واشنطن 4 مارس 2016 / مع تصدر دونالد ترامب سباق الترشح للرئاسة ممثلا للجمهوريين, أصبحت الانتخابات الرئاسية الامريكية دراما مسلية تكشف عن القصور في الديمقراطية التي نصبت من نفسها صاحبة المعيار العالى عالميا.
وقال وزير الخزانة الامريكي السابق لاري سامرز في مقالة أخيرة "يكشف صعود ترامب كيف أنه يمكن للعملية الديمقراطية ان تضل طريقها وان تتحول الى مادة سامة خطرة في الوقت الذي تعاني فيه البلاد من فشل اقتصادي وخوف سائد من المستقبل."
وفي الحقيقة انها انتخابات تتحدى المتعارف عليه وتتعارض مع الفكر والمنطق السليمين.
وكان ترامب, وهو دخيل سياسي ذى شخصية متهورة وله اوضاع اجتماعية متعددة, منها كونه عملاق عقارات ثري وزعيم مسابقات الجمال وعملاق دور القمار, قد حصد شعبية على عكس الممتهنين بالسياسة من ذوي الخبرات الثرية والأسلوب القوي الذين فشلوا في ذلك.
والحقيقة نفسها دليل واضح على القصور الذي تعاني منه الديمقراطية الامريكية, حيث لم يختر المواطنون رئيسا مسؤولا لقيادة بلادهم وانما للتعبير عن مظالمهم وغضبهم من واقع الحكومة والسياسيين.
وربما يكون صعود ترامب انعكاسا للتعافي الاقتصادي الصعب وتراجع القوة الجيوسياسية للولايات المتحدة.
فمنذ الأزمة المالية في 2008, تلقى الاقتصاد الامريكي ضربة شديدة ولم يصل حتى الآن للمستوى الذي كان عليه قبل الأزمة خلال رئاسة باراك اوباما للبلاد.
وعلى النقيض, فاتساع فجوة الثروة والوضع السلبي لسوق العمل وتدفق المهاجرين غير الشرعيين, كلها عوامل أسهمت في سحب القوة من الحكومة واحباط المواطنين العاديين.
واظهر استطلاع للرأي اجرته مؤسسة جالوب في شهر يناير الماضي ان 44 بالمائة فقط من البالغين بحال افضل ماليا عما كانوا عليه قبل عام مضى, في حين قال 35 بالمائة ان الأمور ساءت.
وبالاضافة لذلك وعلى خلفية تغير المشهد الجيوسياسي العالمي, واجهت مكانة واشنطن كقوة عظمى تحديات باستمرار ما ادى لانتشار شعور بالإحباط والتوتر بين الامريكيين.
وتلقت تصريحات ترامب صدى لدى مؤيديه لأنهم محبطون من اداء حكومة أوباما فيما يتعلق بسياساته المحلية والخارجية.
وليس بمفاجأة ان نرى انتشارا لتصريحات ترامب السخيفة المناهضة للمهاجرين والمسلمين بين مؤيديه نظرا لأن القضايا الأكثر شغلا للأمريكيين هي البيت الأبيض الديمقراطي والكونجرس الجمهوري وليس الاقتصاد, بحسب الاستطلاع.