ذكر موقع "بلانتس" الروسي أن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، والرئيس الأمريكي باراك أوباوما والرئيس الروسي فلاديمير بوتن سيناقشون قريبا إتفاقية للسلام في سوريا. قبل ذلك، أجرى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظيره الأمريكي جون كيري 3 إتصالات هاتفية، تطرقت إلى آفاق حل القضية السورية، وإمكانية التنسيق العسكري الأمريكي الروسي، كما توصلا إلى إتفاق حول تفاصيل وقف إطلاق النار بين مختلف أطراف الصراع الدائر في سوريا. فهل يمثل الموقف الأمريكي الروسي منعرجا في النزاع الحدودي بين تركيا وسوريا؟
أكد الجانبان الأمريكي والروسي في هذه المحادثات على تنسيق التحركات العسكرية، ودفع محادثات السلام في سوريا، قبل ذلك، قام الجانبان بتنازلات متبادلة، وبادرا إلى كبح وتحذير حلفائهم.
ويأتي كبح الأمريكيين والروس على التتالي لتركيا ونظام بشار الأسد، في إطار مساعيهما لتخفيف حدة التوتر على الحدود التركية السورية، وإرسال رسالتين إلى المجتمع الدولي، مفادهما تعميق التوافق بين الجانبين، والعمل على دفع حل القضية السورية سلميا.
ويكمن وراء هذا التحرك الأمريكي الروسي مصالح وظروف مواتية. "بلغت الأزمة السورية مفترق طرق، وبصفتها رأس من رؤوس حرب الوكالة، كثفت أمريكا مؤخرا إتصالاتها وتنسيقها من أجل ضمان عدم تدخل أطراف أخرى في سياساتها ورؤيتها المتعلقة بضرب تنظيم داعش الإرهابي." يقول لي شاو شيان، مدير مركز دراسات العالم العربي بجامعة نينغشيا في مقابلة مع صحيفة الشعب اليومية.
من جهة ثانية، يشير مدير غرفة الدراسات الدبلوماسية بمركز الدراسات الأمريكية التابع للأكاديمية الصينية للعلوم الإجتماعية، يوان تشنغ، إلى الإتهامات التي وجهها الجمهوريون إلى أوباما بالتراخي في مقاومة الإرهاب، لذا فإن الموقف الأمريكي الأخير، إلى جانب أنه يأتي تحت ضغوط إنتخابية، يعكس أيضا رغبة أمريكية في لعب دور أكثر أهمية داخل الأزمة السورية.
من جهتها تقوم روسيا بإعداد واجبات بشار عوضا عنه، وتسعى إلى تثبيت حليفها في الشرق الأوسط وضرب تركيا، ترغب في التعاون مع أمريكا على دفع حل القضية السورية. في هذا السياق، قالت صحيفة "كومرسانت" الروسية، أن الدبلوماسي الروسي فيدالين إيفانوفيتش قد أكد على أن روسيا قد سخرت قوات سياسية ودبلوماسية وعسكرية كبيرة من أجل وقف إطلاق النار في سوريا، وقال أن روسيا تقدر حل المشكلة بطريقة لائقة اذا وافق الجانب السوري على تنفيذ خطط روسيا.
قبل ذلك صرح مبعوث الأمم المتحدة إلى الأزمة السورية، دميستورا أن محادثات جينيف بين الفرقاء السوريين قد دخلت وضع الجمود، ومن المتوقع أن تبدأ الجولة الثانية من المحادثات في 25 فبراير الجاري، لذا يهدف الموقف الأمريكي الروسي لتوفير أجواء أفضل للمحادثات، لأن الجانبين لايرغبان في التورط أكثر في النزاع الحدودي السوري التركي، ويأملان معالجة القضية سياسيا.
هل ستنصت تركيا وسوريا للأمريكا والروس؟
أمام الضغط الأمريكي الروسي والمواقف المشتركة، هل تتغير مواقف كل من تركيا وسوريا؟ في هذا الصدد، يرى لي شاو سيان، أن الموقف الأمريكي الروسي قد يكبح الجانبين التركي والسوري، لكن من الصعب التوصل إلى وقف إطلاق النار خلال أسبوع واحد. ورغم الإعتماد شبه الكلي من نظام بشار الأسد على روسيا، إلا أن المصالح الروسية السورية تختلف في بعض الجوانب. وبشير يوان تشنغ أيضا إلى أن الضغوط الأمريكية ستسهم في كبح تركيا، لكن ردود الفعل داخل سوريا ستكون أكثر تعقيدا، وهو مايصعب عملية وقف إطلاق النار.
ومن المتوقع أن تلجأ تركيا وروسيا إلى وقف عملياتهما العسكرية، قبل بداية الجولة القادمة من المحادثات، لكن تطور الأوضاع، سيرتبط بتوازنات الدول الإقليمية والدول الكبرى.
في ذات السياق، يرى الأستاذ المساعد بقسم التاريخ بجامعة بكين، زان تهاو، أن مصدر الأزمة التركية السورية يكمن في القضية الكردية، حيث سيمثل الأكراد تهديدا كبيرا في المستقبل، ومن الصعب حلها على المدى القصير.
وهل تتوسع النزاعات في حدود سوريا وتركيا في المستقبل؟ يرى لي شاو سيان أنه رغم الصراع الحامي بين الدول الإقليمية متمثلة في تركيا والسعودية من جهة وسوريا وإيران من جهة أخرى، لكن لن تجرؤ أي من هذه الدول بسهولة على إرسال قواة برية في الفترة القصيرة القادمة. وأن ذلك لن يكون إلا في إطار "حرب طليعية" من أمريكا وأوروبا. ونظرا لعدم كفاية قدرات الدول الإقليمية فلن تجرؤ على الدخول في حرب بمفردها.
تعليقا على ذلك، يرى يوان تشنغ، أن معالجة النزاع التركي السوري، والتوصل إلى حل سلمي للأزمة السورية، أو حتى إنهاء الفوضى في الشرق الأوسط، يحتاج إلى تضافر جهود المجتمع الدولي. والبحث عن قنوات التشاور السياسي، وبالنظر من الوضع الحالي، نجد أن مختلف الدول تتمسك بالتوصل إلى حل سلمي للأزمة السورية.
"أزمة منطقة الشرق الأوسط الحالية، تنبع من جذور تاريخية عميقة، حيث تتشابك الأزمات ببعضها بعض، لذا لم يكن هناك مفر من إندلاع إضطرابات طويلة في الشرق الأوسط، لكن الوضع العام تحت السيطرة أساسا." يقول زان تهاو.