بكين 12 سبتمبر 2016 / لا يمكن حل جميع المشاكل الاقتصادية العالمية المستعصية بمجرد عقد مؤتمر دولي، لكن قمة العشرين، التي اختتمت قبل أيام في مدينة هانغتشو الصينية، تقدم "روشتة" اقتصادية اتفق جميع المشاركين عليها لإنعاش الاقتصاد العالمي ودفعه إلى مسار النمو القوي والمستدام والمتوازن.
وتوفر تلك الوصفة حلولا قدمتها الصين لإنعاش اقتصاد عالمي يتسم بالانفتاح والابتكار والنشاط والشمولية، وهو الشعار الذي حملت القمة رايته.
والآن، يتحسس الاقتصاد العالمي خطاه بصعوبة على طريق التعافي، في مرحلة تحول حاسمة من محركات النمو القديمة إلى المحركات الجديدة. وبينما لم يترسخ أساس الانتعاش بعد، يستمر استخدام السياسات المالية والنقدية لمواجهة التحديات، وتتصاعد الحمائية التجارية من قبل بعض الدول، الأمر الذي يترك تأثيرا سلبيا على النظام التجاري متعدد الأطراف.
في الوقت نفسه، تتطور جولة جديدة من الثورة التكنولوجية والصناعية، لكنها حتى الآن لم تشكل اتجاها عاما في الاقتصاد العالمي. وبدأت الدول الكبرى تعيش عصر مجتمع الشيخوخة، ما يفرض ضغوطا على اقتصادات الدول ومجتمعاتها. كما تتراكم التهديدات مثل الفقاعة المالية. ويواجه الاقتصاد العالمي تحديات مثل غياب الحوافز، وضعف الطلب، والاضطراب المتكرر للأسواق المالية، وتباطؤ التجارة والاستثمار الدوليين.
ولمواجهة هذه التحديات، تقف الصين في صف دعم تعزيز تنسيق سياسات الاقتصاد الكلي، ودفع النمو الاقتصادي العالمي بشكل مشترك، والحفاظ على الاستقرار المالي، وابتكار مسارات جديدة للتنمية، وتعزيز زخم النمو، وتحسين الحوكمة الاقتصادية العالمية، وضمان الآليات اللازمة، وبناء اقتصاد عالمي منفتح، ومواصلة دفع تحرير التجارة والاستثمار وتسهيلهما، وتنفيذ جدول أعمال التنمية المستدامة للعام 2030، وتعزيز التنمية الشاملة.
ويقوم محور وجوهر البرنامج الذي طرحته الصين على التمسك بالابتكار، والمضي على طريق الانفتاح، والالتزام بروح التفاعل، والسعي لتحقيق هدف الشمولية، وجعل النمو والتنمية تعودان بالنفع على جميع البلدان والشعوب، بما في ذلك بلدان وشعوب منطقة الشرق الأوسط في القلب.
وفي إطار مساعي الصين ودفعها، سلط أعضاء مجموعة العشرين الضوء على الابتكار والنمو. وتكلل التعاون المشترك بوضع مخطط عام لتعزيز الابتكار والنمو، وتحديد خطط العمل الثلاث الخاصة بالابتكار والثورة الصناعية الجديدة وتنشيط الاقتصاد الرقمي. ودفعت جميع الأطراف عجلة الإصلاح الهيكلي تركيزا على القوة الدافعة لتعزيز النمو على المدى المتوسط والطويل.
فالصين تعتبر الابتكار قوة هامة في التنمية الوطنية، وقد أدرجته في خطتها الخمسية، وتنفذ بدقة استراتيجية تنموية مدفوعة بالابتكار، سعيا إلى الإرتقاء بالبلاد إلى مصاف البلدان المبتكرة عام 2020، وصولا إلى المقدمة في عام 2030، لتصبح دولة تكنولوجية قوية عالمية.
وينظر إلى إصلاح جانب العرض الهيكلي كابتكار مهم للتكيف مع الوضع الطبيعي الجديد للتنمية الاقتصادية، كما يعد مفتاحا لترقية الاقتصاد الصيني مستقبلا وتحويله إلى اقتصاد عالي الجودة، كما ينظر إليه كطريقة فعالة لتخليص الاقتصاد العالمي من مكامن ضعفه.
وتوقع صندوق النقد الدولي أن تستمر مساهمة الصين في النمو الاقتصادي العالمي بنسبة 30 بالمئة قبل نهاية عام 2020. ويعكس ذلك ثقة المنظمة في إمكانات التنمية الاقتصادية الصينية، وسياساتها الاقتصادية الكلية، وإمكانية مساهمة التنمية الاقتصادية للصين بشكل قوي وفعال في تعافي الاقتصاد العالمي.
وفي هذا الإطار، تدعم الصين دفع بناء آلية تجارية واستثمارية، ووضع استراتيجية للتجارة العالمية ومبادئ توجيهية للاستثمارات العالمية، وتوطيد النظام التجاري متعدد الأطراف، وتجديد الالتزام بمكافحة الحمائية. وتأمل في تنفيذ هذه التدابير من أجل تعزيز التنمية في كافة بلدان العالم، وإنعاش المحركين الأساسيين للنمو التجارة والاستثمارات.
في غياب التنسيق والتعاون لا يمكن أن يتجه الاقتصاد العالمي إلى تنمية صحية في إطار قانون الغابة. وقد ركزت قمة هانغتشو على التحديات الأساسية التي تواجه الاقتصاد العالمي والعمل المشترك على إيجاد الحلول من أجل نمو الاقتصاد العالمي بشكل أفضل ما يعود بالنفع على كافة البلدان والشعوب.
في قمة هانغتشو، احتلت لأول مرة قضية التنمية مكانة متميزة في إطار السياسات الكلية العالمية، كما وضعت لأول مرة خطط عمل لتنفيذ جدول أعمال التنمية المستدامة للعام 2030، ودفع التعاون لدعم التصنيع في الدول الأفريقية والدول الأقل نموا، وهذه هي المرة الأولي أيضا التي يتم فيها القيام بذلك في تاريخ مجموعة العشرين.
ومن شأن كل هذا أن يحقق نتائج مثمرة ورائعة لجميع الدول بلا استثناء بما في ذلك دول الشرق الأوسط ، ويساعد في دفع الاقتصاد العالمي نحو النمو القوي والمستدام والمتوازن.