تعليق: اسباب وخفايا نشر شائعة "تحالف عربي اسرائيلي" في الحرب ضد الحوثيين فى اليمن

وفقا لتقارير نشرتها وسائل الاعلام الروسية، قال حسن زيد الأمين العام لحزب الحق اليمني لوكالة أنباء فارس الإيرانية شبه الرسمية، أن اسرائيل تتحالف لأول مرة مع الدول العربية في الحرب ضد الحوثيين في اليمن، حيث يشن الطيران الاسرائيلي غارات جوية ضد الحوثيين في اليمن جنبا لجنب مع القوات السعودية. وقال حسن زيد أن " الحرب على اليمن تمت بقرار من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. "

والمفروض أن خبر هام مثل " تحالف عربي إسرائيلي " يثير ضجة كبيرة في الرأي العام العالمي، لكن الغريب أن وكالة انباء فارس الايرانية لم تكترث بالخبر، وركزت تقاريرها على المفاوضات النووية الايرانية وانتقاد ايران حول شن التحالف بقيادة السعودية ضربات جوية ضد الحوثيين في اليمن. كما ساد وسائل الاعلام الرئيسية والشبكات الاجتماعية في الغرب والشرق الاوسط صمت ايضا. وإن موقف الرأي العام كافي ليثبت أن الخبر مجرد شائعات. 

ويمكن للمحلل أن يتوصل الى نفس النتيجة دون النظر الى موقف الرأي العام والتعاليق القليلة. من الناحية الاجرائية، فإن العمل السياسي اليد العليا للعمل العسكري. وإذا كانت اسرائيل تريد حقا الانضمام الى القوات والأنظمة العربية السنية، فإنها تبدأ بالخطوات الاولى والتواصل مع السعودية ودول اخرى من خلال القنوات الدبلوماسية، والقيام بالمفاوضات الداخلية وتجهيز الرأي العام لهذه التغيرات الكبيرة في الدبلوماسية الاسرائيلية، لكن لا يوجد أي دليل يؤكد ذلك. من ناحية الممارسة،كان الجيش الاسرائيلي في الماضي ينشر بيانا صحفيا إذا ما قام بشن غارات جوية ضد سوريا وحزب الله وقطاع غزة، لكن خبر مشاركة اسرائيل في الضربات الجوية ضد الحوثيين في اليمن، لم يتم الإعلان عنه. ومن ناحية القوة العسكرية، لدى السعودية ودول التحالف الاخرى ميزة مطلقة سواء في السماء او على الارض في شن ضربات جوية ضد الحوثيين في اليمن، وليست بحاجة الى دعوة اسرائيل للمشاركة في العملية العسكرية. 

من الواضح، عدم مصداقية خبر انضمام اسرائيل في العمليات المسلحة ضد الحوثيين في اليمن، وأنه مجرد وسلة لخلط الاوراق والتشكيك في الدور الحقيقي وراء شن الحرب. كما يمكن القصد من هذه الشائعة اثارة الضجة وحرب اعلامية.وإذا كان القصد من نشر هذه الشائعة خلق حرب اعلامية فإنه من المرجح ان يكون فندق في لوزان في سويسرا مقر انعقاد المفاوضات النووية الإيرانية المصدر تحفيز الشائعة.

شائعة "تحالف عربي اسرائيلي" في الحرب ضد الحوثيين فى اليمن بطاقة يمكن ان يقترضها كلا الطرفين. فقد عارضت اسرائيل المفاوضات النووية الايرانية. وانتقاد نتنياهو في خطابه في مارس أمام الكونجرس الأمريكي سياسة إدارة أوباما في المفاوضات النووية الايرانية ادى الى فتح خلافات بين الطرفين. ولهذه الغاية، أعلن الرئيس الامريكي باراك اوباما ان تحقيق السلام العربي الاسرائيلي لم يعد هدف الدبلوماسية الامريكية في فترة رئاسته. و شائعة "تحالف عربي اسرائيلي" توفر تلميح الى ان اسرائيل يمكن أن تحقق التعاون مع العالم العربي، وليست بحاجة الى الوساطة الامريكية.

كما يمكن لإيران باعتبارها طرف في المفاوضات النووية الايرانية ان تقترض شائعة "تحالف عربي اسرائيلي". حاليا، تركز مفاوضات لوزان حول النووي الإيراني على جانبين: أولا، إمكانية السماح لإيران بتشغيل أجهزة الطرد المركزي في منشأة تخصيب فوردو، لوقف تشغيل المنشآت النووية الاخرى. ثانيا، امكانية تحمل المجتمع الدولي نجاح عملية التفتيش الفعالة. ويثبت التحالف العسكري بين اسرائيل والعرب أن المخاوف الامنية الايرانية منطقية ومن حقها تطوير وامتلاك النووي. مما يساعد ايران على عدم تقديم تنازلات على طاولة المفاوضات بسهولة ، ويبقى دوره الايجابي نسبيا في الجيوسياسي. 

وبالنسبة للمجتمع الدولي، فإن المفاوضات النووية الايرانية ذات اولوية من الحرب الحالية في اليمن في الشؤون الدولية. ونشر شائعة "تحالف عربي اسرائيلي" في مثل هذه اللحظة الحرجة، سيؤدي الى زيادة تعقيد وصعوبة المفاوضات النووية الايرانية. لذلك، بالرغم من عدم تصديق هذه الشائعة ، لكن قد يكون لها قيمة ما .