حلب ـ سوريا 8 يناير 2019 / أبو زكور رجل ستيني بالعمر، يسكن في محافظة حلب (شمال سوريا)، لا يمتلك اية موهبة فنية لجذب الناس اليه، ولكنه استطاع هذا الرجل من خلال لباسه اللون الأصفر لمدة 35 عاما متواصلة أن يمتلك شهرة واسعة النطاق على مستوى سوريا وبعض الدول العربية ويطمح هذا الرجل ان يدخل موسوعة جينيس للأرقام القياسية في وقت لاحق.
وبدأت مغامرة أبو زكور مع اللباس الأصفر، منذ يناير العام 1983 عندما شعر ان هذا اللون هو المفضل له ويعني له الحب والفرح.
وعاني أبو زكور، الذي جلس في غرفة على اريكة أيضا صفراء اللون، في بداية الامر في تأمين لباس بهذا اللون، ولكنه مع مرور السنوات تمكن هذا الرجل الأصفر من التغلب على النقطة من خلال شراء قماش لونه اصفر والقيام بتفصيل اللباس المناسب له، لتصبح بدلته، وربطة العنق والقمصان والملابس الداخلية والجوارب والنعال، والنظارات، وحتى حقيبته صفراء.
وهاجسه مع هذا اللون يمتد إلى هاتفه المحمول، الذي كان لونه ذهبي ولشدة حبه لهذا اللون قام بطلاء غطاء الموبايل بطلاء الاظافر الاصفر، لتصبح كل أدوات أبو زكور صفراء اللون وتتناسب مع لباسه الذي احبه وتعايش معه مدة 35 عاما.
ويسكن أبو زكور في شقة صغيرة في حي المعري في مدينة حلب، ويعيش حياة بسيطة كما هو منزله المؤلف من غرفتين فقط وحمام، إحداهما مع خزانته وسرير يستخدمه أريكة كذلك.
ولدى دخولك منزله اول ما يدهشك حقا هو حذائه الأصفر ، في محاولة لإعطائك انطباع بأن اللون الأصفر هو المفضل لهذا الرجل الستيني ، مع وجود أشياء أخرى تحمل ذات اللون.
فغطاء الطاولة أصفر جنبا إلى جنب مع سلة المهملات الصغيرة التي هي أيضا باللون الأصفر، وساعة الحائط والمنبه أيضا اصفر ، فهو لو استطاع ان يجعل طعامه اصفر لشدة حبه لهذا اللون.
وفي خزانته يوجد 11 قميصا اصفر وبعض (الجلابيات) هي لباس تقليدي طويل ومعطف وبدلة سفاري، وهو يميز بينهم فكل منها له تفصيلة خاصة.
وقال أبو زكور لوكالة أنباء (شينخوا) بدمشق اليوم "بالنسبة لي اللون الأصفر يمثل الحب والفرح ولا يستطيع أي شخص ان يتحمل ويلبس هذا اللون لمدة 35 عاما، ليلا ونهارا، في الداخل والخارج، من الداخل إلى الخارج وأنا اعتقد انه لا احد يستطيع التعامل مع هذا اللون لفترة طويلة".
مع العلم انه كان خلال تلك المدة محط سخرية وعرضة للانتقادات من الناس، لارتدائه هذا اللون الأصفر، إلا انه أصر ان هذا اللون سيدخله عالم الشهرة، ويرسل من خلاله رسالة محبة وفرح، وانه لا يتضايق من الانتقادات، لانه حسب قوله "يملك عقلا كبيرا".
وقال "عندما أمشي في الشارع أو عند الذهاب إلى الأماكن المزدحمة، كان الناس يبتسمون لي، ويأتون لالتقاط الصور التذكارية معي، وكثير من الناس يقفون ويتحدثون معي بكل محبة وطيب، وصرت معروفا في حلب والكبير والصغير يعرفني".
وتابع يقول "هناك بعض الأشخاص وهم كثر أيضا من يوجهون الانتقادات السلبية لارتدائي هذا اللون الأصفر، ولكن كما قلت انا املك عقلا كبيرا واستوعب الجميع".
وأكد أبو زكور الذي يلقب بالرجل الأصفر، أنه لم يلبس أي لون آخر طيلة 35 عاما مضت، مشيرا إلى أنه عندما توفيت زوجته قبل نشوب الازمة لم يلبس اللون الأسود حدادا عليها ، وانما بقي بلباسه الأصفر ، كما انه يذهب لاداء واجب العزاء بأصدقائه بذات اللون.
وأوضح أبو زكور أنه عندما تعرض للخطف من قبل مقاتلي المعارضة المسلحة في حلب لم يخلع هذا اللون وبقي بلباسه الامر الذي عرضه للتعذيب من قبل مقاتلي المعارضة المسلحة.
على الرغم من كل الظروف الصعبة التي المت به، إلا أنه بقي وفيا لقضيته، كما انه وجد في اللون العزاء، وبات محط اهتمام محطات التلفزيون والصحف والمجلات التي تتحدث عنه، خاصة بعد سفر أبنائه للخارج، ووفاة زوجته وشقيقه.
وقال إن أبناءه لا يتدخلون في اختيارات حياته، وهم يحترمون أسلوب حياته، خاصة ان اباهم اصبح مشهورا.
وأكد أبو زكور أنه لا يتخيل نفسه يلبس لونا آخر كما انه سيجد نفسه غريبا اذا ارتدى غير اللون الأصفر.
وأضاف أن "ارتداء لون آخر يجعلني أشعر بأني شاذ وغريب لأنني ارتدي الأصفر لمدة 35 عاما وانها فترة طويلة، وأنا لا يمكن أن اتخيل نفسي البس لونا آخر في بلدي غير الزي الأصفر".
أبو زكور في كثير من الأحيان يمشي في شوارع مدينة حلب وفي المساء اوقفته شابة اسمها سارة والتقطت معه صورة تذكارية بناء على طلبها، وكان مبتسما لهذا الموقف.
وبعض منهم يعطيه بعض الأموال كنوع من الامتنان، والتي يمكن أن تساعده على العيش بالإضافة إلى راتبه التقاعدي.
وعلى الرغم من كل ذلك، فإن الرجل الأصفر يستعد الآن لدخول موسوعة جينيس وسيكون حلم الحقيقة القادمة بالنسبة له.
وقال إن الموسوعة قبل الأزمة كان قد اتصلت في هذا الصدد، ولا نزال ننتظر ان يتصلوا معنا من جديد بعد ان شارفت الازمة على الانتهاء.
وصرح أبو زكور ل((شينخوا)) بأنه لن يرتدى لونا آخر طالما أنه على قيد الحياة وأنه سيظل معلما من معالم مدينة حلب.
فالرجل الستيني يعتبر أن هذا اللون هو مصدر تفاؤله في الحياة، ويستمد من خلاله القوة، وسيبقى أبو زكور حكاية جميلة من حكايات حلب بعد تخلصها من الإرهاب.