غزة 24 مايو 2018 /يرى المهندس الفلسطيني العاطل عن العمل منذ سنوات، أحمد الجعوني، في شهر رمضان فرصة للحصول على فرصة عمل مؤقتة عبر بيع عجينة القطايف، التي يصنعها بنفسه لكسب بعض المال.
وتخرج الجعوني من كلية الهندسة، قسم الكهرباء، من إحدى جامعات قطاع غزة قبل عدة أعوام.
لكن حاله كحال الاف الشباب الذين لا يجدون فرصة عمل بسبب الحصار الخانق الذي تفرضه إسرائيل على القطاع الساحلي منذ أن سيطرت عليه حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بالقوة عام 2007.
ويستغل مئات العاطلين في غزة حلول شهر رمضان للتخلص ولو مؤقتا من معاناة البطالة المنتشرة بشكل قياسي عن طريق بيع الحلوى والسجائر وألعاب الأطفال، حيث تروج هذه السلع خلال شهر الصيام.
وينتظر العديد من الزبائن قبالة محل صغير تمتلكه عائلة الجعوني في سوق (الزاوية) القديم شرق غزة لطلب عجينة القطايف (نوع من الحلوى)، خصوصا في الساعات الأخيرة ما قبل آذان المغرب والإفطار.
ويقول الجعوني البالغ من العمر (28 عاما) وسط انشغاله بتلبية طلبات زبائنه، لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن شهر رمضان "موسم مفضل" لكسب الرزق هربا من معاناة البطالة طوال العام.
وشهر رمضان هو مناسبة معظمة لدى المسلمين يصومون فيه يوميا عن الطعام والشراب من ساعات الفجر حتى غروب الشمس.
ويعرف شهر رمضان بموائد الطعام بأصنافه الشهية والمتنوعة لتعويض طول ساعات الصيام.
ويدفع ذلك بانتعاش للحركة التجارية، ولو بشكل محدود، في قطاع غزة، الذي وصلت نسبة البطالة والفقر فيه لمعدلات غير مسبوقة بفعل الحصار الإسرائيلي.
وتباع عجينة القطايف بمبلغ لا يتجاوز دولار ونصف أمريكي للكيلو الواحد في أحسن الأحوال، وهي مرغوبة دائما في غزة كحلويات مميزة بعد تناول وجبة الفطور.
ويعد الجعوني، الذي يعيل أربعة أطفال ووالدتهم، عجينة القطايف في المنزل، ومن ثم يخبزها في المتجر الصغير حيث تباع ساخنة للزبائن، إما جاهزة للحشو أو محشوة وجاهزة للأكل.
ويقول الجعوني وهو يسكب العجين على فرن الصفيح الساخن، إن القطايف جزء رئيسيا من طقوس رمضان ولا تستغنى عنها العائلات ضمن عاداتها الثابتة للشهر الفضيل.
ويضيف الجعوني أنه حاول الحصول على فرصة عمل، حتى وإن لم تكن في مجال دراسته، لكن الأوضاع الاقتصادية في غزة كانت تقف حائلا دون تحقيق رغبته.
ولا يجد الشاب مشكلة في العمل في مجال صنع الحلوى خلال شهر رمضان، طالما أنها تساعده في تأمين قوت أطفاله.
وتعد القطايف الحلوى المفضلة في المناطق الفلسطينية، ويرغبها الأطفال محشوة بالقشدة والشوكولاتة، بالإضافة إلى القطايف المحشوة بالمكسرات والتي غالباً ما يحبها الكبار أكثر من الصغار.
ومع حلول شهر رمضان كل عام ينتشر صنع عجينة القطايف في محلات بيع الحلويات وفي بسطات ثابتة في المفترقات الرئيسية كمصدر لكسب الرزق لشبان عاطلين معظم العام.
ويقول تجار إن أسواق غزة تشهد ركودا قياسيا هذا العام بسبب "قلة مستويات دخل العائلات" واعتماد الميسورة منها على صرف الرواتب الحكومية.
ويُفرض على قطاع غزة الذي يقطنه أكثر من مليوني نسمة منذ ذلك الوقت حصار إسرائيلي مشدد يتضمن قيودا مشددة على حركة المعابر البرية ومسافة الصيد البحرية.
ودفعت سنوات الحصار المتتالية إلى تفاقم أزمات نقص الخدمات الأساسية لسكان قطاع غزة وأن تصبح نسبة البطالة في أوساطهم من بين الأعلى في العالم بحيث وصلت إلى 43.9 في المائة بحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.
ويقول اقتصاديون إن ما زاد التدهور التجاري في غزة هذا العام إجراءات السلطة الفلسطينية في تأخير صرف رواتب موظفيها في القطاع بعد أن كانت فرضت خصومات بما يتجاوز 30 في المائة منذ عام.
لكن ورغم هذه المعطيات فإن شهر رمضان يبقي موسما مميزا لتوفير فرص عمل مؤقتة لكثير من العاطلين عن العمل خصوصا من الشبان.
ويمكن رؤية المئات من هؤلاء ينتشرون في الأسواق العامة والشوارع الرئيسية لبيع ما لديهم من سلع، غالبا ما تكون أطعمة ومشروبات يعدونها في منزلهم.
وبالإضافة إلى أكل حلوى القطايف، يعد تناول مشروب الخروب مفضلا في غزة للتغلب على ما تحدثه ساعات الصيام من عطش، وهو ما يستغله شبان للعمل على بيعه.
ويصنع عصير الخروب من ثمار شجرة الخروب بعد تجفيفها ووصولها للون الأسود، إذ يتم غليها مع الماء وتحليتها بالسكر وإضافة الثلج كمكون أخير قبل شربها.
ورغم سهولة صنعه في المنزل إلا أن أغلب عائلات غزة تفضل شراء عصير الخروب من محلات وعربات تجدها منتشرة بكثرة في الأسواق المحلية خصوصا في شهر رمضان.
ويتخذ الشاب جمال السوسي (18 عاما) بيع الخروب مهنة له مع ثلاثة أشقاء له خلال شهر رمضان.
ويقول السوسي إن عصير الخروب محل طلب على مدار العام، لكن في شهر رمضان يكون البيع قياسي كونه يعد مشروب الصائمين المفضل.
ويوضح أنه يعمل على تجهيز عصير الخروب في منزلهم بمساعدة نساء العائلة قبل نقله إلى الأسواق لبيعه حيث يتهافت عليه الزبائن في الساعات الأخيرة لنهار الصوم.
ويعود السوسي وإخوته بعد يوم عمل شاق إلى أسرتهم ببعض المال الذي يمكنهم من تحدي ظروف الحياة الصعبة التي يعيشها سكان غزة منذ أكثر من عقد.