بروكسل 21 فبراير 2017 / حاول نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس في أول غزوة دبلوماسية له إلى بروكسل تبديد شكوك الاتحاد الأوروبي إزاء موقف الإدارة الأمريكية الجديدة تجاهه. مع ذلك، يبقى من غير الواضح ما إذا كان الاتحاد الأوروبي سوف يشتري.
وقال رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك إنه أثار " ثلاث مسائل رئيسية" هي بالتحديد النظام الدولي والأمن وسلوك الإدارة الأمريكية تجاه الاتحاد الأوروبي، خلال اجتماعه مع بنس وكانت كل أجوبته إيجابية.
لكن في ضوء وصف الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب للاتحاد الأوروبي بأنه "وسيلة لألمانيا" وإشادته بخروج بريطانيا بـ"الأمر العظيم "ووصفه لحلف الناتو بأنه " عفا عليه الزمن"، لا يبدو الاتحاد الأوروبي متأكدا بنسبة 100 بالمئة من أن بنس يمكن أن يكون حقا " بالنيابة عن الرئيس ترامب"، كما زعم.
بالإضافة إلى ذلك، اصطدم مطلب إدارة ترامب بتقاسم الأعباء الدفاعية بنيران المدفعية الثقيلة لقادة الاتحاد الأوروبي.
وبالرغم من أن بنس أكد مجددا في خطابه بمؤتمر ميونيخ للأمن الأسبوع الماضي دعم الولايات المتحدة "الثابت" لحلف الناتو، إلا إنه وقف على أرض الإدارة الأمريكية الجديدة، مطالبا أعضاء الناتو بزيادة انفاقهم على الدفاع إلى مستوى 2 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي، وإلا ستعدل الولايات المتحدة عن إلتزامها إزاء أمن حلفائها، على حد تحذيره.
وقد نفضت سياسة " العصا والجزرة" هذه ريش الاتحاد الأوروبي. وقال رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكرعلى هامش مؤتمر ميونيخ للأمن إن الاتحاد الأوروبي لا يجب أن يرضخ لضغط الولايات المتحدة، مجادلا بأن استثمار الاتحاد الأوروبي في التنمية والمساعدات الإنسانية يمكن أن ينظر إليه أيضا كاستثمار في الأمن.
وشاطرته الرأي ممثلة الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي فيدريكا موغيريني التي شككت أيضا في أن رفع القدرات العسكرية هي السبيل الوحيد لتعزيز الأمن.
ومشددة على " طريقة أوروبية"، قالت موغيريني في ميونيخ إن "الاستثمار في التنمية ومكافحة التغير المناخي هو أيضا استثمار في أمننا".
وبالإضافة إلى ذلك، هددت موغيريني بأن الاتحاد الأوروبي سوف يشق طريقه. "هذا يعني أن الاتحاد الأوروبي سيعمل على بذل المزيد من الجهد بشأن دفاعه كاتحاد أوروبي"، مضيفة أن الاتحاد الأوروبي يؤسس صندوق الدفاع الأوروبي الذي سيدعم تعاون الدول الأعضاء في الإنفاق الدفاعي.
ومن الواضح أن تشدد الولايات المتحدة بشأن تقاسم أعباء الناتو قد أثار ردة الفعل القوية تلك إلى حد أن الاتحاد الأوروبي يدرس الدفاع عن نفسه بشكل مستقل متخليا عن حليفه الأمريكي الطويل.
وما يضيف الوقود على النار هي سياسات ترامب " أمريكا أولا" التي قد تورط الاتحاد الأوروبي في نزاع تجاري محتمل.
وبعد توليه منصبه، تعهد ترامب بوضع استراتيجية " أمريكا أولا" وإتخاذ إجراءات قوية ضد الدول التي لديها فوائص تجارية كبيرة مع الولايات المتحدة. ونتيجة لذلك، أصبحت ألمانيا التي لديها فائض تجاري 64.8 مليار دولار مع أمريكا هدفا رئيسيا لترامب.
وفي ضوء هجوم ترامب على ألمانيا بسبب " التلاعب باليورو" وموقف "العين بالعين" للمستشارة الألمانية إنغيلا ميركل، يرجح أن يندلع نزاعا إن لم يكن حربا تجارية. والشجار بين برلين وواشنطن من شأنه أن يؤثر بالتأكيد على دول الاتحاد الأوروبي الأخرى.
هناك خطر من أن تتخلي إدارة ترامب عن تقاليد 70 عاما من علاقات تأسست على القيم المشتركة عبر ضفتي الأطلسي. ويعول الاتحاد الأوروبي بكل تأكيد على أفعال ترامب وليس أقوال بنس.