تسلم دونالد ترامب في 20 يناير الجاري، رسميا منصب الرئاسة الأمريكية خلفا لسلفه باراك أوباما، وفي خطابه القصير، ركز ترامب على الشأن الأمريكي الداخلي، وأشار إلى السياسة الخارجية بشكل مقتضب، وهو ما آثار عدة تساؤلات حول السياسة الخارجية الأمريكية في عهده، من بينها العلاقات الصينية الأمريكية.
وكان ترامب قد أدلى بعدة تصريحات سلبية حول الصين خلال حملته الإنتخابية، تحدث فيها عن الأضرار التي لحقت بالمصالح الأمريكية بسبب عجز الميزان التجاري مع الصين، وإتهم الصين بتعمّد تخفيض سعر اليوان لدعم صادراتها، بل ذهب إلى حد إستعمال مبدأ "صين واحدة" كورقة ضغط لإبتزاز الصين في محادثات التجارة وسعر الصرف.
تعكس مواقف ترامب لهفته للحصول على الدعم الداخلي، حيث تحدث مرارا عن عزمه إعادة "فرص التوظيف" تعود إلى أمريكا، وزيادة عدد الوظائف في قطاع التصنيع في الحملة الانتخابية. كما حمّل العجز التجاري مع الصين جزءا من مسؤولية فقدان الوظائف، وقد تكون ضغوطه التجارية على الصين طريقة للوفاء بوعوده الإنتخابية وإظهار عزمه على تحفيز النمو الإقتصادي الأمريكي. من جهة أخرى، يحاول ترامب أن يحظى بدعم الجهات المناهضة للصين من خلال تصريحاته.
في المقابل، لم ينظر ترامب إلى الفرص الهامة التي تجلبها التنمية الصينية، كما تنقصه معرفة بالعلاقات الصينية الأمريكية، وهو ماقد يضر بالأسس السياسية للعلاقات بين البلدين. من جهة أخرى، يتجاهل ترامب المصالح المتبادلة بين الصين وأمريكا، ويختار معادلة تضر بالجانبين. كما لم ينتبه ترامب إلى الدور الذي يجب أن تلعبه كل من الصين وأمريكا في الشؤون الدولية، ماقد يتسبب في فشل ذريع للعلاقات الصينية الأمريكية ويهدد السلام والتنمية العالمية.
تحسبا للمخاطر المحدقة، وجهت الصين رسائل واضحة إلى الرئيس الأمريكي الجديد وحكومته.
أولا، تحديد الموقع الصحيح للعلاقات الصينية الأمريكية: تعد العلاقات الصينية الأمريكية، واحدة من أهم العلاقات الثنائية بين الدول في العالم. وبصفتهما يمثلان أقوى دولة نامية وأقوى دولة متقدمة، وأول وثاني إقتصاد عالمي، على الجانبين أن يحافظا على علاقات سليمة، تخدم المصالح المشتركة لشعبي البلدين، وهذا يعد تطلع سائر المجتمع الدولي.
ثانيا، تحديد إتجاه العلاقات الصينية الأمريكية: على الجانبين أن يتجنبا الضغوط المتبادلة، ويعملا على تحقيق الفوز الثنائي ومتعدد الأطراف. لذا، من الأفضل بالنسبة للصين وأمريكا تفادي المواجهة والصراع، والتمسك بمبادئ الإحترام المتبادل والتعاون والفوز المشترك، وتوسيع مجالات التعاون على المستوى الثنائي والإقليمي والعالمي. وتأمل الصين في أن تكون فترة حكم ترامب إنطلاقة جديدة لتطور العلاقات الصينية الأمريكية.
ثالثا، السيطرة على الخلافات: على الإدارة الأمريكية الجديدة أن تعي بأن وجود بعض المشاكل والخلافات بين دولتين كبريين يعد أمرا عاديا، لكن المهم هو السيطرة على الخلافات وإيجاد الحلول للمشاكل. وإجراء حوار ثنائي بناء، والتعمق في معرفة نوايا الطرف المقابل، لتجنب الأحكام الخاطئة. وعلى الجانبين أن يلتزما بعدم القيام بسلوكات تضر بالوضع العام لسلامة وتطور العلاقات بين البلدين.
تواجه الصين مستقبل العلاقات الصينية الأمريكية بإنفتاح وتعاون، وفي ذات الوقت بالإستعداد الإستراتيجي. وتسعى الصين إلى تعميق الإصلاح وتحفيز التنمية، ورفع قوتها الشاملة بإطراد. وستتمسك الدبلوماسية الصينية بالإيجابية والبراغماتية، وتعمل على رفع النفوذ الصيني دوليا. وتثق الصين في قدرتها على التأقلم مع البيئة الدولية ومواجهة المخاطر، وتأمل من الإدارة الأمريكية الجديدة أن تلتزم بالمبادئ الرئيسية للعلاقات الصينية الأمريكية وتمشي يدا بيد مع الصين إلى الأمام.