تحقيق: تقنين زراعة الحشيش مثار جدل في المغرب

الرباط 9 يوليو 2015 / باتت زراعة الحشيش، التي كانت تعتبر من المحرمات ولأول مرة موضوعا يناقش تحت قبة البرلمان، بل تطرح مبادرة لترخيص هذه الزراعة في البلاد وسن قانون لاستخداماته الطبية والصناعية.

ففي خطوة غير مسبوقة أثارت أحزاب سياسية مغربية موضوع تقنين استعمال نبتة "الكيف" أو القنب الهندي طبيا وصناعيا، بل وعد حزب معارض بإعداد مقترح قانون لطرحه للنقاش في هذا الصدد، وذلك خلال جلسة دستورية أمس الأربعاء داخل البرلمان خصصت لمساءلة رئيس الحكومة بشأن عدد من القضايا.

وفي رده، قال رئيس الحكومة المغربية عبد الاله ابن كيران إن تقنين زراعة القنب الهندي ليس من صميم سياسة الدولة، معربا عن يقينه باستحالة إمكانية استعمال نبتة القنب الهندي في صناعة الأدوية والعطور ومستحضرات التجميل.

ويبلغ إنتاج المغرب من الحشيش، حسب تقديرات التقرير السنوي للمكتب الأمريكي الخاص بتتبع ومكافحة المخدرات في العالم، 2000 طن سنويا، منها 1500 طن توجه إلى دول الاتحاد الأوروبي.

وبرأي رئيس الحكومة فإن تقنين زراعة القنب الهندي لا يمكن ان يشكل حلا لهذه الاشكالية.

كما أن الترويج لتقنين هذه الزراعة أو الادعاء بتوفير الحماية للأشخاص الضالعين فيها خارج القانون هو فقط من قبيل بيع الوهم للسكان المعنيين، والسعي لتحقيق مكاسب سياسية ضيقة لا تنسجم مع المواقف الثابتة للدولة المغربية والتزاماتها الدولية لمكافحة هذه الزراعة، حسب رئيس الوزراء.

وذكر أن السلطات العمومية بذلت وتبذل ولا تزال مجهودات مهمة لمكافحة هذه الزراعة في نفس الوقت الذي تعمل فيه على محاولة ايجاد خيارات بديلة للدفع بعجلة التنمية بالأقاليم الشمالية للمملكة.

وكان حزب "الأصالة والمعاصرة" المعارض قد نظم مؤخرا ندوة دولية بمقر البرلمان تحت عنوان "دور الاستعمالات الايجابية لنبتة الكيف في خلق اقتصاد بديل".

وبحسب الحزب المعارض فإن اللقاء الذي حضره مختصون مغاربة وأجانب يهدف إلى "خلق نقاش أوسع حول إمكانيات الاستعمال القانوني طبيا وصناعيا لهذه النبتة، على غرار تجارب دولية عديدة".

وأثار المقترح الكثير من الجدل وحفيظة البعض، وخاصة علماء الدين الذين اعتبروا أن الهدف من القانون هو نشر الحشيش في أوساط الشباب المغربي.

فقد دعا الشيخ مصطفى بنحمزة، أبرز علماء الدين المعتدلين في المملكة وعضو المجلس العلمي الاعلى، وهو أعلى هيئة دينية بالمغرب، للتصدي لهذه المبادرة لأنها برأيه "تتناقض مع الشريعة الإسلامية".

وقال بنحمزة إن الأمر يتعلق بمحاولة تتخذ غطاء طبيا، ولكن هدفها الخفي هو تشريع استهلاك الحشيش في المغرب.

وأوضح أن المبادرة تتناقض مع الشريعة الإسلامية بناء على قاعدة "ما يسري على الكثير يسري على القليل"، في إشارة إلى "تقنين" الاستعمال الطبي والصناعي للحشيش.

لكن حكيم بن شماس عضو أمانة حزب (الأصالة والمعاصرة)، برر هذا المشروع بكونه "سيتخلص من حالة النفاق الاجتماعي السائدة في المغرب، حيث الجميع يعلم بهذه الزراعة ولكن الجميع يخاف من الحديث عنها علانية".

وهو نفس ما أكد عليه شكيب الخياري الناشط الحقوقي وصاحب أول مبادرة من أجل وضع قانون ينظم زراعة الكيف في المغرب.

وترفض الحكومة المغربية مرارا الخوض في هذا الملف بحجة أنه مرتبط بالتزامات المغرب الدولية ولتشعبه وتعقده.

كما أنها تعتبر طرحه حاليا للنقاش من قبل أحزاب المعارضة الهدف منه هو حسابات سياسية انتخابية حيث يقبل المغرب على تنظيم العديد من الانتخابات العام المقبل.

وحسب إحصائيات صادرة عن وزارة الداخلية المغربية فإن حوالي 90 ألف عائلة مغربية، أي ما يعادل 700 ألف مغربي، يعيشون من عائدات هذه النبتة، خاصة في مناطق الريف شمال المغرب.

وكشفت الأرقام الرسمية الصادرة عن الحكومة المغربية أن هناك انخفاضا في زراعة حشيشة "الكيف" بنسبة 60 بالمائة خلال السنوات العشر الأخيرة، واقتصارها على نحو 50 ألف هكتار.

كما كشفت أرقام حديثة لوزارة العدل بأن المعتقلين بالسجون المغربية في قضايا المخدرات يمثلون 25 في المائة من نزلاء المؤسسات السجنية.

وأشارت المصادر ذاتها إلى أنه يتم سنويا إيقاف 30 ألف شخص في قضايا المخدرات.

وبدأت عدد من دول العالم تقنين استعمال نبتة الكيف طبيا، من بينها هولندا، إسبانيا، إيطاليا، ألمانيا، بريطانيا ، كندا، استراليا، ومؤخرا جمهورية التشيك.