كونه مهندس بترول ناجحا، لم يمنعه من تحقيق أحلامه في أن يصبح مربيا معروفا للنحل.
فقد قرر الشاب المصري محمد هجرس (32 عاما)، الذي يعمل في شركة بترول معروفة، أن يبدأ أعمال تربية النحل في مزرعته ، عن يقين وقناعة بأن منتجات النحل والعسل تعد من بين أكثر الاستثمارات أمانا في البلد العربي الأكثر سكانا.
وعرف هجرس تربية النحل في عمر 6 سنوات عندما أعتاد أن يساعد والده في مزرعته.
وقال هجرس بابتسامة وفخر" لقد كان حبا من أول وهلة عندما دخلت لأول مرة منحلنا حيث أنه كان نافذتي لرؤية الطبيعة. ومنذ هذه اللحظة، أردت أن أصبح مربيا للنحل وأوسع أعمال والدي".
وفي مزرعته الواقعة في محافظة البحيرة بدلتا مصر، كان هجرس الذي ينحدر أساسا من محافظة المنوفية المجاورة، يتابع عماله وهم يجمعون بعناية النحل الطازج من 500 خلية نحل، معلنا بدء موسم جمع العسل الكبير الذي يبدأ في يونيو.
وقال وهو يرتدي بدلة الحماية من النحل " لقد بدأت أعتني بمزرعة والدي في عام 2014"، مضيفا " بدأت بالعشرات من الخلايا والآن لدي 500 خلية".
وقبل بدء حياته المهنية في تربية النحل، درس هجرس المشروع بعناية واكتسب ما يكفي من المعلومات والمعرفة التي تساعده على إدارة عمله بنجاح.
وقال الرجل وهو يقشر خلايا الشمع للحصول على العسل الذهبي الطازج " لقد اكتشفت أن تربية النحل صناعة ناجحة تدر دخلا جيدا". وتابع " لقد استفدت أيضا من العيش في مجتمع ريفي حيث يزرع القرويون المحاصيل الموسمية التي يمكن أن تكون طعاما جيدا للنحل".
وفي فترة قصيرة جدا، نجح هجرس في صنع اسمه في سوق العسل المصري ويدير شركة خاصة تصدر منتجات العسل والنحل إلى بلدان أخرى.
وقال " خلايا النحل لدي تنتج نحو 5 آلاف طن من العسل الطبيعي الذي أبيعه محليا، كما أصدر منتجات أخرى مثل حبوب اللقاح والشمع وسم العسل وغذاء الملكات إلى الدول العربية المجاورة".
وأكد هجرس أنه يعمل بشكل مشترك مع النحالين لإعادة مصر إلى المسار الصحيح كدولة رائدة في صناعة العسل والنحل.
وأوضح الرجل أن مصر كانت واحدة من أقدم الدول في مجال تربية النحل، مضيفا أن الرسومات الفرعونية على المقابر وغيرها على المعالم الأثرية في مصر تظهر كيف كانت تمارس مهنة تربية النحل.
وقال إن تربية النحل حظيت باهتمام بالغ في عهد الفراعنة حيث تظهر النقوش والرسومات على المعابد القديمة أن تربية النحل تميزت باستخدام خلايا اسطوانية ونحالة مرتحلة كانوا ينتقلون بالخلايا عبر نهر النيل محملة بكميات كبيرة من العسل.
وفي حديثه عن الوضع الحالي لتربية النحل في مصر، أكد هجرس أن الدولة الواقعة في شمال إفريقيا تعتبر أهم دولة في قطاع تربية النحل في الشرق الأوسط بأكثر من 3 ملايين خلية.
ووفقا للإحصاءات الرسمية، فإن مصر صدرت بما قيمته 135 مليون دولار من العسل ومنتجات النحل (2.4 مليار جنية مصري) في عام 2016، وهو رقم كبير مقارنة بالعامين السابقين.
وقال المهندس "إن صناعة النحل والعسل ثروة وطنية يجب أن تدعمها الحكومة"، مضيفا أن الحكومة يمكنها أن تكسب المليارات من العملة الأجنبية إذا دعمت هذا القطاع بشكل كامل.
وقال إن ارتفاع أسعار المواد والمعدات يعوق أو يقلل من تطور هذه الصناعة الأمر الذي يستدعي التدخل الحكومي ماليا وتقنيا لدعم المربين.
وأشار هجرس بينما كان يصب العسل في برطمانات زجاجية إلى "واحدة من المشكلات الخطيرة التي تواجه النحالين المصريين هي غياب الأدوية الأصلية للأمراض التي تواجه قطاع تربية النحل. وهذا يفتح الباب أمام مافيا الأدوية المضروبة والمحلية والمهربة".
ويتوقع الرجل أن يجعل النظام الجديد الذي تشرف عليه الحكومة من مصر دولة رائدة في صناعة العسل حيث أن مصر هي الدولة الوحيدة القادرة على إنتاج النحل والملكات طوال العام نظرا لمساحاتها الزراعية الشاسعة.
وقال هجرس "كل هذا العوامل يمكن أن تجعل مصر دولة مؤهلة لتصبح مركزا دوليا لتربية النحل. وسيكون التسويق العالمي لقطاع تربية النحل في مصر استثمارا جيدا من شأنه أن يضخ ملايين الدولارات ويوفر العديد من فرص العمل للآلاف من الشباب المصريين".