بقلم وانغ شو شن، نائب مدير غرفة أبحاث العلاقات التايوانية الأمريكية بمعهد الدراسات التايوانية التابع للأكاديمية الصينية للعلوم الإجتماعية
تتالت المواقف الأمريكية من تايوان خلال الفترة الأخيرة. وفي 16 يونيو الماضي، قامت مجموعة المحيط الهادي بالكونغرس الأمريكي بتمرير مقترح "قانون السياحة في تايوان"، الذي يقضي بتحرير القيود على التبادل الأمريكي التايواني رفيع المستوى. كما قامت اللجنة العسكرية بمجلس الشيوخ الأمريكي في 28 يونيو بـإضافة المقترح التايواني لـ "قانون تفويض الدفاع الوطني"، والذي يسمح لسفن البحرية الأمريكية بالتوقف في ميناء قاوشيونغ وغيره من الموانئ التايوانية، إلى جانب السماح للقيادة العسكرية الأمريكية في المحيط الهادي بالإستجابة للطلبات التايوانية بدخول الموانئ. وفي 30 يونيو، أعلنت ادارة ترامب الكونغرس بأنها ستسلم أول صفقة سلاح إلى تايوان منذ بدء مهامها بقيمة 1.42 مليار دولار.
تعكس ورقة ترامب الأولى حول تايوان النقاط التالية:
أولا، تبرز هذه الخطوة الوجهين المتناقضين للسياسة الأمريكية تجاه تايوان. فمنذ تأسيس العلاقات الصينية الأمريكية، قام الجانب الأمريكي بشكل أحادي بوضع "قانون العلاقات مع تايوان"، والذي يحتوي على عدة تناقضات مع البيانات المشتركة ذات الصلة التي امضتها الصين وامريكا. لكن مختلف الإدارات الأمريكية، ظلت تضع هذه الوثائق في شكل حزمة واحدة في تشكيل موقفها تجاه سياسة "صين واحدة"، وهو ما عزز ازدواجية الموقف الأمريك من قضية تايوان.
تعد قضية بيع السلاح الأمريكي إلى تايوان قضية قديمة في العلاقات الصينية الأمريكية. وقد طالب الجانب الصيني الرئيس ترامب بعد توليه السلطة في أمريكا التزم الحذر في التعامل مع هذه المسألة. وعبرت الصين عن أملها في أن لا يقوم الجانب الأمريكي بإستفزاز المصالح الجوهرية الصينية والإضرار بالوضع العام للعلاقات بين البلدين. لكن ترامب أقدم على خطوة بيع السلاح، مدفوعا بحسابات السياسة الداخلية والمفاوضات الصينية الأمريكية والعلاقات التايوانية الأمريكية. ما عكس عودة التأثيرات السلبية للوجه المظلم في الموقف الأمريكي من قضية تايوان. وهي عقبة على الجانبين الأمريكي والصيني مواجهتها ومعالجتها من أجل مصلحة العلاقات الثنائية.
ثانيا، تزايد ضغوط اللوبيات الداعمة لتايوان على ترامب. تعرض ترامب لهجمات قوية من اللوبيات الداعمة لتايوان في أمريكا بعد أن تريث في مسألة بيع الأسلحة لتايوان من أجل كسب التعاون الصيني في قضية كوريا الشمالية والمشاكل الإقتصادية والتجارية. وتطالب اللوبيات الدعامة لتايوان في امريكا ترامب بإدخال تايوان داخل استراتيجيته في اسيا المحيط الهادي، لتفادي حدوث "فراغ استراتيجي". وتعتقد هذه القوى خلال السنوات الأخيرة، بأن الموقف الأمريكي بات يقترب شيئا فشيئا من مبدأ الصين الواحدة، وترى في أن ذلك لايخدم دور قوة التوازن الذي تلعبه أمريكا في منطقة خليج تايوان. كما لايخدم "إستقلالية" تايوان والإنفصال بين جهتي المضيق. وأمام ضغط اللوبيات الداعمة لتايوان، أقدم ترامب على اقرار صفقة الأسلحة لتايوان.
أخيرا، رغم أن الموقف الأمريكي الداعم لتايوان لن يتغير، لكنها سيأخذ نطاقا محدودا. فمنذ صعود تساي يينغ ون الحكم في تايوان، عملت على تعزيز الصادرات الأمريكية من السلاح إلى تايوان وتعزيز الصناعة الدفاعية المحلية. وتعود صفقة الأسلحة الحالية التي سلمتها ادارة ترامب إلى تايون، إلى اتفاق بين تساي يينغ ون مع ادارة اوباما، وتحتوي هذه الصفقة على جزء من الأسلحة الهجومية التي تتلائم مع تعديلات الإستراتيجيات الدفاعية لتايوان، وهو مايعكس الإهتمام والدعم الكبيرين الذين توليهما أمريكا لتايوان. لكن من جهة أخرى، لاتزال ادارة ترامب تسعى إلى دفع علاقاتها مع تايوان في اطار عام تشكله العلاقات الصينية الأمريكية. وبالنظر إلى محتوى الصفقة، لم تتضمن مبيعات الأسلحة الأمريكية طائرات أف-35 وغيرها من الأسلحة المتطورة، التي ألحت في طلبها تساي يينغ ون. ما يعكس التحفظات الأمريكية على بعض أنواع الأسلحة التي قد توتر العلاقات الصينية الأمريكية. فترامب يدرك حقيقة أن تساي التي تتخبط في مشاكل الحكم تحتاج إلى دعم أمريكي، لكنه يعي جيدا بأن هذا الدعم يجب أن يكون مدروسا.
وفي مواجهة الدعم الأمريكي لتايوان، على الصين أن تتحرك في اتجاهين متوازيين. أولا أن تشعر أمريكا بفداحة تحديها للمصالح الجوهرية للصين. وثانيا يجب ألا يترك الخلاف الصيني الأمريكي فضاءا تتحرك فيه إدارة تساي يينغ ون.