دمشق 7 يونيو 2018 /عاد الملف الكردي من جديد ليطفو على سطح المشهد في سوريا، بعد إعلان "وحدات حماية الشعب" الكردية سحبها كافة مستشاريها العسكريين من مدينة منبج بريف حلب شمالي البلاد، نتيجة اتفاق أطراف دولية، من بينها تركيا، على وضع جديد في المدينة الواقعة على الحدود السورية-التركية.
ويبدو أن الأكراد في الشمال السوري أصبحوا أكثر استعداد للحوار مع دمشق بعد تصريحات الرئيس السوري بشار الأسد الأخيرة بفتح الباب أمام المفاوضات، وبعد توصل الولايات المتحدة إلى الاتفاق مع تركيا حول إدارة منبج بشكل مشترك.
ورفض مجلس منبج العسكري، وهو قوة محلية متحالفة مع "قوات سوريا الديمقراطية"، المدعومة من قبل الولايات المتحدة، أي وجود عسكري تركي في المدينة، فيما تتطلع أنقرة لدخول المنطقة مع حلفائها من مسلحين سوريين لطرد الوحدات الكردية، التي تتهمها بأنها متحالفة مع حزب العمال الكردستاني المحظور في تركيا.
وكان طرد وحدات حماية الشعب الكردية والقوات المتحالفة معها من منبج الخطوة التالية ضمن خطة تركية للقضاء على ما تسميه بالتهديد الكردي في شمال سوريا بالقرب من الحدود التركية، وذلك بعد أن اجتاحت القوات التركية ومن والاها من مسلحين سوريين منطقة عفرين السورية في مارس الماضي.
وتقع كل من منبج وعفرين على الحدود السورية التركية، لكن خلافا لعفرين، فإن هناك قوات أمريكية متواجدة في منبج، مما دفع واشنطن وأنقرة على ما يبدو إلى التوصل إلى الاتفاق بخصوصها.
وقال "المرصد السوري لحقوق الإنسان"، ومقره لندن، مؤخرا، إن الاتفاق الأمريكي التركي يشمل سحب الوحدات الكردية من منبج إلى الضفة الشرقية لنهر الفرات، حيث تتواجد "قوات سوريا الديمقراطية" والقوات الأمريكية بشكل مكثف، مشيرا إلى أن مجلس منبج العسكري سيظل في المدينة.
ووفقًا للمرصد السوري، فإن القوات الأمريكية والتركية ستنشر على خط المواجهة بين منبج وريفها، حيث يتمركز مسلحون سوريون مدعومون من تركيا.
إلا أن صحيفة ((الوطن)) الموالية للحكومة السورية ذكرت في عددها الصادر يوم الخميس أن مجلس منبج العسكري أعلن رفضه لأي وجود عسكري تركي في المدينة، وسط تقارير تفيد بأن القوات التركية "لن تستلم" إدارة منبج، وإنما سيكون دورها "الإشراف" مع الولايات المتحدة على تنفيذ الاتفاق، في حين أكدت واشنطن أنه ينطبق على منبج فقط ويهدف إلى "نقل وحدات حماية الشعب إلى شرق نهر الفرات".
كما أشارت إلى أن مستشارين عسكريين يتبعون لوحدات حماية الشعب الكردية سوف يغادرون منبج خلال الأيام القادمة.
وأضافت الصحيفة، نقلا عن الناطقة باسم "الجبهة الديمقراطية السورية" المعارضة، ميس كريدي، أن اللقاء الذي جرى مؤخرا مع الرئيسة المشتركة لمجلس سورية الديمقراطي والهيئة الرئاسية إلهام أحمد، خلص إلى الإعلان عن موافقة "قوات سوريا الديمقراطية" على "إرسال وفد للحوار مع دمشق من دون شروط مسبقة".
وتابعت كريدي أن "المجلس لفت إلى أنه تلقف تصريحات الرئيس الأسد بصورة ايجابية وبأنهم ردوا بنفس الإيجابية، وهم يريدون حواراً سورياً دون تدخلات خارجية، كما أكدوا أنهم ليسوا انفصاليين ولم يفكروا بهذا الأمر، ولديهم مطالب تتعلق بالديمقراطية والإدارة الذاتية، كما أكدوا أنهم لم يحملوا السلاح أبدا في وجه الجيش السوري، بل حملوه لمواجهة الإرهاب، والعلم الوطني السوري لا يزال مرفوعاً في القامشلي".
وكان الرئيس الأسد قال في حوار مع قناة ((روسيا اليوم)) إن الحكومة السورية ستستعيد الأراضي الواقعة في شمال وشرق سوريا، التي تسيطر عليها "قوات سوريا الديمقراطية" سواء عن طريق المفاوضات أو بالقوة.
وأوضح الأسد "باتت المشكلة الوحيدة المتبقية في سوريا هي قوات سوريا الديمقراطية. وسنتعامل معها عبر خيارين: الأول هو أننا بدأنا الآن بفتح الأبواب أمام المفاوضات (..) إذا لم يحدث ذلك، سنلجأ إلى الخيار الثاني وهو تحرير تلك المناطق بالقوة، ليست لدينا خيارات أخرى، بوجود الأمريكيين أو بعدم وجودهم".
كما ذكرت صحيفة ((الوطن)) أن رياض درار، الرئيس المشترك لما يسمى بمجلس قوات سوريا الديمقراطية، قال إنه "بالإمكان وضع مفاتيح التسوية من دون اللجوء إلى لغة التهديد".
وأضاف درار أن "التفاوض مع الدولة السورية هو السبيل الأنفع للوصول إلى نتائج تخدم سوريا".
وأشار القيادي الكردي إلى أن "قوات سوريا الديمقراطية" أعدت نفسها لمواجهة تنظيم الدولة الإسلامية الإرهابي (داعش) والإرهاب، وقالت مرارا إنها مستعدة لتكون جزءا من الجيش السوري بعد التسوية، "وعليه نؤكد دائما الحاجة لأن نضع مفاتيح هذه التسوية معا وصولا إلى كيفية إنجازها".
وكشف درار بأن "قوات سوريا الديمقراطية" "دخلت في تحالف مع قوى دولية محدودة الأجل للتخلص من الإرهاب"، معيدا التأكيد على أن "التفاوض هو السبيل الأنفع للوصول إلى نتائج تخدم البلاد وتصحح المسارات دون تهديد ولا وعيد".
وجدير بالذكر أن "قوات سوريا الديمقراطية" قد اضطلعت بدور رئيسي في الحرب ضد تنظيم "داعش" شرقي نهر الفرات في محافظة الرقة شمالي البلاد، والتي كانت العاصمة الفعلية للتنظيم.