بكين 24 يناير 2018 / أكد الدكتور مشعل بن فهم السلمي رئيس البرلمان العربي أن العلاقات العربية - الصينية قديمة ومتينة وعميقة وأن العرب والصين لديهما قواسم مشتركة وبينهما احترام وفهم متبادل كونهما أصحاب حضارات عريقة، مثمنا موقف الصين تجاه القضية الفلسطينية، ومؤكدا أنه قد حان الوقت لتتحرك بكين بشكل أكبر لدفع هذه القضية.
جاءت تصريحات الدكتور مشعل خلال مقابلة خاصة أجرتها معه وكالة أنباء ((شينخوا)) أمس الثلاثاء في العاصمة الصينية بكين التي يقوم بزيارة لها في الفترة من 21 إلى 24 يناير الجاري على رأس وفد رفيع من البرلمان العربي حيث تعد هذه أول زيارة لرئيس برلمان عربي إلى الصين وأول زيارة لوفد برلماني عربي بعد الجلسة الطارئة التي عقدها البرلمان العربي في مقر جامعة الدول العربية لمناقشة تداعيات القرار الأمريكي الخاص بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها.
وقد اجتمع تشانغ ده جيانغ رئيس اللجنة الدائمة للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني مع رئيس البرلمان العربي أمس الثلاثاء حيث اتفقا على تعزيز تطوير علاقات التعاون الإستراتيجية بين الصين والدول العربية. وقال تشانغ خلال اللقاء إن زيارة مشعل بن فهم السلمي تعد أول تبادل رسمي بين المجلس الوطني والبرلمان العربي ولها أهمية كبرى في إثراء العلاقات الصينية - العربية.
وأشار رئيس البرلمان العربي خلال المقابلة إلى أهمية التبادلات البرلمانية الدائمة بين الجانبين في تعزيز التشاور والتعاون والتنسيق في شتي المجالات وإلى أن زيارة الوفد البرلماني العربي تهدف إلى تمتين العلاقات العربية - الصينية، موضحا أن البرلمان العربي كونه يمثل البعد الشعبي للأمة العربية يزور الصين لشرح وجهة النظر الشعبية للقضايا العربية الكبرى والهامة والإستراتيجية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية في ضوء التداعيات الخطيرة للقرار الأمريكي بشأن القدس، مثمنا الموقف الإيجابي للصين تجاه القضية الفلسطينية وتفهمها التام لها.
وقال "نحن نعتبر القرار الصادر من قوة دولية كبيرة مثل الولايات المتحدة الأمريكية بشأن القدس قرارا خطيرا جدا ويمس هويتنا وثقافتنا وعمقنا الحضاري"، مشددا على أن الموقف العربي الرسمي والشعبي متوحد ورافض لهذا القرار حيث لفت إلى أن كل من الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب في جامعة الدول العربية والاجتماع الطارئ للبرلمان العربي ومؤتمر الأزهر العالمي حول القدس أجمعوا على رفض هذا القرار سياسيا ودبلوماسيا وأخلاقيا "لأن إسرائيل قوة احتلال ولا يمكن أن نكافئ المحتل بإعطائه أقدس بقعة في العالم".
وأشاد الدكتور مشعل بالمقترح ذي الأربع نقاط الذي طرحه الرئيس الصيني شي جين بينغ في يوليو الماضي خلال لقائه الرئيس الفلسطيني محمود عباس في بكين، قائلا إن الوقت مناسب الآن لكى تتحرك الصين بشكل أكبر وأكثر فعالية" فنحن نرحب وندعم دور الصين لأننا نعى أن الصين تنطلق من نفس المنطلقات التي ننطلق منها ألا وهي القيم والمبادئ والسلام والحوار".
وأضاف أن "الصين صارت مقبولة أكثر من الولايات المتحدة الأمريكية لنا في العالم العربي"، مؤكدا بقوله "إننا نرفض الولايات المتحدة كشريك وراع لعملية السلام وطلبنا قيادة الأمم المتحدة لهذه العملية، والصين هي عضو فاعل في مجلس الأمن الدولي وعضو يمتلك حق الفيتو ودولة كبيرة لديها علاقات جيدة مع دول العالم".
وذكر رئيس البرلمان العربي أن عملية السلام تمر بأصعب مراحلها، إذ كان متفق على أن تقام دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية بجانب إسرائيل ولكن بالقرار الأمريكي هذا تم وأد هذه العملية، ولكن العالم العربي مستمر في دعم صمود الشعب الفلسطيني ودفاعه عن أرضه ومقدساته في كافة المحافل وعلى جميع المستويات ولديه موقف موحد حول مبادرة السلام العربية التي أقرت في القمة العربية ببيروت عام 2002.
وشدد على أن البرلمان العربي يرفض قرار الإدارة الأمريكية بشأن القدس رفضا قاطعا ويرى أنه يمثل تعديا على الشرعية الدولية وقرارات مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة ويمثل استفزازا لمشاعر المسلمين والمسيحيين وأحرار العالم، مضيفا أن البرلمان العربي يضع خطة عمل للتعامل مع هذا القرار ويخاطب برلمانات العالم ويعزز الزيارات وتبادل الوفود معها لدعم ونصرة الشعب الفلسطيني.
ولدى إشارته إلى التحديات الأخرى التي تواجه العالم العربي، تحدث الدكتور مشعل عن خطر الإرهاب وقال إن الدول العربية لديها موقف موحد تجاهه يتمثل في "رفض الإرهاب وفي أن الإرهاب لا دين له ولا عرق ولا ملة"، مشيرا إلى أن الدول العربية تبذل جهودا كبيرة على الصعيدين الدولي والوطني في هذا الصدد ولدى معظمها مراكز لمكافحة التطرف والإرهاب وتقوم بمعالجة الإرهاب فكريا وسياسيا ومن خلال التعاون والتنسيق فيما بينها.
وشرح أسباب وقوع الإرهاب في العالم العربي بالتحديد قائلا إن الوطن العربي كان ولا يزال محط أنظار العالم في ضوء موقعه الإستراتيجي ذي الأهمية البالغة كونه يتوسط قارات العالم ويربط الشرق بالغرب فضلا عن كونه مهد الديانات السماوية وكنز الحضارات الإنسانية ومخزون الثروات الطبيعية ومصدرا للطاقة العالمية (البترول).
ومن ناحية أخرى، أكد الدكتور مشعل مجددا على موقف الدول العربية الرافض تماما للتدخل في شؤونها الداخلية، كما طالب بأن يكون هناك حوار صادق وصريح بين النظام السوري والمعارضة السورية للحفاظ على دولة سوريا ووحدتها واستقرارها، وأكد أن العالم العربي مع الوحدة الليبية، ودعا النظام الإيراني إلى التعامل مع العالم العربي ارتكازا على حسن الجوار والتفاهم والحوار. أما بشأن اليمن، فقال "نحن مع إيقاف الحرب في اليمن ولكن بعد أن يعود الرئيس المنتخب ويحل السلام ويكون جميع اليمنيين متساويين".
وفي الختام، أكد رئيس البرلمان العربي أن هناك قيما مشتركة أساسية بين الحضارتين العربية والإسلامية والحضارة الصينية تتمثل في السلام والمحبة والتبادل والحوار والنقاش والاحترام المتبادل وعدم التدخل في شؤون الآخرين، داعيا إلى أن يكون لهذه الحضارات العريقة دور في تغيير المجتمع المادي الذي نعيشه وطغت عليه الحضارة الغربية القائمة على المصالح.