كتبه: محمد أبو الرب واسامة راضي
رام الله/ غزة 15 يوليو 2015 (شينخوا) يرى مراقبون فلسطينيون أن إرجاء إعلان التعديل الوزاري على حكومة الوفاق الفلسطينية يعكس الخلافات بشأن مصيرها في ظل التعثر الحاصل في جهود إنهاء الانقسام الفلسطيني الداخلي.
وأبلغ الرئيس الفلسطيني محمود عباس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية يوم 30 من الشهر الماضي تكليفه رئيس الوزراء رامي الحمد الله بإجراء "تعديل وزاري طفيف" على حكومة الوفاق الحالية.
وفي حينه أعلن مسؤولون فلسطينيون أن التعديل المنوي إجراءه على الحكومة هو فني وليس سياسيا ولن يتجاوز أربع إلى خمس حقائب وزارية فقط، من دون تحديد موعد رسمي لإعلان التعديل.
وفيما كانت أوساط فلسطينية ترجح أن يتم إعلان التعديل خلال أيام من صدور التكليف من عباس خاصة أنه جاء بناء على طلب من الحمد الله، فإن ذلك لم يتحقق وتم إرجاؤه لأكثر من ثلاثة أسابيع.
وبهذا الصدد، قال أمين سر المجلس الثوري لحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) أمين مقبول لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن إعلان التعديل الوزاري تم إرجاؤه إلى ما بعد إجازة عيد الفطر.
وبرر مقبول هذه الخطوة بأن المشاورات لم تستكمل بشأن إتمام التعديل "خاصة بعض الأمور الفنية التي تجري لاختيار الوزراء الجدد"، نافيا وجود "عوائق جوهرية" أمام إعلان إتمام التعديل.
وكان الإعلان عن النية بإجراء التعديل الوزاري جاء بعد أسبوع من قرار اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير تشكيل لجنة فصائلية لإجراء مشاورات بشأن إمكانية تشكيل حكومة وحدة وطنية من دون أن تكلل هذه المساعي بالنجاح.
ولاحقا أعلن مسؤولون في حركة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية أن مشاورات تعديل حكومة الوفاق "أمر يخص الرئيس عباس ورئيس الوزراء ولن يتم التشاور بشأنه مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس)".
وردت حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة منذ بدء الانقسام الداخلي منتصف عام 2007 بإعلان رفضها قرار عباس "المنفرد" بإجراء تعديل وزاري على حكومة الوفاق.
واعتبرت الحركة في بيان بهذا الخصوص تلقت ((شينخوا)) نسخة منه، أن أي تعديل منفرد على تركيبة الحكومة يمثل "انقلابا على اتفاق المصالحة الذي أعلنت بموجبه الحكومة".
وسبق أن اشترطت حماس التوافق على تشكيل حكومة وحدة جديدة أو حتى إجراء تعديل وزاري على حكومة الوفاق الحالية، محذرة من أن أي خطوة بخلاف ذلك سيجعل الحكومة لا علاقة لها بتفاهمات المصالحة.
واتفقت الجبهتان الشعبية والديمقراطية لتحرير فلسطين في موقفيهما مع حركة حماس بشأن معارضتهما إجراء تعديل وزاري على حكومة الوفاق، لكنهما طالبتا بتشكيل حكومة وحدة وطنية بمشاركة كافة الفصائل.
وقال نائب الأمين العام للجبهة الديمقراطية قيس عبد الكريم ل(شينخوا) إن الجبهة لا تشارك بمشاورات التعديل الوزاري ولا تعتقد أن إعلان إتمامه من شأنه حل الأزمة الحكومية القائمة.
واعتبر عبد الكريم أن "جوهر الأزمة الفلسطينية الداخلية هو سياسي ويكمن في عجز حكومة الوفاق عن تجاوز عقبات أداء مهامها المفترضة بتوحيد المؤسسات الفلسطينية وإنهاء الانقسام والتحضير لانتخابات عامة".
وأضاف أن "الوضع الحالي يتطلب بإلحاح تشكيل حكومة وحدة وطنية تشارك فيها جميع الفصائل الموقعة على اتفاقات المصالحة وتتولى تنفيذ المهمات الثلاث المذكورة من دون تحديد سقف زمني محدد لهذا الهدف".
ودعا عبد الكريم إلى إطلاق حوار فلسطيني شامل للبحث الجدي في تشكيل حكومة الوحدة الوطنية مع تجاوز الاشتراطات المسبقة لذلك للتغلب على عقبات إتمام التعديل الوزاري ومخاطر إعلانه دون توافق وطني.
بدورها، اعتبرت الجبهة الشعبية في بيان أن قرار إجراء تعديل وزاري على حكومة الوفاق يمثل "تعميقا للأزمة الداخلية التي تتفاقم مع استمرار إدارة الظهر لإتفاق المصالحة بكل ملفاته".
وشددت الجبهة على أن "طريق الخلاص من هذا الواقع المظلم يكمن مرة أخرى في توفر الإرادة السياسية من خلال الوفاء لاتفاق المصالحة والالتزام الكامل بتنفيذه".
كما دعت إلى الإسراع في دعوة الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية للانعقاد مع ضمان انتظام اجتماعاته لمعالجة كل ما يعترض طريق المصالحة بمسؤولية وشراكة لا بد منها.
وفي السياق، أكد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير وأمين عام الجبهة العربية الفلسطينية واصل أبو يوسف، على الحاجة للاتفاق فلسطينيا على إستراتيجية وطنية جامعة تشكل محط إجماع لكل الأطياف الفلسطينية للخروج من المأزق الداخلي الحالي.
وقال أبو يوسف ل(شينخوا) إن الوضع الفلسطيني يواجه انغلاقا تاما في ظل انسداد أفق عملية السلام مع الحكومة الإسرائيلية الحالية التي تتنكر لحل الدولتين والانشغالات العربية والإقليمية الداخلية عن القضية الفلسطينية.
وأضاف أن "الحديث عن تعديل هنا أو إجراء هناك لا يكفي للنهوض بالوضع الفلسطيني بل المطلوب وحدة وطنية فعليا تقطع الطريق على الاحتلال الذي يحاول المراهنة على ضرب المشروع الوطني الفلسطيني بتكريس الانقسام".
وتفاقمت الخلافات بشأن التعديل الوزاري على حكومة الوفاق مع تصاعد الحديث عن جهود دولية متقدمة للتوصل إلى اتفاق تهدئة طويل بشكل ثنائي في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس يقوم على رفع الحصار عن القطاع.
ولم تنف حماس "تلقيها أفكارا" للتوصل إلى اتفاق تهدئة، لكنها أكدت أن أي خطوة على هذا الصعيد ستكون مرتبطة بالتوافق الوطني وألا تؤدي لتكريس فصل غزة عن الضفة الغربية، وهو ما حذرت منه الرئاسة الفلسطينية مرارا.
وبهذا الصدد، يرى الكاتب والمحلل السياسي عمر حلمي الغول ل(شينخوا) أن حماس ليست لديها بوادر الموافقة لا على تعديل وزاري ولا على تشكيل حكومة وحدة وطنية لرغبتها بالاحتفاظ بسيطرتها على قطاع غزة.
ويشدد الغول على أن "الوضع الفلسطيني برمته يشوبه الكثير من الأزمات والانسداد في أفق التسوية السياسية والمصالحة الداخلية، ما يجعل الساحة الفلسطينية بحاجة لحلول جذرية تقوم على التوافق الداخلي".
كما يؤكد الغول على الحاجة لإخراج العمل الحكومي من دائرة التجاذب بين الفصائل للتوجه من أجل إنجاز المهام المطلوبة على صعيد ترتيب البيت الداخلي الفلسطيني.
يشار إلى أن حكومة الوفاق الحالية تشكلت منذ عام بموجب تفاهمات للمصالحة بين وفد من منظمة التحرير الفلسطينية وحركة حماس غير أن الخلافات تواصلت بشأن تمكينها من العمل في قطاع غزة.
وتواجه الحكومة انتقادات مستمرة من حركة حماس التي تتهمها بالتقصير تجاه قطاع غزة وحل ملفاته خاصة دمج وصرف رواتب موظفي حكومتها المقالة السابقة في القطاع البالغ عددهم زهاء 45 ألف موظف وموازنات تشغيلية للوزارات فيه.
وعرضت الحكومة خطة لعودة موظفي السلطة الفلسطينية السابقين في غزة إلى عملهم على أن يتم بعدها دمج موظفي حكومة حماس السابقة ممن ما زالوا على رأسهم عملهم تدريجيا، الأمر الذي ترفضه حماس.
وتشتكى حكومة الوفاق من عدم تمكينها من بسط ولايتها على قطاع غزة خاصة إدارة الملف الأمني وإدارة المعابر في غزة، وسبق أن ألمحت إلى استمرار وجود حكومة "ظل" في القطاع تهيمن عليها حماس.
وأمام هذه المعطيات يحذر الكاتب والمحلل السياسي رجب أبو سرية من "إسقاط وصف التوافق" عن الحكومة في حال إعلان إتمام التعديل الوزاري عليها دون توافق مع حماس واحتمال خروج وزراء غزة منها.
ويقول أبو سرية ل(شينخوا) إن"الحكومة بعد التعديل إن لم تعد حكومة توافق بإعلان صريح من حماس أو حتى دون إعلان بالتعامل معها على أرض الواقع، لن تكون لا حكومة وحدة وطنية ولا حتى حكومة توافق".
ويخلص أبو سرية إلى أن الحكومة بعد التعديل المرتقب "لن تعود لها المهمة المحددة بإنهاء الانقسام وتوحيد المؤسسات وستتحول إلى ما يشبه حكومات تسيير الأعمال باعتبار أن التعديل سيصبح خطوة انتقالية لتجاوز استحقاق المصالحة".
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn