بكين 4 ديسمبر 2017 / تصدرت مبادرة الحزام والطريق الصينية أجندة العديد من الفعاليات التي أقيمت خلال أول حوار رفيع المستوى بين الحزب الشيوعي الصيني والأحزاب العالمية والذي أختتمت أعماله أمس (الأحد) في العاصمة الصينية بكين. ورغم أنها لم تعد مفهوما جديدا بعد مرور أكثر من أربعة أعوام على طرح الرئيس الصيني شي جين بينغ لها، لا يزال قادة الأحزاب في الشرق الأوسط يبدون اهتماما متزايدا بالمبادرة في ظل تجدد الظروف بالمنطقة ويتطلعون إلى ما ينبثق عنها من فرص الفوز المشترك في تحقيق التنمية ومن إمكانات واسعة أخرى.
وخلال منتدى "المشاركة في بناء الحزام والطريق: دور الأحزاب" الذي جاء ضمن سلسلة من أنشطة الحوار، أكد مسؤولون وأكاديميون وجود إمكانات كبيرة لمبادرة الحزام والطريق في المستقبل القريب. كما استشرف جون روس، زميل أقدم بمعهد تشونغيانغ للدراسات المالية بجامعة الشعب الصينية، مستقبلا مشرقا للدول المشاركة في الحزام والطريق، قائلا إنه وفقا لتوقعات صندوق النقد الدولي، فإن مساهمة الحزام والطريق في نمو الاقتصاد العالمي خلال السنوات الخمس المقبلة يمكن أن تصل إلى 43 % ، أما مساهمة أمريكا الشمالية فستصل إلى 21% والاتحاد الأوروبي إلى 16%.
و"من هذه الأرقام يمكننا أن نشعر بأن الحزام والطريق يلعب دورا كبيرا بالنسبة لنمو الاقتصاد العالمي، سيصل تقريبا إلى ضعفي مساهمة الولايات المتحدة،وهذا يدل على أن الحزام والطريق سيفيد وبشكل كبير كل الدول الواقعة بطوله"، هكذا أكد جون روس
وإلى جانب الآفاق الاقتصادية الواعدة، تحمل المبادرة أيضا في عيون ممثلي الأحزاب المشاركة في الحوار من بلدان الشرق الأوسط معان عميقة أخرى.
-- ترسيخ بيئة تنموية بعد عصر داعش
يرى ممثلو أحزاب من منطقة الشرق الأوسط أنه من خلال تنفيذ المبادرة، يمكن حشد مزيد من الاهتمام وتعبئة مزيد من الجهود المركزة والمشتركة لتهيئة بيئة مستقرة للتنمية، ولاسيما في هذا التوقيت التاريخي المهم الذي شهد تحقيق إنجازات على صعيد مكافحة الإرهاب، ذلك الخطر الذي يعد من أكبر عوامل الاضطراب بالمنطقة.
كما قال عضو اللجنة المركزية لحزب الدعوة الإسلامية العراقي عباس حسن موسى، إن شعب العراق مر في هذه السنوات بظروف صعبة مع سيطرة داعش على أجزاء من أرضه، ونجح الشعب في تحرير أراضيه من أيدي داعش بعد ثلاثة أعوام، ولكن القضاء على الإرهاب ما زال يتطلب وقتا طويلا. وفي ظل عودة المهاجرين إلى الوطن والحاجة إلى توفير خدمات وبناء منشآت بني تحتية لهم، من المتوقع أن تلعب الشركات والمشروعات الصينية دورا هاما في هذا الصدد وذلك في إطار الحزام والطريق.
واتفق معه ممثلو أحزاب من دول مثل إيران وتركيا ولبنان، مؤكدين أن منطقة الشرق الأوسط تعيش حالة اضطراب منذ زمن وتحتاج إلى الاستقرار والأمان وأن ثمة ضرورة إلى بذل جهود لحماية استقرار المناطق الواقعة بطول الحزام والطريق، حيث دعا عباس نصر الله عضو هيئة الرئاسة في حركة أمل اللبنانية إلى اغتنام فرصة مبادرة الحزام والطريق للبدء في استعادة سلام وسعادة المنطقة والعالم.
-- فرصة لترتيب أجندة التنمية الداخلية
يرى بعض ممثلي الأحزاب أنه من خلال الانخراط في التعاون لبناء الحزام والطريق مع الصين، يمكن للدول المشاركة أن تعمل بشكل متزامن على ترتيب شؤون تنميتها الداخلية ذات الصلة. فعلى سبيل المثال، طرح حزب المؤتمر الوطني السوداني الحاكم على الدول المشاركة في المبادرة مقترحات للتشارك في بناء الحزام والطريق، بما في ذلك أن يضع شعب كل دولة أهدافه الخاصة لبناء الحزام والطريق، وأن تضطلع الحكومات بدورها لدفع المبادرة ودعمها من خلال وضع السياسات والخطط المعنية، وأن يتم تمهيد الطريق للاستفادة من المبادرة من خلال معالجة نقاط الضعف الداخلية التي تقيد المبادرة،وأن يتم العمل على تعزيز التعاون بين الدول المشاركة إلى جانب التعاون الثنائي مع الصين.
-- مبادرة تكسر الهيمنة
واتفق قادة بعض الأحزاب من منطقة الشرق الأوسط في أن مبادرة الحزام والطريق ومفهوم "مجتمع ذي مصير مشترك للبشرية" يعكسان السياسة الخارجية الثابتة التي تنتهجها الصين وتتمثل في عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، معربين عن اعتقادهم بأن المبادرة تقدم نمطا مختلفا من السيناريوهات، نمطا يمكن من خلاله تحقيق التنمية على أساس العدل والمساواة.
وقال الأمين العام للحزب الشيوعي الأردني فرج اطميزة خلال مقابلة خاصة أجرتها معه وكالة أنباء ((شينخوا)) أمس الأحد إن مبادرة الحزام والطريق عبارة عن خطة اقتصادية شاملة، كما إنها تقدم حلولا للكثير من القضايا الاقتصادية العالمية، مسلطا الضوء بشكل خاص على أن هذه المبادرة ترتكز في الأساس على التشاور والحوار، وليس على مبدأ الإملاء . وأضاف "إنها تقول تعالوا لنتحاور"، دون فرض الرأي على الآخرين.
ومن جانبه، ذكر محمود العالول نائب رئيس حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) لـ((شينخوا)) إن مبادرة الحزام والطريق هي فكرة إنسانية عظيمة تربط الشعوب والحضارات. وتمثل أهم ميزة للصين وهي أنها لا تفرض رأيها على الناس ولا تتدخل في الشؤون الداخلية لدولة أخرى، وتعتبر مساهمة ضد الهيمنة على الشعب والمنطقة، مضيفا بقوله "في تاريخ الصين وخلال التجربة الصينية، هذا (التدخل والهيمنة) لم يحدث أبدا. هذه ميزة الصين".