القاهرة 31 ديسمبر 2016 /نادرا ما تم النظر إلى منطقة الشرق الأوسط على أنها مكان للتفاؤل، وإن نجحت سنة 2016 في تحقيق أي شيء، فهو في أنها جعلت المتشائمين أكثر تشاؤما.
وتتواصل إراقة الدماء في سوريا والعراق واليمن وليبيا، في حين ما يزال الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني يراوح مكانه، بينما أطل الإرهاب برأسه في مصر وأجزاء أخرى في المنطقة.
-- حل سياسي يلوح في الأفق في سوريا؟
مع اقتراب العام من نهايته، يبدو أن وقف إطلاق للنار في عموم أنحاء البلاد، تم التوصل إليه بوساطة روسية - تركية، ما يزال قائما إلى حد كبير في سوريا وذلك بفضل جهود روسيا وتركيا وإيران.
وفي يوم السبت، اعتمد مجلس الأمن الدولي بالإجماع قرارا يرحب بترتيبات وقف إطلاق النار وخطط إجراء محادثات بين ممثلي الحكومة والمعارضة السورية المزمع عقدها الشهر القادم في العاصمة القازاقية أستانة، مشيدا بأنها "خطوة هامة" في سبيل استئناف المفاوضات تحت رعاية الأمم المتحدة في جنيف.
ومثّل قرار الأمم المتحدة تحركا إيجابيا في نهاية العام، مما يضفي ثقلا على الجهود المبذولة للتوصل إلى حل سياسي للحرب المستمرة منذ قرابة 6 سنوات في سوريا والتي أدت إلى مقتل ما يزيد عن 300 ألف شخص وتشريد زهاء 11 مليونا آخرين.
إلا أن ثمة عمل أصعب بكثير في الانتظار في سبيل إحلال السلام الحقيقي في هذه المنطقة الغارقة في العنف.
-- عملية تحرير الموصل تدفع العراق إلى سنة أخرى من العنف
في العراق، تبين أن عملية تحرير الموصل، ثاني أكبر مدينة في البلاد، من قبضة تنظيم الدولة الإسلامية الإرهابي (داعش)، أصعب مما توقعته الحكومة.
وقد شهدت عملية تحرير الموصل بطء في وتيرة التقدم خلال الأسبوعين المنصرمين، وسط تزايد شدة القتال الشرس داخل المدينة مع المسلحين المتطرفين، الذين استغلوا المدنيين كدروع بشرية كما لجؤوا إلى تنفيذ التفجيرات الانتحارية، إضافة إلى إطلاق قذائف الهاون وهجمات القنص.
كما يواصل مسلحو "داعش" نشر الخراب في أجزاء أخرى من البلاد، وآخرها ما حدث في بغداد يوم السبت، حينما أسفرت موجة من التفجيرات عن مقتل 30 شخصا وجرح 59 آخرين، لتنهي عاما آخر من العنف خلّف أكثر من 16 ألف قتيل من المدنيين.
-- سنة مأساوية في اليمن
وصف البعض الوضع الإنساني في اليمن بأنه "كارثي"، حيث تسبب القصف الجوي لقوات التحالف، الذي تقوده السعودية، والقتال على الأرض بقتل ما يربو عن 10 آلاف شخص، معظمهم من المدنيين، وجرح أكثر من 35 ألف آخرين، في حين نزح أكثر من مليوني شخص، وفقا لأرقام وكالات عاملة في الشؤون الإنسانية.
وعلى الرغم من الجهود المتكررة لإنهاء الأعمال العدائية والعديد من اتفاقات إطلاق النار المخترقة، فقد شهد اليمن احتداما في أعمال العنف. وكان الخبر الإيجابي الوحيد قبل نهاية العام هو أن الأردن يدرس استضافة محادثات تهدف إلى وقف التصعيد، بدلا من وقف إطلاق النار.
-- الاضطرابات والانقسام السياسي في ليبيا
بعد عام واحد من توقيع الأطراف المتناحرة في ليبيا اتفاقا سياسيا برعاية الأمم المتحدة، ما تزال البلاد عالقة في حالة من الاضطرابات والانقسام السياسي، والتي تجلّت بتشكيل حكومتين وبرلمانين متناحرين، وسط تدهور الخدمات الأساسية، وتعثر الاقتصاد واستمرار هجمات مسلحي "داعش" في الدولة الغنية بالنفط سابقا.
-- الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني
لم يشهد الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني أي انجاز يقربه من نهايته خلال عام 2016، ولا يبشر العام القادم بالخير أيضا.
ولقي أكثر من 200 فلسطيني والعشرات من الإسرائيليين مصرعهم في صراع منخفض الحدة كان قد بدأ في منتصف عام 2015.
ويأتي إصرار إسرائيل على مواصلة بناء المستوطنات رغم استهجان الأمم المتحدة ليزيد في إضعاف آمال تحقيق حل الدولتين.
-- وقوع هجمات إرهابية في تركيا ومصر
وفي أماكن أخرى في المنطقة، عانت تركيا ومصر على حد سواء من هجمات عنيفة متكررة في عام 2016، وأُنحي باللائمة في العديد من الهجمات التي وقعت في تركيا على المتمردين الأكراد، والتي وقعت في مصر على الجماعات المحلية التابعة لتنظيم "داعش".
ومع بقاء العديد من المسائل الجذرية بدون حل وبسبب انخراط لاعبين خارجيين في الصراعات المحلية، فإن سنة 2017 ستكون على ما يبدو سنة أخرى من الفوضى وإراقة الدماء في جزء كبير من الشرق الأوسط.