بقلم/ بان قوانغ، مدير مركز أبحاث منظمة شانغهاي للتعاون بأكاديمية شانغهاي للعلوم الاجتماعية
تشهد منطقة الشرق الاوسط مؤخرا تتطورات تتجه نحو المشهد الدرامي: المؤتمر الدولي بشأن سوريا لم تنظمه الولايات المتحدة وأوروبا، وأنما نظمته ثلاث دول تابعة لمنظمة شانغهاي للتعاون،وهى روسيا عضو كامل العضوية للمنظمة،وايران التى تتمتع بوضع مراقب للمنظمة وتركيا التى تتمتع بوضع شريك حوار للمنظمة. وعلاوة على ذلك، لم يعقد المؤتمر في جنيف أو باريس وأنما في أستانا عاصمة كازاخستان دولة عضو في منظمة شانغهاي للتعاون. ذكر المراقبون الدوليون أن منظمة شانغهاي للتعاون تدخل منطقة الشرق الاوسط، وأنها تلعب دورا متزايد الأهمية في الشرق الاوسط وعلى الساحة الدولية أيضا.
في الواقع،دخول منظمة شانغهاي للتعاون الى الشرق الاوسط ليس وليد اليوم. في عام 2005، قبلت المنظمة ايران بصفة مراقب رسميا، وهي الخطوة الاولى نحو الشرق الاوسط.وفي عام 2012، تم قبول تركيا بصفة شريك حوار ايضا ما يبين تقدم في العلاقات بين المنظمة والشرق الأوسط.وفي خريف عام 2015، أدى التدخل العسكري الروسي في سوريا على نطاق واسع إلى تغيير وضع الحرب بسرعة. وقبل وبعد، كان التدخل التركي والروسي والايراني في سوريا في كثير من الاحيان عكسي. وبعد الانقلاب العسكري الذي شهدته تركيا في يوليو عام 2016، سرعان ما ارتفعت حرارة العلاقات بين تركيا وروسيا وايران، لتساهم تدريجيا في عقد مؤتمر أستانا.
وفي الوقت نفسه، لعبت دول اخرى اعضاء في منظمة شانغهاي للتعاون دورا ايجابيا وبناءا في شؤون منطقة الشرق الاوسط. على سبيل المثال، مبادرة " الحزام والطريق" التي طرحتها الصين تعود بمنفعة كبيرة على جميع دول منطقة الشرق الاوسط. وتتضمن " مدينة التنين" بالامارات العربية المتحدة اكثر من 300 ألف صيني يساهمون في تعزيز التجارة في الشرق الاوسط. كما تلعب البحرية الصينية دورا مهما في مكافحة القرصنة في خليج عدن، ويشارك الجنود الصينيون في عمليات الامم المتحدة لحفظ السلام في جنوب لبنان،كما ينشط العمال الصينيون بجد في مواقع البناء في دول الشرق الاوسط، وانشاء اول قاعدة بحرية صينية في جيبوتي،بالاضافة الى الجهود التي يبذلها مبعوث الصين الخاص للشرق الاوسط والرامية الى تشجيع المفاوضات السلمية.
يبدو أن تاثير منظمة شانغهاي للتعاون في الشرق الاوسط لم يظهر، بالرغم من تنامي دورها في المنطقة. والواقع أن المنظمة لم تتخذ اجراءات جماعية في الشرق الاوسط، ولكن في العديد من قممها في الاونة الاخيرة، اعربت عن موقفها وآرائها تجاه قضايا الشرق الاوسط.على سبيل المثال، اشار البيان الصادر عن قمة منظمة شانغهاي للتعاون في طشقند في يونيو عام 2016 الى :" ضرورة الإسراع في تحقيق استقرار الوضع في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عن طريق التسوية السياسية للأزمات،وفقا لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة وأحكام القانون الدولي المتعارف عليه". و"التأكيد على ضرورة الحفاظ على وحدة أراضي سوريا وسيادتها واستقرارها، وأيضا على عدم وجود بديل للتسوية السياسية للأزمة التي ستتيح للشعب السوري تحديد مستقبله بنفسه". ومن الواضح أن مبدأ مشاركة منظمة شانغهاي للتعاون في حل مشكلة الشرق الاوسط، والمبادئ التوجيهية لتنظيم روسيا وتركيا وايران المؤتمر الدولي بشأن سوريا. وعلى المدى الطويل ، فإن عدم تحقيق السلام والاستقرار في الشرق الاوسط سيصعب تنفيذ مبادرة " الحزام والطريق " الصينية أو "أوراسيا" الخطة الروسية في منطقة الشرق الأوسط بنجاح. ويشكل الارهاب والتطرف في الشرق الاوسط تهديدا مباشرا لأمن الدول الاعضاء في منظمة شانغهاي للتعاون.لذلك، يجب على الدول الاعضاء في المنظمة المشاركة بنشاط أكبر في شؤون الشرق الاوسط لتعزيز السلام والتنمية في المنطقة.