الأخبار الأخيرة

مقالة خاصة: أول لقاء بين أردوغان وبوتين ...انطباعات عميقة تجاه موازين العلاقات الدولية

/مصدر: شينخوا/  09:35, August 11, 2016

    اطبع
مقالة خاصة: أول لقاء بين أردوغان وبوتين ...انطباعات عميقة تجاه موازين العلاقات الدولية
التقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بنظيره التركي رجب طيب أردوغان في سان بطرسبرج.

بكين 10 أغسطس 2016 / قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، خلال زيارته الجارية إلى روسيا للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إن جولته تهدف إلى دفع العلاقات الثنائية إلى "مرحلة جديدة انطلاقا من الصفر"، مشددا على أن العلاقات بين أنقرة وموسكو تدخل مرحلة "مختلفة جدا" وعلى أن "التضامن" بين البلدين سيسهم في تسوية مشكلات المنطقة.

وتعد هذه أول زيارة يقوم بها أردوغان إلى الخارج منذ محاولة الانقلاب الفاشلة التي وقعت في الـ15من يوليو الماضي. ومع اقتراب تركيا من روسيا وابتعادها عن الدول الأوروبية وتصاعد حدة التوتر بينها وبين الولايات المتحدة بسبب اتهامها الأخيرة بالتورط في تدبير الإنقلاب ، يرى خبراء صينيون أن تركيا ستلعب دورا أكثر أهمية وحيوية من ذي قبل على الساحة الدولية، وهو ما قد يغير موازين القوى الحساسة في العالم.

-- تركيا: الميل إلى روسيا... قد يقلب موازين القوي

وعلى الرغم من الغارات الجوية المتواصلة التي شنتها روسيا على الجماعات المسلحة المتطرفة في سوريا على مدى عام كامل تقريبا ونجاحها في إحراز تقدم بخطوات صغيرة ومتواصلة في دفع مسيرة التسوية السياسية للأزمة السورية، إلا أن موسكو لم تحقق، في الواقع، اختراقا رئيسيا يمكنه تغيير وضع الحرب حتى الآن. وفي هذا الصدد، قال وو بينغ بينغ الخبير في شؤون الشرق الأوسط بجامعة بكين إن التقارب الحاصل بين تركيا وروسيا سيحدث تغييرا في مختلف موازين القوى بأنحاء العالم وفي مقدمتها منطقة الشرق الأوسط.

كانت العلاقات بين موسكو وأنقرة قد تدهورت في أعقاب إسقاط الطائرة الحربية الروسية على الحدود السورية، ما حمل روسيا على فرض عقوبات اقتصادية ضد تركيا. وبعد الأزمة، انخفض مستوى التجارة بين البلدين حيث تراجع حجم التبادل التجاري بينهما بنسبة 43 فى المائة ليصل إلى 6.1 مليار دولار (5.5 مليار يورو) في الفترة ما بين يناير ومايو الماضيين، وفقا للإحصاءات الصادرة عن الكرملين.

وأكد وو بينغ بينغ أن تركيا باتت بحاجة ملحة إلى تحسين وضعها الاقتصادي وخاصة بعد الانقلاب الفاشل لكي تضمن توافر الأمن والهدوء في الشوارع. وخلال لقائه أردوغان يوم الثلاثاء، شدد بوتين من جانبه على ضرورة دفع عملية إعادة العلاقات التجارية بين البلدين إلى مستواها السابق، ولكنه لفت إلى أن هذه العملية "ستستغرق بعض الوقت".

أما أردوغان فلم يخف تطلعه إلى تطوير العلاقات الثنائية مع روسيا، حيث قال خلال جولته الجارية إلى روسيا إنه يأمل في أن تصبح العلاقات الروسية التركية "أقوى". ورأى وو بينغ بينغ أنه من أجل تسريع هذه العملية، ستتخذ تركيا على الأرجح إجراءات أكثر دعما للموقف الروسي، نظرا للاتهامات الموجهة إلى أنقرة بدعم الارهابيين المسلحين من خلال إزالة الصعوبات أمام نقلهم للأسلحة والأغذية والوقود عبر الحدود التركية السورية في ظل موقفها الغامض تجاه مكافحة الإرهاب.

وبالنسبة للخلاف الرئيسي بين البلدين والمتمحور حول مصير الرئيس السوري بشار الأسد، لاحظ الخبراء الصينيون أن أردوغان كان قد أعرب في السنة الماضية عن موافقته على بقاء الأسد في منصبه لستة أشهر خلال المرحلة الانتقالية، حيث لفت دونغ مان يوان الخبير الصيني في الشؤون التركية ونائب مدير معهد الصين للدراسات الدولية إلى أن تركيا أبدت تدريجيا خلال العام الماضي رغبة في تخفيف معارضتها للنظام السوري.

-- تركيا: دور أكثر استقلالا ... لكنها مازالت حليفا

وبعد نصف قرن من الجهود التي بذلتها تركيا في استيفاء طلبات ومعايير الدول الغربية من أجل الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، أقنعت نفسها أخيرا بأنها "لن تصبح جزءا من العالم الغربي" بسبب خصائصها الثقافية والدينية، على حد قول وو بينغ بينغ.

وأكد الخبير في الشؤون الشرق أوسطية أنه بعد ميل الاستفتاء التاريخي الذي أجرته بريطانيا في يونيو الماضي إلى انسحاب هذا البلد الهام من الاتحاد الأوروبي، "أغلق باب الاتحاد الأوروبي أمام تركيا إلى الأبد". وأوضح أنه "في ظل عدم وجود بريطانيا، ستشكل تركيا مع ألمانيا القطبين الرئيسيين للاتحاد الأوروبي، نظرا لحجمها الاقتصادي ومساحة أراضيها ليتفوق بذلك نفوذها على أغلب الأعضاء الآخرين بالاتحاد، وهذا شيء لن تقبله جميع الدول الأوروبية."

وبالإضافة إلى ذلك، أكد بوتين إعادة إحياء مشروع مد أنبوب الغاز "تركستريم" إلى أوروبا الذي يفترض أن ينقل 31.5 مليار متر مكعب من الغاز سنويا إلى تركيا عبر البحر الأسود ومحطة أكويو النووية التي ستقوم روسيا بإنشائها. وسوف يشكل خط أنابيب الغاز هذا "الطريق الثاني" لتصدير روسيا غازها إلى الدول الأوروبية بدلا من الخط الأوكراني، ما سيعيد ترسيم خريطة تزويد الطاقة في القارة الأوروبية وميزان القوى بين مختلف الأطراف.

وفي نفس يوم وصول أردوغان إلى سان بطرسبرغ، حذر وزير العدل بكر بوزداك الولايات المتحدة من التضحية بالعلاقات الثنائية من أجل الداعية الإسلامي فتح الله غولن الذي تتهمه أنقرة بالوقوف خلف محاولة الانقلاب . فقد شهدت العلاقات التركية الأمريكية توترا إثر محاولة الانقلاب التي تتهم أنقرة غولن المقيم في المنفى الاختياري في بنسيلفانيا بالولايات المتحدة منذ عام 1999 بالوقوف خلفها.

ومع الدفء الحاصل بين تركيا وروسيا، أعرب الكثير عن مخاوفهم إزاء مغادرة تركيا للمعسكر الغربي. لكن وو تشنغ لونغ، الباحث في صندوق الصين للبحوث المعنية بالشؤون الدولية، قال إن تركيا، التي تعد عضوا حيويا في الناتو، لن تبتعد عن الحلفاء الغربيين بشكل قاطع، مشيرا إلى أن الطائرات الأمريكية لا تزال تقلع من وتهبط في القاعدة الأمريكية في تركيا. وفضلا عن ذلك، من المتوقع أن يقوم وزير الخارجية الأمريكي جون كيري قريبا بزيارة إلى تركيا لتبادل الآراء.

وشاطره وو بينغ بينغ الرأي، قائلا إن تركيا نجحت في انتهاج سياسة دبلوماسية مستقلة في الشرق الأوسط على نحو يتيح لها وسيلة لتلعب من خلالها بصورة أكثر مرونة بين الأقطاب العظمى وتجنى فوائد لنفسها و"هذا هو الطريق الصحيح لكي تصعد مكانة الدول النامية على المنصة السياسية الدولية، بدلا من الاعتماد على قطب واحد".

صور ساخنة

أخبار ساخنة

arabic.people.cn@facebook arabic.people.cn@twitter
×