حمص، سوريا 21 مايو 2017 / استدلت مدينة حمص (وسط سوريا) يوم الأحد الستار على آخر فصول الإرهاب ، بخروج آخر دفعة من مسلحي حي الوعر، لتعلن مدينة حمص بالكامل خالية من السلاح والمسلحين، وباتت تحت سيطرة الحكومة السورية، بحسب الإعلام الرسمي السوري، ومصدر عسكري سوري .
وكانت محافظة حمص تسمى في الفترة الماضية من قبل مقاتلي المعارضة المسلحة بـ "عاصمة الثورة".
ونقلت وكالة الأنباء السورية (سانا) عن طلال البرازي محافظ حمص قوله في تصريح للصحفيين إن "حي الوعر أصبح خاليا من السلاح والمسلحين بعد إتمام خروج الدفعة الأخيرة من المسلحين وبعض أفراد عائلاتهم الرافضين لاتفاق المصالحة"، مبينا أن قوى الأمن الداخلي ستدخل إلى نقاط تمركز في القصر العدلي وقسم شرطة الوعر ومؤسسات الدولة.
وأشار المحافظ إلى أنه "سيتم اليوم الدخول إلى وسط الحي لحماية الأملاك العامة والخاصة بعد الانتشار الكامل لقوى الأمن الداخلي أمس"، لافتا إلى أن "الآلاف من أهالي حي الوعر المهجرين منه منذ أكثر من 3 سنوات سيدخلون إليه اليوم بعد أن أصبح آمنا حيث ستقدم الجهات المعنية جميع التسهيلات اللازمة لهم".
وأوضح المحافظ أن "عناصر الهندسة تتابع اليوم أعمالها داخل الحي لإزالة مخلفات التنظيمات الإرهابية من عبوات ناسفة والغام ومفخخات لا سيما في مقراتها حفاظا على أرواح المواطنين".
ومن جانبه عرض التلفزيون الرسمي السوري صورا مباشرة لحي الوعر من الداخل بعد خروج آخر مسلح من الحي بعد سنوات من خروجه عن سيطرة الدولة السورية، وبين عدد كبير من الأهالي يدخلون اليه لتفقد منازلهم وبعضهم يحمل الإعلام السورية.
وأجرى التلفزيون السوري لقاءات مع بعض المواطنين الذين فروا منه، وعبروا عن فرحتهم بعودة الأمن والأمان لحي الوعر .
وقال مصدر عسكري سوري في مدينة حمص لوكالة ((شينخوا)) بدمشق إن "أكثر من الفي شخص خرجوا في الدفعة الأخيرة اليوم من حي الوعر إلى الشمال السوري"، مؤكدا أن نصفهم اتجه باتجاه بلدة جرابلس في ريف حلب الشمالي، والنصف الآخر اتجه باتجاه ريف إدلب، مبينا أن هذا العدد كان من ضمنه حوالي 600 إلى 700 مسلح جلهم من (جبهة النصرة) و(حركة احرار الشام).
وحمل بعض المسلحين وأفراد أسرهم بعض أمتعتهم وبنادقهم الآلية الخفيفة، وصعدوا إلى الحافلات التي ستقلهم إلى المناطق التي تخضع لسيطرة المسلحين في شمال سوريا، وفي أعينهم شيء من الحزن لتركهم هذا المعقل الأخير لهم في مدينة حمص، بحسب مراسل وكالة أنباء ((شينخوا)) بدمشق.
وخرج قسم منهم دون أن يضع على وجهه أي غطاء، في حين أن بعضا منهم ارتدى بعض الأقنعة التي تحمل شارات تدل على التنظيم الذي ينتمي إليه ومعظمهم من تنظيم (جبهة النصرة) المرتبط بتنظيم القاعدة، وبعضهم طلب من الصحفيين التقاط صورة له عن قرب على غير عادة.
وقالت امرأتان تغطيان نصف وجوههما للصحفيين "إننا لسنا إرهابيين ولم نحمل أسلحة لكننا نترك لأن لا خيار آخر لنا".
ويبدو أن بعض النساء لم يكونوا راضين عن أفعال ازواجهم بحمل السلاح ضد الحكومة السورية، الأمر الذي جعلهم يحزنون لمغادرتهم الحي بهذه الطريقة.
وخلال عملية إجلاء المسلحين من حي الوعر تم إخراج الصحفيين من الحي، فيما يبدو أن الحكومة تريد إجلاء قادة المتمردين الذين هم من الرعايا العرب الذين لا يريدون أن يظهروا لوسائل الإعلام، لأن بلدانهم تدعم عمليات إجلائهم.
وزينت الشوارع وبعض الأماكن بالأعلام الروسية والسورية، واحتفلت الشرطة العسكرية الروسية بالمدنيين داخل الحي.
وقال محمد، وهو مدرس، لوكالة أنباء ((شينخوا)) إنه ظل في الوعر خلال فترة سيطرة المسلحين على الحي وأضاف "أنه كابوس انتهى الآن".
وأضاف "كانت سنوات مريرة" قائلا "الله ينتقم منهم لكثرة العذابات التي قاموا بها تجاه الحي".
وقالت سمر، وهى امراة من الحي، لوكالة ((شينخوا)) إن "حياتها تشوبها حالة من الرعب والجوع واليأس، ولكنني الآن أعيش حالة من الأمل مرة أخرى، وأنا سعيدة للغاية بخروج المسلحين من الحي".
كما احتفل الشبان والشابات بالجنود السوريين والروس.
ويأتي هذا الإجلاء بعد اتفاق مع الحكومة لمنحهم ممر آمن للمناطق التي يسيطر عليها المسلحون في شمال سوريا في عام 2015.
وقد واجه تنفيذ الاتفاق عدة عقبات قبل إعادة تنشيطه في مارس الماضي.
ومنذ شهر مارس، غادرت 12 دفعة من المسلحين وأفراد عائلاتهم منطقة الوعر، حيث يقدر عدد الأشخاص الذين تم إجلاؤهم بأكثر من 17 ألف شخص بينهم، 7000 مسلح، وفقا لتلفزيون الدولة.
وتشير إحصاءات سابقة إلى أن حي الوعر مترامي الأطراف الواقع غرب مدينة حمص، كان موطنا لقرابة 300 ألف شخص قبل اندلاع الحرب في سوريا قبل أكثر من ست سنوات.
لكن العدد انخفض خلال السنوات الست إلى 75 ألفا بقوا في تلك المنطقة التي تحاصرها القوات الحكومية منذ عام 2014.
وتعد حمص واحدة من أهم المراكز الصناعية في سوريا، ويوجد فيها أكبر مصفاة للنفط في البلاد وحقول النفط والغاز الرئيسية في ريفها الشرقي.
والمدينة هي أيضا المحور الذي يربط المدن السورية الكبرى ببعضها البعض، وستكون السيطرة الكاملة على المدينة خطوة مهمة في دفع الحكومة للسيطرة الكاملة على المدن الخمس الرئيسية في دمشق، حمص، اللاذقية، حلب وحماة.
وكانت مدينة حمص تسمى "عاصمة الثورة" من قبل المسلحين، حيث كانت من أوائل المدن التي انضمت إلى الحركة المناهضة للحكومة في سوريا في منتصف مارس 2011.
وفي أواخر عام 2014، قبل المسلحون في مدينة حمص القديمة اتفاقا لإجلائهم من الجزء القديم من المدينة، والتي تم طمسها إلى حد كبير بسبب الحملة العسكرية في ذلك الجزء من المدينة.
وفي عام 2015، تم التوصل إلى اتفاق حي الوعر ، على غرار الاتفاق في المدينة القديمة، قبل أن يتم تنشيطها في مارس من هذا العام.
وبعد الإجلاء الكامل للمسلحين من حي الوعر ، ستتركز جهود الحكومة على التوصل إلى اتفاقات مماثلة في ريف حمص الشمالي، حيث لا يزال المسلحون يسيطرون على بعض المناطق.