جنوب وشرق لبنان 29 يونيو 2017 / أطلقت منظمات وجمعيات محلية وعالمية راعية للنازحين السوريين في لبنان دورات تدريبية مهنية بهدف توفير مهنة للنازح تساعده في تحصيل جانب من حاجياته المادية، لكن هذا التوجه استفز جانبا من المجتمع اللبناني المضيف الذي اعتبر هذه الخطوة تحديا جديدا لليد العاملة اللبنانية من شأنه رفع نسبة البطالة البالغة 30 في المئة.
وتنظم جمعية "آفسي" دورات مهنية قصيرة ومتوسطة الأمد للشباب والشابات السوريين بين 15 و25 عاما في تجمعات النازحين وفي بعض القرى القريبة من مخيماتهم.
وتقول سيلفا عيد إحدى المشرفات على هذه الدورات لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن الجمعية تدفع للمتدرب بدلا يوميا بقيمة 10 دولارات أمريكية مع وجبة طعام، إضافة إلى بدل النقل من التجمعات إلى مراكز التدريب.
وتوضح أن المتدرب يتسلم في ختام الدورة شهادة تحدد التدريب الذي تلقاه علما أن أعمال التدريب تشمل مهنا مختلفة بينها تقليم وتطعيم الأشجار المثمرة وتربية الدواجن والنحل وتعليب الخضار والفاكهة والزراعة والري والتجارة العامة والكهرباء وميكانيكا السيارات والسباكة والخياطة وتلحيم الحديد والنجارة والدهان.
بدورها، كانت أطلقت جمعية "شيلد" الدولية برنامج تدريب وتأهيل مهني للنازحين طال العديد من تجمعاتهم في مختلف المناطق اللبنانية ويشير المدرب حسان حرب إلى أن الدورات التي جرت في بلدتي الهبارية وشبعا في القطاع الشرقي من جنوب لبنان شملت تعليب الخضار والفاكهة وصناعة الصابون بمشاركة حوالي 59 نازحا ونازحة.
ويقول إن الهدف من الدورات توفير فرص عمل للنازحين وتحفيزهم وتشجيعهم على اقتحام مجال العمل والحصول على تكوين مهني يساعد الشبان في حياتهم العامة بعد عودتهم إلى سوريا.
وحول اثر وانعكاسات هذه الدورات يؤكد نهاد ابو حميد رئيس احدى الجمعيات المهنية في منطقة البقاع أنها أدت إلى رفع عدد العاملين المهنيين في صفوف النازحين بنسبة 7 إلى 10 في المئة.
ويضيف "أثرت سلبا هذه الدورات على اليد العاملة اللبنانية حيث يتدفق المزيد من السوريين إلى سوق العمل التي تسجل تراجعا واضحا في عمالة اللبنانيين لمصلحة المنافسة السورية، ذلك أن أرباب العمل يفضلون العامل السوري الذي يتدنى أجره عن نظيره اللبناني بنسبة 35 في المئة مما فاقم مشكلة المنافسة التي تستفز بشكل واسع العمال اللبنانيين الذين كانوا شرعوا منذ فترة في حملة احتجاجات واعتصامات لوقف العمالة السورية غير المرخص لها.
ويوضح الناشط الاجتماعي احمد ابو علي أن أصداء الاحتجاجات على العمالة السورية وصلت إلى البلديات ووزارة العمل التي كانت حددت عمل النازحين في الزراعة والنظافة.
ويضيف أن الواقع على الأرض يظهر أنه لا يخلو اي متجر أو معمل أو مؤسسة من العمال السوريين مما أثار احتجاجات في العديد من القرى والمدن اللبنانية وصلت إلى حد التهديد بطرد النازحين من القرى ومقاطعة المؤسسات التي تشغل السوريين.
ويلفت إلى أن هناك "شرخا نأمل أن لا يكبر، قد قام بين المجتمع اللبناني المضيف والنازحين السوريين الذين اضطرتهم ظروف الحرب في بلدهم إلى النزوح والإقامة في بلدنا وسط ضبابية تحيط بعدم قرب إمكانية عودتهم الى سوريا".
بدوره، يقول احمد ابو عمري العامل اللبناني في مزرعة دجاج في سهل البقاع بشرق البلاد "منذ شهرين طردني صاحب المزرعة من عملي وابدلني بعامل سوري يبلغ أجره الشهري 300 دولار أمريكي بذريعة أن أجري يبلغ ضعفي أجره".
من جهتها، تروي آمال حجازي أنها كانت تعمل محاسبة في احدى الشركات لكنها طردت من العمل ليتم تشغيل نازحة سورية مكانها بأجر يوازي نصف ما كانت تتقاضاه.
ويتكرر مثل هذا الأمر مع سامر ابو عمر الذي طرد من عمله في سوبر ماركت لصالح عامل سوري.
ويقول ابو عمر "لن نقبل اطلاقا بضخ المزيد من العمال والمهنيين من النازحين الذين تقدم لهم الجهات الدولية مخصصات مالية وتقديمات صحية وحصص تموينية وعلى النازحين أن لايتجاوزوا حد الحلول مكاننا في أعمالنا وقد طفح الكيل ولم نعد لنقبل بهذا الوضع الشاذ الذي يحرمنا لقمة العيش".
من جهته، يحذر رئيس إحدى الجمعيات العمالية في البقاع احمد القادري من أاننا مقبلون على وضع أكثر مأساوية في حال لم يتم تدارك اجتياح النازح السوري لفرص العمل بحجة العوز والفقر".
ويضيف "أصحاب المؤسسات يعملون وفق قاعدة زيادة الأرباح ولذلك يفضلون تشغيل العامل السوري بدل اللبناني لأنه يقبل بأجر أقل لأنه ليس دافعا للرسوم والضرائب"، معتبرا أنه "على الدولة أن تأخذ بتدابير تحمي العامل اللبناني وأن تفرض غرامات قاسية على أصحاب الأعمال والمؤسسات التي تستخدم السوريين".
يذكر أن في لبنان أكثر من مليون ونصف نازح سوري يقيم بعضهم في أكثر من الف و400 مخيم عشوائي في مختلف المناطق اللبنانية وينعكس وجودهم في البلاد ضغوطا اجتماعية واقتصادية وأمنية وخدماتية.