دمشق 6 أغسطس 2018 / أكد عدد من الخبراء والمحللين السياسيين في سوريا يوم الاثنين أن نتائج قمة الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأمريكي دونالد ترامب التي عقدت في هلسنكي الشهر الماضي، بدأت تنعكس إيجابيا في سوريا على عدة مستويات، حيث يعتبر التوصل إلى توافق في الآراء بين اللاعبين الرئيسيين ضروريا لإنهاء الحرب السورية.
ومنذ انعقاد القمة في السادس عشر من شهر يوليو الماضي، قيل إن القمة بين الرئيسين بوتين وترامب كانت إيجابية وإنها يمكن أن تكون مفيدة لسوريا، وقد أثبت الزمن أن الكلمات التي قيلت ترجمت إلى أفعال لاحقا.
واتفق الزعيمان في ذلك الوقت، على ضرورة تسوية الوضع في جنوب سوريا، وشدد بوتين على ضرورة إعادة الوضع في الجنوب السوري بالقرب من مرتفعات الجولان التي تحتلها إسرائيل، إلى ما كان عليه قبل أكثر من سبع سنوات من الحرب.
كما أبرز الرئيس الروسي بوتين ضرورة هزيمة الإرهابيين في جنوب غرب سوريا مع الإبقاء على قوات الفصل بين سوريا وإسرائيل.
وقد أشار على وجه التحديد إلى معاهدة 1974، التي أنهت الحرب العربية الإسرائيلية عام 1973 رسمياً وعينت خطوط الفصل بين إسرائيل وسوريا.
في 19 يوليو الماضي، أي بعد أيام من انعقاد القمة الامريكية الروسية في هلسنكي، قالت وسائل إعلام رسمية في سوريا إن المسلحين في محافظة القنيطرة في جنوب سوريا بالقرب من مرتفعات الجولان التي تحتلها إسرائيل، قبلوا إخلاء مواقعهم وتسليم أسلحتهم الثقيلة إلى الجيش السوري، مع بقاء من يريد التصالح مع الحكومة السورية في مناطقهم مع بدء عملية المصالحة.
واستطاع الجيش السوري من خلال اتفاقات المصالحة التي تمت خلال الاسابيع الماضية من استعادة مساحات شاسعة من الأراضي في القنيطرة، بما في ذلك المعبر مع مرتفعات الجولان المحتل.
وفي 2 أغسطس الجاري، قالت وسائل إعلام سورية محلية إن قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك، عادت إلى مواقعها على خط الفصل بين سوريا والأراضي التي تحتلها إسرائيل في مرتفعات الجولان بعد تركها في عام 2014.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان ومقره لندن، إن الشرطة العسكرية الروسية والقوات السورية انتشرت في القنيطرة وفي منطقة فك الارتباط بعد أن عادت محافظة القنيطرة بأكملها تحت سيطرة الحكومة السورية.
وكانت قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك قد اوقفت عملياتها في جنوب سوريا في عام 2014 بعد أن قامت الجماعات المتطرفة باختطاف قوات الأمم المتحدة لحفظ السلام في تلك المنطقة.
وانتشرت قوات الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك لأول مرة بين سوريا ومرتفعات الجولان في عام 1974 لفصل القوات السورية والإسرائيلية بعد احتلال إسرائيل لمرتفعات الجولان خلال حرب 1967.
وفي سوريا، غالبا ما يبرز المحللون السياسيون الحاجة إلى توافق في الآراء بين القوى العظمى للمساعدة في إنهاء النزاع الطويل الأمد في هذا البلد الذي مزقته الحرب على مدى أكثر من سبع سنوات.
بالإضافة إلى ذلك، فإن تقدم الجيش السوري منذ بدء "معركة الجنوب" في 19 يونيو الماضي كان مفيدا في دفع الولايات المتحدة وإسرائيل إلى قبول حقيقة أن الجيش السوري يحظى باليد العليا وأنهم بحاجة إلى التصرف وفقا لذلك.
وقال أسامة دنوره، الخبير السياسي السوري، لوكالة أنباء ((شينخوا)) الاثنين، إنه فيما يتعلق بالأزمة السورية، فقد توجه بوتين إلى القمة من موقع القوة بعد الانتصارات التي حققها الجيش السوري، مضيفًا أن تلك الانتصارات توّجت بالنجاح الدبلوماسي الروسي في احتواء الأزمة الإقليمية والدولية للاعبين في الحرب السورية.
وأضاف المحلل السوري أن "القمة الروسية ــ الامريكية شكلت مرحلة جديدة من التفاهم بين القوتين حول الأزمة السورية من حيث إيجاد حل سياسي الآن، حيث أصبح جانب الحكومة السورية أكثر استقرارا وسيطرة".
وبعد أيام من القمة، دُعي وفد من المجلس الديمقراطي السوري الذي يتزعمه الأكراد إلى العاصمة دمشق لإجراء محادثات حول الوضع في المناطق التي تقطنها أغلبية كردية في شمال شرق سوريا.
وفي وقت لاحق، أعلن الحزب الديمقراطي السوري، الجناح السياسي لقوات سوريا الديمقراطية المدعومة من قبل الولايات المتحدة، أنه تم التوصل إلى إتفاق مع دمشق "لرسم خريطة طريق تؤدي إلى سوريا ديمقراطية، لا مركزية".
واتفق كلا الجانبين أيضا على تشكيل لجان تفاوض لإنهاء الحرب الحالية.
ويمثل الاجتماع الإرادة الأخيرة للجماعات التي يقودها الأكراد، الذين يسيطرون على ربع مساحة سوريا تقريبا، لفتح قنوات مع إدارة الرئيس السوري بشار الأسد للتوصل إلى صيغة سياسية للوضع في شمال سوريا وربما للحفاظ على استقلالهم الذاتي وسط تقارير تفيد بأن قوات سوريا الديمقراطية يمكنها تسليم بعض مواقعها للجيش السوري.
وقالت إلهام أحمد، الرئيس التنفيذي للمجلس الديمقراطي السوري، في مقابلة أجريت معها مؤخراً إنه سيتم إجراء مزيد من المناقشات مع الحكومة، مشيرًة إلى أن الجولة الأولى من المحادثات تطرقت إلى العموميات.
وصرح محمود مرعي، وهو محلل سياسي، لوكالة أنباء ((شينخوا)) بأنه يبدو أن هناك تفاهما بين موسكو وواشنطن مفاده أن إدارة الأسد يجب أن تستعيد السيطرة على كل سوريا.
وقال مرعي إن "المثال في جنوب سوريا هو أحد العلامات"، مشيرا إلى أن المناطق التي يسيطر عليها المسلحون في شمال سوريا ستتبع خطاهم.
وبدوره قال ماهر إحسان، وهو صحفي سوري وخبير سياسي، إن "الروس نجحوا منذ دخولهم للأزمة السورية في عام 2015، في إثبات أنفسهم كمفاوضين وضامنين موثوقين في كل الاتفاقات التي تم التوصل إليها مع المسلحين، والتي كان يقودها الروس" مؤكدا أن وجودهم في سوريا يحقق نوعا من التوازن وجسرا بين السوريين .
وأضاف إحسان لوكالة (( شينخوا)) "لقد نجح الجيش السوري المدعوم من روسيا في استعادة مساحات شاسعة من الأراضي في جميع أنحاء البلاد، الأمر الذي أدى إلى تحطيم أي مراهنات أجنبية على الجماعات المسلحة، التي كانت تسقط واحدة تلو الأخرى".
وأشار إلى أنه في الوقت الذي تحتفظ فيه بمصالحها في المناطق التي يسيطر عليها الأكراد في شمال سوريا ، الأمر الذي يفسر رغبة الأكراد المتزايدة في الحديث والاتفاق مع دمشق.