برلين 5 يوليو 2017 /في نظر الرئيس الصيني شي جين بينغ، تعد تنمية العلاقات الصينية- الألمانية على مر العقود بمثابة "قصة نجاح" عادت بفوائد حقيقية على الشعبين.
ففي الوقت الذي اجتمع فيه شي مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل يوم الأربعاء في برلين، اتفق الزعيمان على كتابة قصة أفضل وتحديد أهداف جديدة ورسم مسارات جديدة من أجل التنمية المستقبلية للشراكة الإستراتيجية الشاملة بين بلديهما.
-- شراكة أقوى
فقد رفعت الصين وألمانيا مستوى علاقاتهما إلى شراكة إستراتيجية شاملة خلال أول زيارة دولة قام بها شي لألمانيا في عام 2014.
وقال شي لميركل خلال محادثاتهما إن الصين مستعدة للانضمام إلى ألمانيا في تدعيم الثقة المتبادلة، وبناء المزيد من التوافق، وتعزيز التعاون والترابط الثنائيين من أجل ضمان تحقيق تنمية مستمرة للشراكة الإستراتيجية الشاملة بين البلدين.
ودعا الرئيس الصيني الجانبين إلى تكثيف التبادلات رفيعة المستوى، وإفساح المجال كاملا أمام الآليات الثنائية، وتعزيز الثقة السياسية المتبادلة.
وذكر أنه يتعين على الجانبين أيضا احترام المصالح الجوهرية والمخاوف الرئيسية للآخر والسعى من أجل إيجاد أرضيات مشتركة والعمل في الوقت ذاته على تنحية الخلافات جانبا والتعامل بشكل ملائم مع خلافاتهما على أساس الاحترام المتبادل والمساواة، داعيا إلى تعاون أوثق في مجالات مثل مكافحة الإرهاب والجرائم العابرة للحدود وتعقب المسؤولين الفاسدين الهاربين.
ومن ناحية أخرى، اقترح أن تسلك الدولتان مسارا يقوم على الانفتاح والابتكار والكسب المشترك، وتجريان تعاونا إستراتيجيا، وتعززان معا مصالحهما المشتركة.
وقال إنه يتعين على الجانبين دعم شركاتهما في تحقيق التضافر بين "صنع في الصين 2025" ومفهوم "صناعة 4.0"الألماني من أجل إطلاق العنان لإمكانات الإبداع عندما يتم دمج أوجه القوة الصناعية لدى البلدين مع الإنترنت.
كما دعا شي الجانبين إلى إفساح المجال كاملا أمام آلية الحوار رفيعة المستوى بشأن التبادلات الشعبية التي أطلقت حديثا من أجل تعميق تعاونهما في مجالات مثل التعليم، والعلوم والتكنولوجيا، والثقافة، والأحزاب السياسية، والمراكز البحثية، ووسائل الإعلام .
واتفقت ميركل على أن تعاون ألمانيا مع الصين في السياسة والاقتصاد والتبادلات الثقافية والشعبية يتفق مع مصالح الجانبين ويذخر بإمكانات أكبر.
وقالت إن الحكومة الألمانية مستعدة للعمل مع الصين لتسريع التعاون في مجالات الاقتصاد والتجارة والترابط في إطار مبادرة الحزام والطريق.
-- قوة من أجل السلام والرخاء العالمي
وأشار الرئيس الصيني أثناء لقائه ميركل إلى أن "العالم يمر حاليا بتغيرات عميقة وتعديلات كبيرة ويشهد تقلبات على نحو متزايد".
وقال شي إن الصين تعد حاليا ثاني أكبر اقتصاد في العالم وألمانيا الرابع، كما تعدان أيضا قوتي استقرار في ظل تأثيرهما الكبير في آسيا وأوروبا.
وأضاف أن وجود شراكة إستراتيجية شاملة أقوى بين الصين وألمانيا يصب في صميم المصالح الجوهرية للجانبين، ويمكن أن يساعد في تعزيز تنمية العلاقات بين الصين والاتحاد الأوروبي وفي تحقيق مزيد من الاستقرار والقدرة على التنبؤ للعالم.
كما اقترح شي أن تكثف بكين وبرلين التنسيق والتعاون على مستوى التفاعل بين الصين والاتحاد الأوروبي وكذا داخل أجهزة دولية وأطر متعددة الأطراف مثل الأمم المتحدة ومجموعة العشرين.
ودعا البلدين إلى الحفاظ على التواصل بشأن القضايا الساخنة المتعلقة بالأمن الدولي والإقليمي من أجل الحفاظ على السلام والاستقرار العالميين، ودفع تحقيق تنمية اقتصادية عالمية والمساهمة في بناء مجتمع ذي مصير مشترك للبشرية.
وقال إن الصين تثمن التزام ألمانيا بالتوافق الذي تم التوصل إليه في قمة مجموعة العشرين بمدينة هانغتشو الصينية في العام الماضي، واستمرارها في إعطاء الأولوية لأجندة التنمية المستدامة لعام 2030 والتعاون مع أفريقيا في قمة العام الجاري.
إن "آلية مجموعة العشرين لا تخص أعضائها فحسب، وإنما العالم بأسره"، هكذا ذكر الرئيس الصيني، مضيفا أن بكين تدعم برلين في إنجاح القمة المرتقبة لمجموعة العشرين وستعمل مع الجانب الألماني لضمان خروج الاجتماع بنتائج إيجابية.
-- الباندا وكرة القدم
وحضر شي وميركل يوم الأربعاء أيضا مراسم الافتتاح الرسمية لحديقة الباندا بحديقة حيوان برلين.
وفي حديقة الحيوان، ذكر شي أنه سعيد برؤية حيواني الباندا "منغ منغ" و "جياو تسينغ" القادمين من الصين وهما يظهران لأول مرة أمام الجمهور الألماني ويتمتعان بمنزل جديد وجميل هنا.
وأضاف أنه "من الأهمية بمكان استئناف التعاون بين الصين وألمانيا في حماية الباندا العملاقة والبحوث المتعلقة بها في الذكرى الـ45 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين".
وأعرب شي عن أمله في أن يعمل حيوانا الباندا اللطيفان كسفيرين جديدين يدفعان الصداقة بين الشعبين.
ومن جانبها ذكرت ميركل أن الشعب الألماني بذل جهودا كبيرا لتوفير منزل مريح لحيواني الباندا اللذين طال انتظارهما، مضيفة أن ألمانيا ستغتنم هذه الفرصة لتعميق التبادلات الثقافية والشعبية الثنائية مع الصين.
تجدر الإشارة إلى أن "منغ منغ"، وهي كلمة تعني "الحلم الجميل" باللغة الصينية، هو حيوان باندا أنثي يبلغ من العمر أربعة أعوام، أما "جياو تسينغ"، وهي كلمة تعني حبيبي، فهو حيوان باندا ذكر ويبلغ من العمر سبعة أعوام.
وإن "منغ منغ" و"جياو تشينغ"، اللذين أرسلا إلى ألمانيا في إطار برنامج هدفه الحفاظ والتربية ومدته 15 عاما، ليسا أول حيواني باندا تقوم الصين بإهداهما لدولة أوروبية أو تمنحهما لها على سبيل الإعارة. فآخر حيوان باندا وصل إلى برلين هو "باو باو" الذي أرسل إلى برلين في عام 1980 كهدية رسمية من الصين. وتوفى في عام 2012.
وبدءا من يوم الخميس، سيكون في مقدور زوار حديقة الحيوان رؤية "منغ منغ" و "جياو تسينغ"في حديقتهما الجديدة التي تصل مساحتها إلى 5500 متر مربع.
وفي وقت لاحق من اليوم، شاهد شي وقرينته بنغ لي يوان، ترافقهما أيضا ميركل، مباراة كرة القدم بين فريقي الشباب الصيني والألماني.
وشجع شي هؤلاء اللاعبين الشباب على تعزيز الصداقة بين الشعبين. "أنتم مستقبل كرة القدم الصينية والألمانية"، هكذا قال شي للاعبي كرة القدم الصينيين ونظرائهم الألمان قبل المباراة التي أقيمت في الأستاد الأولمبي ببرلين، وهو أستاد رياضي مشهور عالميا.
وأضاف شي قائلا "آمل أن تتمكنوا من تنمية روح العمل الجاد وتتعلموا من بعضكم من بعض وتحافظوا على صداقة وثيقة".
وعقب المباراة، أشار شى إلى أن الصين وألمانيا تدفعان تعاونهما في كرة القدم وأنه لمشروع منهجي لتحسين مهارات كرة القدم.
وذكر شي أن الصين ترغب فى الدفع من أجل تحقيق تعاون شامل فى كرة القدم مع ألمانيا، مضيفا أن البلدين بالجهود المشتركة سيحصدان المزيد من ثمار هذا التعاون.
وصل شي إلى برلين بعد ظهر الثلاثاء في زيارة دولة لهذا البلد الأوروبي حيث سيحضر أيضا قمة مجموعة العشرين في مدينة هامبورغ الساحلية الألمانية.