تعليق : الصين تبقى هادئة في مواجهة ارتفاع معدلات الفائدة الأمريكية

بقدرة متنامية على الإدارة الجيدة للصدمات المحتملة التي قد يتعرض لها اقتصادها، من المتوقع أن تستطيع الصين الهادئة واليقظة أيضا، أن تتعامل بذكاء مع الـتأثيرات الناجمة عن ارتفاع معدل الفائدة الأمريكية.

وفي إظهار للثقة في التعافي التدريجي للاقتصاد الأمريكي،رفع مجلس الاحتياطي الفيدرالى سعر الفائدة الأساسية بمقدار ربع نقطة، ليتراوح من 1 بالمئة إلى 1.25 بالمئة، وكشف عن خطط لبدء خفض الميزانية العمومية البالغة حاليا 4.5 تريليون دولار أمريكي.

وتساعد الوتيرة البطيئة لرفع أسعار الفائدة منذ ديسمبر 2015 ، السوق على استيعاب الآثار مسبقا.

وبالنسبة إلى الصين،من المتوقع أن يؤدي الارتفاع في أسعار فائدة مجلس الاحتياطى الفيدرالي وتنويع حيازة السندات إلى إحداث ضغط على أسعار الصرف وعلى التجارة والتوقعات النفسية للسوق،وبخاصة مخاطر خفض قيمة العملة وتدفق رأس المال للخارج.

لكن الموقف لايزال تحت السيطرة .

وتزداد قدرة الصين على الادارة الاقتصادية، مع سياسة نقدية للبنك المركزي أكثر خبرة وذكاء،تأتي على قمة آليات أخرى يتم تطبيقها.

ومن بين العوامل الهامة في حفاظ الصين على النمو المطرد وجود سياسة نقدية مستقرة ومحايدة تستطيع التكيف مع الظروف الاقتصادية، جنبا إلى جنب مع تطبيق إصلاحات مثمرة في الهيكل الاقتصادي الصيني.

إن أحدث تقديرات صندوق النقد الدولي تقول إن معدل النمو الاقتصادي الصيني يبلغ هذا العام 6.7 بالمئة، مع توقعات بتحقيق معدل نمو سنوي يصل إلى 6.4 بالمئة في السنوات الثلاث المقبلة. مثل هذا النمو سوف يساعد الصين على الحفاظ على وضعها القيادي بين الاقتصادات الكبرى، لتبقى الصين مساهما كبيرا في النمو الاقتصادي العالمي.

وأعلن البنك الأوروبي المركزي يوم الثلاثاء أنه قام بتغيير جزء من احتياطياته النقدية بالدولار إلى الرنمينبي، وهي إحدى العلامات الأخيرة على الثقة القوية في العملة الصينية خارجيا.

وأظهرت البيانات التي أعلنها مكتب الاحصاءات الوطني الصيني أمس الأربعاء نموا مطردا فى البلاد في الشهور الخمسة الأولى من العام الجاري، يقوده الإصلاح الهيكلي لجانب العرض والاستراتيجية القائمة على الابتكار.

ويؤدى الابتكار دورا متزايد الأهمية في التوسع الاقتصادي الصيني، ما يشير إلى إمكانات لا يمكن تجاهلها يوفرها الابتكار لقوة الاقتصاد الصيني.

إن النمو الاقتصادي القوي والمطرد سوف يساعد العملة الصينية الرنمينبي على الحفاظ على قوتها رغم الشكوك الكثيرة التي تلوح في المشهد السياسي والاقتصادي العالمي،والذي ربما سوف يشهد استمرارا في تقلبات سعر صرف الدولار الأمريكي.

وتتعلق تلك الشكوك بارتفاع أسعار الفائدة التي أعلنها مجلس الاحتياطي الفيدرالي لهذا العام، وإجراءاته في سبيل خفض حيازة السندات ، والسياسات الضريبية وسياسات تشييد البنية الأساسية الجديدة التي تتبناها واشنطن، والانتخابات الألمانية وعملية الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبى والتهديدات الإرهابية والأحداث الجيوسياسية غير المتوقعة، بين أشياء أخرى.

بالاضافة إلى ذلك، فإن الإجراءات الاحترازية من جانب البنوك المركزية بالاقتصادات الكبرى في مواجهة رفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة، ربما تشير إلى اتجاه في سياسات هذه الاقتصادات نحو الخروج من التحفيز الاقتصادي.

ويدعم هذا الاتجاه تعافي الاقتصاد العالمي ومعدلات تضخم معقولة في تلك البلاد.

وهذا سوف يعني تضييق الفجوة في أسعار الفائدة بين الدولار الأمريكي والعملات الرئيسية الأخرى، الأمر الذي سوف يعمل على احتواء الارتفاع في قيمة العملة الأمريكية ويخفف الضغط على العملة الصينية. وهكذا، فإن الصين لديها كل الأسباب لكي تواجه الارتفاع الأخير في أسعار الفائدة الأمريكية بنوع من الهدوء.