بلغراد 17 يونيو 2016 /وصل الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى بلغراد يوم الجمعة في زيارة تاريخية لصربيا حيث تسعى الصين إلى المضى قدما في صداقتها التقليدية مع هذا البلد الواقع في منطقة البلقان وتسريع التعاون الاقتصادي معه.
وقد أرسلت صربيا مقاتلات لحراسة طائرة الرئيس شي عندما دخلت المجال الجوى للبلاد. وكان الرئيس الصربي توميسلاف نيكوليتش وقرينته دراجيتشا ورئيسة البرلمان مايا جويكوفيتش ورئيس الوزراء ألكسندر فوتشيتش ونائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية إيفيكا دايتيش في استقبال الرئيس شي وقرينته بنغ لي يوان في المطار.
وقدم أطفال صربيون خبزا وملحا للرئيس شي وقرينته بنغ، وهو عربون صداقة واحترام وفقا للتقاليد الصربية. كما تلقى شي وبنغ زهورا وشاهدا عرضا للرقصة الشعبية الصربية التقليدية "كولو".
وذكر الرئيس الصيني في خطاب مكتوب تم توزيعه في المطار أن "الصداقة التقليدية بين البلدين والشعبين صمدت أمام الاختبارات التاريخية وسط التغييرات الحاصلة في المشهد العالمي وظروفنا الوطنية الخاصة ، وصارت أكثر قوة".
وأشار شي إلى تسارع وتيرة التقدم في العلاقات الثنائية ولاسيما منذ إقامة الشراكة الإستراتيجية بين الصين وصربيا في عام 2009.
وأشاد الرئيس الصيني بالثقة السياسية المتبادلة والتعاون المثمر في مجالات مثل الطاقة والنقل وبناء البنية التحتية والزراعة في السنوات الأخيرة.
وقال إن الصين مستعدة للعمل مع صربيا للحفاظ على هذا الزخم ودفع علاقاتنا وتعاوننا العملي إلى مستوى أعلى، وهو ما يبشر بفصل جديد في تعاوننا القائم على المنفعة المتبادلة وتنميتنا المشتركة".
تعد هذه أول زيارة يقوم بها رئيس دولة صيني لصربيا منذ 32 عاما.
وفي أول حدث عام خلال الزيارة، أثنى الرئيس شي وقرينته بنغ على الصحفيين الصينيين الثلاثة الذين قتلوا في قصف الناتو للسفارة الصينية في جمهورية يوغوسلافيا الاتحادية السابقة في الـ7 من مايو عام 1999.
وانضما إلى نيكوليتش وجويكوفيتش وفوتشيتش وجميع أعضاء الحكومة الصربية الآخرين للوقوف دقيقة حدادا على أرواح الشهداء.
ووضع زعيما البلدين أكاليلا من الزهور عند نصب تذكاري جديد أقيم في المكان التي كانت تقع فيه السفارة المدمرة يوما ما. وأقامت الحكومة الصينية يوم الجمعة هذا النصب التذكاري وقد نقشت عليه عبارة تقول "شهداء الشرف، الحرص على السلام ".
والشهداء الثلاثة الذين سقطوا في هذا القصف العشوائي هم الصحفية شاو يون هوان من وكالة أنباء ((شينخوا))، وشيوي شينغ هو وزوجته تشو يينغ من صحيفة ((قوانغمينغ)). كما خلف الهجوم الصاروخي البربري على السفارة الصينية في عام 1999 عشرات الجرحى وتعرض مبنى السفارة لتلفيات شديدة.
وإحياء لذكرى الصحفيين الصينيين الشهداء وتعبيرا عن الشكر للصين لدعمها صربيا، أقامت حكومة مدينة بلغراد في الـ7 من مايو عام 2009 النصب التذكاري الأول أمام موقع السفارة التي تعرضت للقصف.
وأكد شي ونيكوليتش أن الصداقة التقليدية التي عركتها الأيام والمشاعر الودية الخاصة بين البلدين تشكلت بالدم والروح وستنتقل عبر الأجيال.
وأشار الرئيسان إلى أن الصين وصربيا ستتعاونان في تعزيز التنمية والسلام .
وعقب الحداد، حضر الزعيمان مراسم وضع حجر الأساس لمركز ثقافي صيني سيتم بناؤه في موقع السفارة السابقة وسيكون الأول من نوعه في منطقة غرب البلقان.
وأعلن عمدة بلغراد سينيسا مالي أن الشارع الكائن فيه المركز سيسمى على اسم الفيلسوف الصيني القديم كونفوشيوس فيما سيطلق على الميدان الكائن بجوار المركز اسم "ميدان الصداقة بين الصين وصربيا".
وعقب المراسم، زار شي وبنغ، يرافقهما نيكوليتش وقرينته دراجيتشا، منتزه كاليمجدان وقلعة بلغراد، وهو أهم موقع تاريخي في العاصمة الصربية. وتقع المنتزه والقلعة على منحدر ارتفاعه 125م عند التقاء نهري سافا والدانوب.
وتمشى الرئيسان وقرينتاهما في المنتزه وانخرطوا في حديث ودي. وأخبر شي مضيفه أنه شعر وهو ينظر إلى النهرين من أعلى القلعة أنه ينظر إلى التاريخ العريق للشعب الصربي.
وذكر شي أن "الشعب الصربي، بروحه القتالية، عاد للحياة مرارا على مدار التاريخ مثل طائر العنقاء الذي يكن له الشعب الصيني إعجابا شديدا".
ولدى إشارته إلى أن الصين وصربيا دولتان محبتان للسلام لا تخافان من قوة مهيمنة، تعهد شي بالتعاون مع صربيا في دعم المصالح الجوهرية للآخر بثبات وفي القضايا ذات الاهتمام المشترك،وبالمساهمة بشكل مشترك في تحقيق السلام والتنمية العالميين.
واختتم الرئيس الصيني اليوم الأول من زيارة الدولة بحضوره لمأدبة عشاء أقامها نيكوليتش في فيلا أنيقة وهادئة. وتبادل رئيسا البلدين وجهات النظر حول نطاق عريض من القضايا ذات الاهتمام المشترك.
وأشاد شي بـ"صداقة في جميع الأجواء" و"أواصر أخوة خاصة" تجمع بين الصين وصربيا، معربا عن شعوره بالرضا إزاء تعاونهما العملي وتبادلاتهما الثقافية والشعبية المختلفة.
وقال شي إن الصين "تعتز بصداقتها مع صربيا وتحرص على قوة الدفع الجيدة للتنمية النشطة للعلاقات الثنائية".
ودعا شي البلدين إلى الارتقاء بعلاقاتهما إلى مستوى أكثر إستراتيجية وشمولا، فيما يتمسكان بمبادئ الاحترام المتبادل والمساواة والكسب المشترك.
ومن جانبه، ذكر نيكوليتش أن صربيا، باعتبارها صديقا قديما وصديقا حقيقيا، سعيدة برؤية الإنجازات العظيمة التي حققتها الصين في تطوير الاشتراكية وتحقيق الإصلاح والانفتاح ، مؤكدا أنه يتعين على الجانبين أن يدعما كل منهما الآخر بثبات في القضايا ذات المصالح الجوهرية والاهتمامات الرئيسية.
وذكر نيكوليتش أن بلاده مستعدة للتكاتف مع الصين من أجل الارتقاء بالعلاقات الثنائية إلى مستوى أعلى.
وخلال إقامته في صربيا، سيعقد شي أيضا اجتماعات رسمية مع نيكوليتش وقادة سياسيين صربيين آخرين حول العلاقات الثنائية، ومبادرة "الحزام والطريق"، والتعاون بين الصين ووسط وشرق أوروبا، فضلا عن القضايا الساخنة الإقليمية والعالمية ذات الاهتمام المشترك.
ومن المتوقع توقيع عدد من اتفاقات التعاون التي تغطى قطاعات الاقتصاد، والتجارة، والقدرة الصناعية ، والمالية.
وعقب زيارته لصربيا، سيتوجه شي إلى بولندا وأوزبكستان في زيارتي دولة وكذا سيحضر الاجتماع الـ16 لمجلس رؤساء دول منظمة شانغهاي للتعاون في طشقند.