دمشق 3 مايو 2016 /يعيش سكان أحياء مدينة حلب الخاضعة تحت سيطرة الدولة السورية منذ أكثر من عشرة أيام، اياما ممزوجة بالدم والخراب، بسبب تصاعد وتيرة العنف بين الجيش السوري من جهة، وبين مقاتلي المعارضة المسلحة التي تحاول شن الهجوم على تلك الأحياء بهدف السيطرة عليها.
صور الجثث والمنازل المدمرة، بقع الدماء على الأرصفة والشوارع، صوت سيارات الإسعاف هي التي يتذكرها أهالي مدينة حلب منذ اكثر من 10 أيام، وهي التي يخزنها الأطفال الذين مازالوا على قيد الحياة في ذاكرتهم الغضة.
اليوم هو الأعنف في الأيام التي عاشتها مدينة حلب حيث سقط أكثر من 100 قذيفة صاروخية على الاحياء السكنية، اسفرت عن مقتل 28 شخصا وإصابة العشرات بجروح، إضافة لسقوط عدة قذائف هاون على مستشفى الضبيط للتوليد بحي المحافظة ما أسفر عن سقوط ضحايا وجرحى أيضا وخروج المشفى من الخدمة.
وعرض التلفزيون الرسمي السوري صورا حية لحجم الدمار الذي لحق بالاحياء التي تعرضت اليوم للقصف الصاروخي من قبل مقاتلي تنظيم (جبهة النصرة)، وكذلك للمستشفى الذي استهدف.
وقال مواطن سوري عبر شاشة التلفزيون السوري ومن امام مستشفى الضبيط وهو يصرح بصوت مرتجف " ما ذنب هذا المستشفى .. لماذا يتعرض للقصف هل لانه يداوي جراح الناس ويخفف من آلامهم "، داعيا الدول التي لها تأثير على مقاتلي المعارضة المسلحة إلى الكف عن تقديم السلاح لها، مبينا أن هذا السلاح الاحمق يحصد أرواح المئات من الأطفال الأبرياء.
احياء حلب مدينة حلب اليوم شبه خالية من المارة، بسبب كثافة القذائف الصاروخية التي تسقط على الاحياء السكنية الموالية للحكومة السورية، ما دعا الأهالي إلى المكوث في منازلهم تحسبا لوقوع قذائف والموت بشكل مجاني.
وقال معن القادري وهو صحفي سوري مقيم في مدينة حلب لوكالة أنباء (شينخوا) بدمشق عبر الهاتف إن " القذائف الصاروخية بدأت تنهال على احياء مدينة حلب منذ ساعات الصباح الباكر "، مؤكدا أن كل أحياء مدينة حلب أصبحت مستهدفة بالعمق وعلى الأطراف والمشافي والمدراس، من قبل مقاتلي المعارضة المسلحة.
وأضاف القادري إن " أهالي مدينة حلب يعيشون منذ عدة أيام حالة من الهلع والخوف ممزوجة بالالم والحزن بسبب سقوط تلك القذائف العمياء التي تخلف وراءها ضحايا أبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ ".
ومضى يقول إن " معظم سكان أحياء مدينة حلب التزموا منازلهم اليوم .. والمدينة اليوم شبه خالية من المارة بسبب الخوف من سقوط القذائف "، مشيرا إلى حدة سقوط القذائف خفت نسبيا، ولكنها ما تزال تسقط بين الحين والأخر.
وأضاف إلى أن حصيلة الضحايا خلال 10 أيام الماضي بلغت اكثر من 100 شهيد وأكثر 700 جريح " .
وبين الصحفي السوري الذي يعمل مع الإعلام الرسمي أن الأوضاع الإنسانية في مدينة حلب " مقبولة، ومعظم الاحتياجات متوفرة ولكن الخوف والرعب ما زال يسيطر على معظم الأهالي " .
وبدوره، قال مصدر عسكري فضل عدم الكشف عن اسمه لوكالة (شينخوا) بدمشق إن " هذا التصعيد الأخير الذي شهدته الاحياء السكنية الآمنة في حلب ناجم عن رغبة المجموعات الإرهابية المسلحة بعد نجاح نظام التهدئة الذي تم تطبيقه ببعض المناطق ومحاولة تعميمه بما ذلك حلب ".
وأضاف المصدر العسكري إن " مدينة حلب لن تشهد تهدئة إذا ما استمرت المجموعات الإرهابية باستهداف المدنيين والاحياء السكنية الآمنة "، مؤكدا أن الجيش دائما مستعد لتلك المجموعات المسلحة، واليوم " تمكن من افشال هجوم لهم على الاحياء الغربية لمدينة حلب وتم استهداف المناطق التي يتم منها اطلاق القذائف الصاروخية ".
وأعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف اليوم (الثلاثاء) في مؤتمر صحفي مع المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا عن اتفاق روسي أمريكي لوقف النار في حلب.
وقال لافروف إن الجانبين الروسي والأمريكي اتفقا على وقف إطلاق النار قريبا في حلب، معبرا عن الأمل بأن يشمل نظام وقف إطلاق النار حلب خلال ساعات.
وأكد لافروف أن موسكو تدعو إلى توسيع نظام وقف إطلاق النار في سوريا، منوها بأن اتصالات شبه يومية تجري مع الولايات المتحدة لهذا الغرض.
بدوره، قال مصدر عسكري آخر في حلب لوكالة (شينخوا) بدمشق إن سلاح الجو السوري شن أكثر من 42 طلعة جوية نفذت 200 ضربة على تجمعات المجموعات المسلحة في شمال وشمال غرب حلب، مؤكدا أن وتيرة الاشتباكات بين الجيش السوري والمسلحين اشتددت على محاور حلب كافة.
ولعل مشهد السيارات المحروقة والمنازل المدمرة بات مشهدا مألوفا لدى أهالي مدينة حلب وأصبحت مرتعا للأطفال كي يلعبون على انقاضها التي تخبأ بداخلها قصص مؤلمة وحزينة.
وتعد مدينة حلب ثاني أكبر المدن السورية، والعاصمة التجارية لسوريا قبل نشوب الازمة، وفيها أسواق تراثية كثيرة، وكانت مقصدا سياحيا مهما للأجانب، ولكن الآن اخبار القتل في حلب تتصدر نشرات الاخبار.