهيمنة العالمية. وأصدر مركز التفكير الامريكي تقريرا عام 1996، اكد أن اعادة تشكيل اقليم الشرق الاوسط ضروري لحماية المصالح الامريكية الوطنية. كما أيد الرئيس الامريكي جورج بوش الابن استراتيجية " الفوضى الخلاقة" واستغل المشاكل العرقية والقبلية وخطوط الصدع الطائفي في العالم العربي لاعادة تشكيل العالم " العربي ـ الاسلامي"، من أجل حماية الامن والمصالح الامريكية. ومن أهم اهداف صعود صعود تنظيم " الدولة الاسلامية" هو تدميرمعاهدة سايكس بيكو ومحو الحدود التي اقرت بين البلدان، الامر الذي يفاقم موضوع اتجاه تقسيم منطقة الشرق الاوسط.
ثانيا، صعود تنظيم " الدولة الاسلامية" يوفر رقائق البطاطس لتنفيذ امريكا سياسة التوازن خارج الشرق الاوسط. وتسلط السياسة الامريكية في الشرق الاوسط الضوء على التحريض على الصراعات، وتنفيذ سياسة " فرق تسد". وشنت ادارة بوش الابن سلسلة من الحروب في افغانستان والعراق اضرت كثيرا بالبيئة السياسية في الشرق الاوسط، وشهدت البيئة الجيوسياسية لايران تحسنا بشكل ملحوظ، افقد امريكا رقائق تنفيذ سياسة التوازن الاقليمي. ومع تعجيل امريكا في الانكماش الاستراتيجي في الشرق الاوسط، فإنها بحاجة الى ايجاد قوات مسلحة سنية لكبح ايران. و إن تنظيم " الدولة الاسلامية" يتميز بقوة قتالية عالية وهو عدو طبيعي لايران، ويمكنه الحد من زخم التوسع " الهلال الشيعي " الذي تمثله إيران ، مما يساعد أمريكا على تنفيذ سياسة التوازن الخارجي.
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn