بكين 30 مايو 2016 / اختتمت الدورة الأولي من مؤتمرعلم الآثار الصيني في مدينة تشنغتشو يوم 23 مايو. وحضر المؤتمر الذي يعتبر معلما تاريخيا أكثر من 700 شخص ليغدو بذلك الأكبر حجما منذ تأسيس الجمعية الصينية للآثار في عام 1979.
وخلال المؤتمر الذي استمرت فعالياته 3 أيام شارك قرابة 30 من خبراء الآثار من مصر والهند وهندوراس وبريطانيا وألمانيا والولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية ومنغوليا وأوزبكستان ودول أخرى في 13 مناقشة تناولت قضايا شتى حول علم الآثار. وبرز التعاون الدولي بين الصين والدول الأخرى جليا خلال المؤتمر.
وبينما تتقدم الصين بخطوات حثيثة ومثيرة للاهتمام على الساحة العالمية في التعاون الدولي في مجال الآثار، يبرز التعاون الصيني -المصري شيئا فشيئا كنقطة مضيئة أخرى بين حضارتين عريقتين يبلغ إجمالي عمرهما عشرة آلاف سنة. ويتوقع أن يفتح الزخم الثقافي والتشابه الحضاري بين البلدين المجال أمام الانطلاق بمجال الآثار الى آفاق أرحب بما يسهم في تحقيق تطلعات الشعبين وسط تحديات ومعضلات متشابهة الى حد ما.
-- أعمال تحضيرية لتحقيق التعاون بين البلدين
وتزامنا مع انطلاق أنشطة وفعاليات العام الثقافي الصيني-المصري 2016، زار وانغ وي مدير معهد الآثار التابع للأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية على رأس وفد صيني في منتصف يناير تلبية لدعوة رسمية من جامعة القاهرة. وقد تبدى إعجاب وانغ والوفد المرافق له الشديد بالحضارة المصرية القديمة وتراثها الثقافي العميق. وخلال مدة الزيارة التي استغرقت أسبوعا زار هو والوفد المرافق له عددا من المواقع الأثرية التاريخية المهمة في القاهرة مثل المتحف المصري ومنطقة الأهرامات ووادي الملوك في الأقصر.
والأهم أنه أجرى مباحثات مع عدد من المسؤولين المعنيين من الجانب المصري بما في ذلك مدير عام المتحف المصري خالد العناني توصل خلالها إلى توافق بشأن التعاون بين الصين ومصر في مجال الآثار.
وأشار وانغ إلى أن الجانب المصري أعرب عن تطلعه إلى التعاون مع الصين سواء لاستكشاف آثار جديدة أو حماية التراث الثقافي الموجود.
وفي أواخر أبريل العام الجاري, بدأ التعاون الصيني- المصري في الآثار يدخل مرحلة الاستعداد الفعلي. وقال وانغ إن " مصر أجرت أكثر من 200 مشروع تعاون في مجال الآثار مع دول أخرى ، لم تكن الصين بينها, وبات من الملح التعاون في الآثار وحماية التراث بين الصين ومصر. ونحن من المرجح أن نبدأ أعمالنا في المعابد المصرية".
وفي أوائل مايو, قام السفير المصري لدى الصين مجدي عامر برفقة وفد بزيارة إلى معهد علم الآثار التابع للأكاديمية الصينيية للعلوم الاجتماعية وأجرى مع وانغ محادثات تم التوصل خلالها إلى توافق بشأن القضايا ذات الصلة.
-- ظروف مناسبة
وأكد وانغ ووي أن الصين تملك قدرة تكنولوجيا متقدمة من ناحية استكشاف وحماية واختبار وتحليل الآثار تتناسب مع كونها ثاني أكبر اقتصاد في العالم, مضيفا أن "الوقت قد حان لأن تلعب الصين دورها على الساحة الدولية في مجال الآثار. ويأتي التعاون في الآثار وحماية التراث بين الصين ومصر في حينه تماما للجانبين. وهناك من الأسباب ما يمكن أن يجعله معلما تاريخيا".
وقال وانغ موضحا تلك الأسباب : أولا، الصين ومصر من الحضارات الأربع القديمة وقد ربط بينهما طريق الحرير القديم بشكل وثيق. ويواجه البلدان معضلات مماثلة في الحفاظ على التراث الثقافي وتنميته.
ثانيا, العلاقات بين البلدين تشهد أزهي عصورها في ضوء ترفيع مستوى العلاقات الى شراكة استراتيجية شاملة والتبادلات رفيعة المستوى بين قادة البلدين والاتفاق على تعزيز التعاون في جميع المجالات الثنائية بما في ذلك المجال الثقافي. ويحتفل الجانبان هذا العام بعام الثقافة الصيني-المصري بمناسبة الذكرى الـ60 لإقامة العلاقات الدبلوماسية.
ثالثا، يتطلع الجانب المصري الى التعاون مع الصين في مشاريع حماية التراث والصين مستعدة ومؤهلة للقيام بذلك في ضوء ما تتمتع به من قدرات عالية في بحوث الآثار وتجارب غنية فيما يتعلق بحماية التراث الثفافي محليا ودوليا.
--تعلم متبادل بين الحضارات القديمة
وتخطو الصين بثبات على طريق تعزيز التعاون الدولي مع حضارات العالم القديم من خلال التعلم المتبادل. وقد أثارت الاهتمام عالميا باشتراكها في مشاريع أثرية ضخمة في دول أخرى.
وأشار وانغ إلى أن الصين أثارت اهتماما إلى حد ما من خلال الحفريات الأثرية التي نفذتها في أوزبكستان. وقد جذبت أيضا اهتمام المجتمع الدولي الأثري عقب مشاركتها في دراسة آثار حضارة المايا في أمريكا الوسطى في هندوراس، كحضارة قديمة بدأت المشاركة في دراسة الحضارات الأخرى والتعلم منها.
وتوقع وانغ أن يحدث التعاون المحتمل بين الصين و مصر بوصفهما حضارتين قديمتين في الآثار وحماية التراث " رجة كبيرة" في علم وبحوث الآثار، مؤكدا أن مبادرة "الحزام والطريق" التي طرحها الرئيس الصيني شي جين بينغ عام 2013 بهدف تعزيز الترابط والتكامل بين قارات العالم القديمة الثلاث ستعطي زخما للتعاون في هذا المجال مع الدول الواقعة على طول طرق المبادرة ومن بينها مصر.
ويتوقع أن يخطو الجانبان خطوة جديدة في هذا المجال قريبا في ضوء مقترحات طرحها السفير المصري مجدي عامر حول تعزيز التبادلات بين علماء الآثار البارزين في البلدين وتوطيد الاتصالات والتعاون على المستوى الحكومي. وأعلن عامر أن السلطات المصرية تعتزم تأسيس آلية لتقوية الاتصالات بين المؤسسات البحثية في البلدين.
وبينما تواجه الصين ومصر معضلات وتحديات في الحفاظ على التراث الثقافي ومكافحة التجارة غير الشرعية للآثار واستعادة الآثار المسروقة والمفقودة وتنمية مشاريع التراث الثقافي وغيرها ، يفتح التعاون المستقبلي بين البلدين لمواجهة تلك المعضلات والتحديات آفاقا أرحب وفرصا كثيرة بما يسهم في تحقيق المصلحة المشتركة للشعبين.