تحول أداء الإقتصاد الصيني إلى مركز اهتمام داخل الرأي العام المحلي والأجنبي خلال السنوات الأخيرة. وأظهرت البيانات الصادرة من مختلف المؤسسات العالمية، تحليلات وتوقعات متباينة لمستقبل آداء الإقتصاد الصيني. وفي الأثناء، تصدر العديد من الأصوات المتشائمة بمستقبل الإقتصاد الصيني، على غرار مؤسسة مودي التي قامت بخفض تصنيف الإئتمان الصيني. لكن الحقيقة أسقطت جميع هذه التنبؤات والتحليلات في الماء. حيث تظهر البيانات الأخيرة الصادرة عن مكتب الإحصاء الوطني الصيني، بأن الإقتصاد الصيني قد حافظ على نموه الإجمالي المستقر خلال شهر مايو الماضي، وسجّل اتجاه إلى الأفضل، كما من المتوقع أن ستواصل هذا الآداء.
4 عوامل كبرى تدعم الإستقرار الإقتصادي
"يمكن تلخيص الآداء العام للإقتصاد الصيني خلال شهر مايو في الجملة التالية: النمو المستقر، والإتجاه نحو الأفضل." قال ذلك المتحدث الإعلامي للمكتب الوطني للإحصاء ليو آي هوا، في حديثه عن آداء الإقتصاد الصيني خلال شهر مايو. وأضاف ليو، بأن هناك 4 خصائص ميزت آداء الإقتصاد الصيني خلال الفترة الأخيرة: أولا إستقرار الإنتاج والطلب، ثانيا تحسن معدلات التوظيف، ثالثا هدوء معدلات ارتفاع اسعار السلع، رابعا تحسن ميزان المدفوعات الدولي.
"بالنظر من بيانات شهر مايو، اتضح أن تأويل بعض وسائل الإعلام والأجهزة المالية للإضطرابات قصيرة المدى لبعض المؤشرات الإقتصادية كان مبالغا فيه. وفي الحقيقة، إن التصدير والإستهلاك وغيرهما من المؤشرات الإقتصادية لم تكن بالضعف الذي توقعته الأوساط الأجنبية، على العكس أظهرت آداءا مستقرا، وهو ماسيساعد على تعزيز الثقة في السوق." يقول الباحث بقسم أبحاث الإقتصاد الكلي التابع لمركز مجلس الدولة لأبحاث التنمية تشانغ لي تشيون.
وأشار ليو آي هوا إلى وجود 4 أسباب رئيسية لإستقرار آداء الإقتصاد الصيني خلال شهر مايو الماضي: أولا تحسن آداء الإقتصاد الحقيقي مع بدء تنفيذ جملة من السياسات الحكومية؛ ثانيا انعتاق المزيد من القوى الحيوية الداخلية للنمو الإقتصادي، حيث نمى إجمالي قيمة البيع بالتجزئة للمواد الإستهلاكية في شهر مايو بـ 10.7%. ونمت الإستثمارات في قطاع صناعة التكنولوجيا العالية بـ 22.5%؛ ثالثا النمو السريع لقوى الدفع الجديدة، إذ نمت القيمة المضافة لصناعة التكنولوجيا العالية في شهر مايو بـ 11.3%، ونمت صناعة المعدات بـ 10.3%، ونمى قطاع التجزئة على الإنترنت بـ 32.5%؛ رابعا تحسن البيئة الخارجية، حيث بدأ الإقتصاد العالمي يشهد تعافيا خفيفا في الوقت الحالي، وهو ما انعكس على آداء الصادرات الصينية، حيث نمت الصادرات الصينية للصناعة مافوق النطاقية في شهر مايو الماضي بـ 10.7%.
تفاؤل المؤسسات الدولية
الآداء الجيد الذي أظهره الإقتصادي الصيني، أثار تفاؤل المؤسسات الدولية. حيث أشار صندوق النقد الدولي مؤخرا إلى أن الإقتصاد الصيني دخل مرحلة النمو المستدام، وأن الإصلاح قد أحدث تقدما في مجالات واسعة. وأضاف تقرير صندوق النقد الدولي بأن الصين بات بإمكانها المحافظة على نمو قوي. وتوقع صندوق النقد الدولي بأن ينمو الإقتصاد الصيني خلال عام 2017 بـ 6.7%، مرفعا توقعه بـ 0.1 نقطة مئوية. كما قدّر صندوق النقد الدولي نمو الإقتصاد الصيني بمتوسط 6.4% مابين 2018 و2020.
في الحقيقة، ليس صندوق النقد الدولي وحده من أبدى موقفا متفائلا تجاه مستقبل الإقتصاد الصيني. منظمة التعاون الإقتصادي والتنمية، هي الأخرى قامت برفع توقعاتها بنمو الإقتصاد الصيني خلال عام 2017 من 6.5% إلى 6.6%. أما مؤسسة جيبي مورغن فتوقعت بأن ينمو الإقتصاد الصيني خلال عام 2017 بـ 6.7%. ومع تحسن مؤشرات الإقتصاد الكلي الصيني ارتفعت ثقة المستثمرين الدوليين في الإقتصاد الصيني.
وجود ضمانات للنمو القوي
"بالنظر إلى استقرار العام الذي يشهده الإقتصاد الصيني، وارتفاع قدرات الشركات الصينية على التأقلم وتحسن الهياكل الإقتصادية، بات هناك المزيد من الضمانات لتحقيق استقرار للإقتصاد الصيني"، يقول تشانغ لي تشيون.
من جهة أخرى، يرى ليو آي هوا، أن العوامل التي تدفع الإقتصاد الصيني نحو الإستقرار تتحسن بإستمرار: أولا، باتت الأسس الصناعية أكثر قوة، في ذات الوقت تتوسع حصة قطاع الخدمات باستمرار، وتنمو صناعة التكنولوجيا العالية وصناعة المعدات والمنتجات الجديدة بسرعة؛ ثانيا، أضحت قوى دفع الإستهلاك أكثر قوة، في ظل تحسن قدرات وبيئة الإستهلاك وقوة العرض، ولايزال هناك إمكانيات كامنة كبيرة لتطور الإستثمار؛ ثالثا، تتعزز الثقة في النمو بشكل مستمر، حيث تظهر البيانات ذات الصلة إرتفاعا شاملا في ثقة الشركات سواء في قطاعات التصنيع والقطاعات غير التصنيعية؛ رابعا، تحسن بيئة النمو، مع تحسن العلاقة بين العرض والطلب، وبروز تغيرات ايجابية في البيئة الدولية.