انطلقت أعمال الدورة الأولى لمعرض الصين الدولي للواردات يوم 5 نوفمبر الجاري في مدينة شانغهاي بمشاركة جمهورية مصر العربية التي تعد واحدة من دول الشرف الـ12، الأمر الذي يضفي حيوية مستمرة على سجل العلاقات الودية بين الصين ومصر.
ولا يخفى على أحد أن مصر أصبحت تحتل أهمية على أجندة الأعمال الدبلوماسية الصينية حيث أظهرت الدولتان حرصا مشتركا لتعميق التبادل والتعاون الثنائي في شتى المجالات على أساس الفوز المشترك.
وفي هذا الشأن، لا ريب أن العام 2014 كان بمثابة علامة فارقة جديدة للعلاقات الصينية المصرية حيث تم الارتقاء بها إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الشاملة خلال قيام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بزيارة دولة إلى الصين في ديسمبر 2014. ومنذ ذلك الحين، دخل التعاون العملي الصيني المصري إلى مسار سريع وتبلورت الجهود الثنائية بإطراد.
ففي سبتمبر 2015، قام الرئيس المصري السيسي بزيارة ثانية للصين لحضور العرض العسكري الصيني لإحياء الذكرى الـ70 لانتصار الشعب الصيني في حرب المقاومة ضد الغزاة اليابانيين. كما اكتسبت الزيارة أهمية بمشاركة فرقة من الجيش المصري في هذا العرض الضخم بما يجسد متانة العلاقات الثنائية وتنوع التعاون البيني.
وفي يناير 2016، قام الرئيس الصيني شي جين بينغ بزيارة دولة لمصر ضمن جولته التاريخية إلى الشرق الأوسط.
وأكد الرئيسان خلال تلك الزيارة على أن الصين ومصر شريكان على المستوى الاستراتيجي الشامل، وأن التعاون المتبادل المنفعة بين الجانبين أثمر عن نتائج ملحوظة في كافة المجالات في السنوات الأخيرة. كما أنه من أجل زيادة تطوير العلاقات الثنائية وتجسيد الشراكة الاستراتيجية بين البلدين على نحو شامل يخدم مصلحة الشعبين والبلدين، يجب على الجانبين بذل المزيد من الجهود والتنسيق لترجمة هذه الشراكة إلى المزيد من الخطوات التنفيذية الملموسة.
وفي هذا الإطار، اتفق الجانبان على إعلان برنامج تنفيذي بشأن تعزيز علاقات الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين خلال السنوات الخمس القادمة. وبذلك تم رسم خارطة طريق شاملة جديدة للتعاون الثنائي في المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والاستثمارية والبنكية والعلمية والتكنولوجية والفضائية والثقافية والإعلامية والسياحية والتعليمية والإنسانية والصحية ومجالات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والشؤون الدولية والإقليمية.
ويواصل الجانبان الصيني والمصري تقوية التعاون في إطار مبادرة الحزام والطريق، وليس أدل على ذلك من حضور الرئيس شي ونظيره المصري السيسي مراسم تدشين المرحلة الثانية لمنطقة السويس للتعاون الاقتصادي والتجاري الصيني المصري.
وفي الوقت الذي تعير الصين فيه اهتماما لتطوير العلاقات مع مصر من خلال آلية التعاون الثنائي وكذا أطر التعاون الصيني العربي والتعاون الصيني الأفريقي مثل منتدى التعاون الصيني العربي ومنتدى التعاون الصيني الأفريقي، فإنها تحرص كذلك على توجيه دعوات إلى هذا البلد العربي الأفريقي الصديق لحضور الأنشطة الدولية الرئيسية التي تستضيفها الصين.
ففي سبتمبر 2016، وصل الرئيس المصري السيسي إلى مدينة هانغتشو بشرقي الصين لحضور قمة مجموعة العشرين بدعوة من الرئيس شي، حيث شاركت مصر في هذا الحدث الدولي الكبير بصفتها واحدا من 8 ضيوف شرف، الأمر الذي أكد على اهتمام الصين بإبراز مكانة الدول النامية عموما وتطوير العلاقات الصينية المصرية تحديدا.
وتقدمت عجلة العلاقات الثنائية بشكل مستمر على أسس تلك الإنجازات المرموقة في عام 2017 حيث وصل الرئيس المصري السيسي إلى الصين مرة أخرى للمشاركة في حوار الأسواق الناشئة والدول النامية على هامش الدورة التاسعة لقمة بريكس التي عقدت في مدينة شيامن بجنوب شرقي البلاد.
وتجدر الإشارة الى أن الصين وجهت دعوات الى خمس دول غير أعضاء في مجموعة البريكس لحضور ذلك الحوار بما فيها مصر وغينيا والمكسيك وطاجيكستان وتايلاند.
ومع وقوف علاقات الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين ومصر على أعتاب عامها الخامس، يواصل البلدان تطوير العلاقات الثنائية بخطى عملية واحدة تلوى الأخرى.
ففي الفترة ما بين يومي 25 و27 أكتوبر الفائت، قام نائب الرئيس الصيني وانغ تشي شان بزيارة إلى مصر مما يمتن أواصر العلاقات الودية بين البلدين. وجدد الجانبان خلال الزيارة موقفهما الثابت لمواصلة تعميق التعاون الثنائي العملي.
ويسلط معرض الصين الدولي الأول للواردات الضوء على التعاون الصيني المصري مرة أخرى كونه تشارك فيه مصر كواحدة من دول الشرف الـ12.
ويعد هذا المعرض أحد الأحداث الدبلوماسية الرئيسية الأربعة وأخرها أيضا التي تستضيفها الصين في العام الجاري. ومما لا شك فيه أن تواجد مصر في المعرض، وخاصة كضيف شرف، يعكس عمق التعاون الثنائي.
واليوم لاتزال مصر فخورة بأنها أول دولة عربية وأفريقية أقامت العلاقات الدبلوماسية مع جمهورية الصين الشعبية في العام 1956. وفي المقابل تحرص الصين على التعبير عن تقديرها للتحرك المصري التاريخي.
بيد أنه من جهة أخرى بات من الواضح أن البلدين لم ولن يكتفيا بذلك الإنجاز التاريخي، بل لن يألوا جهدا في إثراء مضمون تعاونهما وإضافة زخم جديد ومستمر للعلاقات الثنائية لخدمة الشعبين الصيني والمصري بشكل متواصل.