مقالة : تأثيرات سياسة إنجاب طفلين لكل زوجين على المجتمع الصيني

أصدرت الحكومة الصينية قرارا في أكتوبر عام 2015، وأكدت فيه على أن بلادنا تقوم بتعديل سياسة تنظيم الأسرة لتمنح الأزواج حق إنجاب طفلين. وبدأت هذه السياسة سارية المفعول اعتبارا من أول يوم في عام 2016.

هذا الأمر وسط خلفية أن سياسة تنظيم الأسرة التي ظلت تنفَّذ منذ الثمانينيات منذ القرن الماضي لم تعد تلبي تطلبات التغيرات الاجتماعية والاقتصادية الحاضرة. وتزامنا مع عدم التوازن في الهيكل السكاني، تواجه بلادنا نقص الأيدي العاملة وصعوبات عيالة الشيوخ. بعبارة أخرى، لم يتمش هذا الهيكل السكاني مع توجهات التنمية الاقتصادية لبلادنا. استهدافا لتحقيق التنمية أكثر توازنا، نحن بحاجة ملحة لإعادة إيلاء الاهتمام الكافي بالقضية السكانية.

نظرا لذلك، يبدو أن تعميم سياسة طفلين لكل زوجين ذو أهمية خاصة بالنسبة إلى تطور عصرنا الحاضر، وفي نفس الوقت لا شك أن هذه السياسة الجديدة ستشكل تأثيرات عميقة اقتصاديا واجتماعيا.

من جهة الاقتصاد الكلي، تتمكن سياسة إنجاب طفلين لكل زوجين من إضافة الأيدي العاملة عالية الجودة بشكل فعال، وتخفيف الضغوط الاجتماعية طويلة الأمد في عيالة الشيوخ، ودفع التحولات من الاقتصاد المدفوع بالاستثمارات إلى المدفوع بالاستهلاكات. ومن جهة الاقتصاد الجزئي والمهن، ستحفز هذه السياسة التطورات النشيطة للمهن التي تتطرق إلى العقارات السكنية والمنتجات الخاصة بالأمهات والمواليد، والتعليم والعلاج الطبي، والسيارات.

في ظل الوضع الطبيعي الجديد الاقتصاد الصيني، إن تنفيذ سياسة إنجاب طفلين لكل زوجين يصب الطاقة والنشاط في النمو الاقتصادي المستدام طويل الأمد في الصين.

أما تأثيرات سياسة إنجاب طفلين لكل زوجين على المجتمع، فتتمثل في جانبين. أولا، تساهم هذه السياسة الجديدة في تحسين الهيكل السكاني. أظهرت الإحصاءات أن عدد الشيوخ في الصين والبالغة أعمارهم فوق ستين بلغ 202 مليونا و430 ألف شخص حتى أواخر عام 2013، محتلا 14.9 بالمائة من إجمالي عدد السكان الصينيين. ومن المتوقع أن يصل هذا العدد إلى اربعمئات مليون حتى عام 2033 بزيادة ضعفين، وحتى عام 2055، يتوقع أن يبلغ عدد الشيوخ فوق ستين عاما ثلث إجمالي عدد المواطنين الصينيين، الأمر ستؤثر بشكل عميق على تطور بلادنا اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا وثقافيا.

على هذه الحقائق، فيتمكن التنفيذ الشامل لسياسة إنجاب طفلين لكل زوجين من تحسين الهيكل السكاني إلى حد بعيد، وتخفيف مأزق الشيخوخة في بلادنا. ثانيا، تنطبق هذه السياسة على تطلبات معيشة الشعب. هذا وكشفت نتائج الاستطلاعات على أن نسبة الأزواج الذين يريدون ويفكرون في إنجاب الطفل الثاني في الوقت الراهن تبلغ 25 بالمائة، و تبلغ هذه نسبة الأزواج الذين يخططون في إنجاب الطفل الثاني في غضون الخمس سنوات القادمة تبلغ 37 بالمائة. أظهرت نتائج الاستطلاعات هذه أن سياسة إنجاب طفلين لكل زوجين تتفق مع آمال وتطلعات الأزواج متزايد عددهم بشكل متواصل في إنجاب المزيد من طفل واحد.

لكن ذكّر الخبراء أنه على الرغم من وجود التفوقات الكثيرة في سياسة إنجاب طفلين لكل زوجين، غير أنه يجب أن تفكر الأسرة بجدية في قدرتها الاقتصادية ونشاط الزوجين وظروف معيشتها الواقعية قبل اتخاذ القرار بما اذا كانت تنجب الطفل الثاني لها أم لا. وفي الوقت نفسه، اقترح الخبراء على الجهات المعنية تبني سلسلة من الإجراءات والتدابير الداعمة لهذه السياسة والتي تتطرق إلى التعليم والتوظيف والطب والخدمات العامة.