بقلم/ دينغ يوان هونغ، سفير الصين سابق لدى الاتحاد الاوروبي ومدير سابق لقسم الابحاث السياسية التابع لوزارة الخارجية الصينية
شهد العالم مؤخرا حدثين مهمين احرجا امريكا الى حد كبير. الحدث الاول، اعلان الحكومة البريطانية انها تعتزم الانضمام الى الدول المؤسسة للبنك الاسيوي للاستثمار في البنى التحتية الذي تقاومه امريكا بشدة. والحدث الثاني،تشكيل السعودية اهم حليف امريكا في الشرق الاوسط و10 دول عربية اخرى تحالف عربي لشن غارات جوية ضد جماعة الحوثيين في ايران المدعومة من ايران، والمشاركة في حرب اهلية مباشرة في اليمن. و نرى ان هذين الحدثين غير متصلين،لكن في الواقع هناك نقطة مهمة مشتركة ،وهما حدثان نتيجة لسياسة دبلوماسية امريكة خاطئة. ويمكن ان نرى من زاوية اخرى أن النظام العالمي الاحادي القطب الذي حاولت امريكا بنائه على مدى سنوات لا يستطيع الاستمرار.
دعت الصين لبناء بنك الاستثمار الاسيوي نظرا للحاجة الملحة لتلبية التنمية الاقتصادية في العديد من البلدان في آسيا، مما لقيت استجابة وترحيب كبير من العديد من الدول الآسيوية والعالم.ووفقا لتقديرات البنك الاسيوي للتنمية ،فإنه خلال الفترة من 2010-2020، بلغ مجموع الاستثمارات في البنية التحتية في الدول الآسيوية ما مجموعه 8 تريليون دولار. ومع ذلك، فإن الآليات المالية الدولية القائمة التي تسيطر عليها المصلحة الامريكية ترفض توفير التمويل اللازم لكثير من البلدان النامية في آسيا، والأموال الاضافية تقدم تحت شروط سياسية قاسية. وقد حاولت امريكا منذ البداية عرقلة انشاء البنك الاسيوي للاستثمار، من اجل الحفاظ على مركز المهيمن في النظام المالي العالمي، كما قامت بالضغط على استراليا وكوريا الجنوبية وغيرهم لمنعهم من الانضمام الى البنك. وبدأت امريكا تنتقد سياسة الدول الاوروبية بعد اعلان بريطانيا وحلفائها الاوروبيين عن انضمامهم الى بنك الاسيوي للاستثمار وتشجيعهم للمبادرة.ونشر وزير الخزانة الأمريكي السابق لورانس سامرز يوم 5 ابريل الجاري مقالا في "واشنطن بوست"، ينتقد ممارسات الحكومة الامريكية اتجاه البنك الآسيوي للاستثمار، والفشل الامريكي مرة اخرى في استراتيجية الاقتصادية العالمية، ودعا امريكا " للاستيقاظ واقعية".
كما ان تجاهل ادارة اوباما مصالح حلفائها في الشرق الاوسط منذ بداية " الربيع العربي"، جعل السعودية الحليف الرئيسي لأمريكا في المنطقة غير راضية وأصبحت اكثر شراسة بعد ان توقفت امريكا فجأة عن دعمها في العملية العسكرية ضد نظام بشار الاسد والسعي لتحقيق المصالحة مع ايران عدوها الرئيسي. كما يصعب التكهن من أن هدف السعودية من تدخلها في الحرب الاهلية في اليمن هو لإعاقة المصالحة بين امريكا وايران، ولكن المعروف والواضح هو الوضع القاتم للحرب بالوكالة التي تقودها السعودية وايران في اليمن. في حين، أن امريكا اعربت دعمها للغارات الجوية التي تشنها السعودية ضد اليمن، ومن ناحية اخرى شدد ايضا على ان الوضع في اليمن لا يؤثر على التوصل الى اتفاق نهائي بين امريكا وإيران بشأن القضية النووية. ونشرت مجلة "تايم" الأمريكية التي سوف تصدر يوم 13 ابريل الجاري مقالا يبين المشكلة الكبيرة التي يواجهها اوباما في حال تبادل اطلاق النار بين السعودية وإيران في الشرق الاوسط بغض النظر عن النتيجة النهائية للمحادثات النووية بين امريكا وإيران ،ويصبح كيفية التعامل مع الحرب بالوكالة بين السعودية وإيران اهم تحدي يواجهه اوباما على مدى سنوات رئاسته.
أمريكا في ورطة حقيقية سواء بالنسبة للبنك الآسيوي للاستثمار او قضية العلاقات السعودية الايرانية، والجميع يلومها. والسبب وراء ذلك، اتجاه الوضع العالمي نحو التعددية القطبية الذي بات واضحا جدا، وعدم قدرة امريكا على الحفاظ على النظام العالمي احادي القطب.
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn