الأمم المتحدة 10 مارس 2019 / على صدر الصفحة الرئيسية للموقع الالكتروني الرسمي لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) يوم السبت، وُضعت صورة لأربعة صبية يرتدون أردية صفراء اللون مزودة بقلنسوة، وهم ينظرون خارج نافذة خشبية وترتسم على وجوههم ابتسامة عريضة.
عند جلوسها لإجراء مقابلة مع وكالة أنباء ((شينخوا)) قبل يومين، ارتسمت أيضا على محيا هنرييتا فور، المديرة التنفيذية لليونيسف، ابتسامة لطيفة للغاية.
غير أن معالم وجهها تحولت من الابتسام فورا إلى الرصانة لدى التطرق إلى الحياة المأساوية للأطفال في اليمن وغيرها من البلدان المضطربة.
رغم ذلك، فقد تم الكشف عن ثقة استثنائية وإرادة صلبة عندما بدأت في الحديث مديرة اليونيسيف، التي تولت مهام منصبها منذ عام واحد فقط.
وعلى غرار كبار المسؤولين الآخرين في الأمم المتحدة، فقد رأت فور أن التعاون مع الصين يعتبر مهما للغاية.
-- أطفال اليمن
في كل يوم، يُقتل أو يُجرح ثمانية أطفال في اليمن، وقد جعلت فور ومنظمة اليونيسف هذا الرقم معروفا على نطاق واسع عبر تكراره في البيانات التي تصدر عنها وعن المنظمة وحساباتهما على وسائل التواصل الاجتماعي.
ولدى وصفها الأزمة في اليمن بأنها "أكبر أزمة إنسانية لدينا اليوم" و"أزمة صنعها الإنسان"، دعت فور إلى إيلاء اهتمام كبير بمصير مئات الآلاف من الأطفال، الذين ما زالوا يكافحون في الصراع الذي بدأه الكبار، الذين غيروا مصير أبنائهم وبناتهم بالكامل.
وقالت فور إن "الأطفال هم الذين يتحملون حقا وطأة ذلك"، متعهدة بأن اليونيسف سوف "تبذل أقصى ما في وسعها" للحفاظ على صحة هؤلاء الأطفال و"تغذيتهم" وتعليمهم.
وتابعت "يمكننا محاولة التأكد من أنهم يحصلون على لقاحاتهم الأولية. إذا استطعنا إبقاء الأمراض بعيدا، فستتاح لنا الفرصة لإنقاذ السكان".
ولدى إشارتها إلى أن مرافق المياه والصرف الصحي "تعتبر من المسلمات" في الدول المتقدمة، ذكرت أنه "لا يمكن للمرء أن يأخذها كأمر مسلم به في أماكن مثل اليمن".
وأضافت "لذا، تعمل اليونيسف جاهدة على شبكات المياه، لأن المياه النظيفة هي السلعة الأولى التي تحتاجها، إذا كنت عائلة، إذا كنت أما ترغب في طهي العشاء، أو كنت طفلا يحتاج إلى الشرب".
وبما أن التعليم مهم لهؤلاء الأطفال، أفادت "نحن نحاول إبقائهم في المدرسة"، لكنها اعترفت بأن ذلك مهمة "صعبة" نظرا لأن المدارس والمستشفيات "استهدفت وقصفت".
ولفتت إلى أن "المحادثات والمؤتمرات لم تفعل حتى الآن سوى القليل لتغيير الواقع بالنسبة للأطفال على الأرض. وفقط اتفاقية سلام شاملة يمكن أن تمنح الأطفال اليمنيين فرصة وقف العنف والحرب التي يحتاجون إليها ويستحقونها".
ويبلغ عدد سكان اليمن 22 مليون نسمة، حيث يحتاج نحو 80 في المائة منهم إلى مساعدات إنسانية، بما في ذلك أكثر من 11 مليون طفل. ومنذ تصاعد الصراع في مارس عام 2015، أصبحت البلاد "جحيما لا يطاق" بالنسبة لأطفالها، وفقا لما ذكرته "اليونيسف".
ويعاني حوالي 394 ألف طفل دون سن الخامسة من سوء تغذية حاد ويحتاجون إلى علاج. وعطل الإضرار بالمدارس والمستشفيات وإغلاقها الوصول إلى الخدمات التعليمية والصحية، مما جعل الأطفال أكثر عرضة للخطر وسلبهم مستقبلهم.
-- الاستثمار في مستقبل الأطفال
وتعد معاناة الأطفال في منطقة كوكس بازار في بنغلاديش، وهي واحدة من أكبر مخيمات اللاجئين في العالم، من بين بواعث القلق لدى فور.
وذكرت فور في تغريدة على موقع التدوين المصغر (تويتر)، خلال التطرق لزيارة قامت بها مؤخرا إلى المنطقة، أن "الأطفال الذين التقيتهم كانوا متألقين ومتلهفين ومتحمسين ولا يُنسون على الإطلاق. يجب أن نستثمر في مستقبلهم".
وأظهرت لقطات فيديو مصورة اختلاط فور بأطفال أبرياء في كوكس باراز، حيث ظهر جميع الأشخاص في اللقطات وهم يبتسمون، على الرغم من أن منظر مخيم اللاجئين الضخم يوحي بصعوبات ومعاناة لا يمكن تصورها.
وأشارت فور إلى أن الحكومة البنغلاديشية تمكنت من السماح لنحو 700 ألف لاجئ من الروهينغا بالبقاء في منطقة كوكس بازار، لافتة إلى أنه "فضل كبير" من جانب بنغلاديش.
وأعربت فور عن فخرها بما تقوم به اليونيسف للأطفال هناك، موضحة أن حوالي 155 ألف طفل من الروهينغا يرتادون مراكز التعلم الـ1800 التابعة للمنظمة هناك.
وزارت فور منطقة كوكس بارزا في موسم الجفاف، لكنها أشارت إلى أن المشهد هناك سيصبح كارثيا عندما تهطل الأمطار.
وقالت إنه "لحظة هطول الأمطار فيها، ستصبح أرض المنطقة طينية موحلة"، مشيرة إلى أن المنازل بنيت بالكاد "كأكواخ مع قليل من الخيزران وأغطية بلاستيكية على سطحها".
كما لفتت الانتباه إلى المشاكل الأمنية في المنطقة، حيث غالبا ما تقع حوادث إطلاق نار واغتصاب وحتى تقطيع أوصال أناس.
ولدى حثها المجتمع الدولي على مساعدة الأطفال هناك، قالت فور إنه يجب بذل الجهود لحشد المزيد من الموارد المالية لمساعدتهم و"الاستثمار في مستقبلهم".
-- اليونيسف والصين
وفي معرض حديثها عن التعاون بين اليونيسف والصين، صرحت فور بأنه "قوي للغاية".
وقالت إن "اليونيسف والصين هي قصة طويلة"، مضيفة "لقد عملنا في الصين على مدى السنوات الـ40 الماضية ضمن شراكة وثيقة في العديد من الأماكن في البلاد، وعلى العديد من الموضوعات".
وخصت فور بالذكر "برنامج قرية بيرفوت"، الذي يقوم فيه عاملون في المجتمع المحلي بالذهاب إلى مجتمعات فقيرة جدا ومحرومة ومساعدتها.
وأُطلق البرنامج، وهو عبارة عن مشروع تعاون بين اليونيسف والصين، في عام 2010 في 120 قرية ضمن خمس مقاطعات صينية للوصول إلى أطفال مصابين بفيروس نقص المناعة البشرية (الإيدز).
ويهدف المشروع، الذي بنيت فكرته على نفس مفهوم "أطباء حفاة"، الذي اشتهر بتوفير الرعاية الصحية للمناطق الريفية في الصين منذ عقود، للوصول إلى الأطفال الفقراء في المناطق النائية بطريقة كفوءة وفعالة من حيث التكلفة.
كما أثنت فور على الخطوات الكبيرة التي قامت بها الصين في مجال التخفيف من الفقر.
وقالت، مع ابتسامة على وجهها، "لقد كنا جزءا من مجموعة الأصدقاء الذين راقبوا باحترام وإعجاب كبيرين عدد الصينيين الذين انتشلوا من براثن الفقر".
وأضافت "لديكم قصة رائعة في الصين، واليونيسف كانت صديقة خلالها كلها".
وأشادت فور بمبادرة الحزام والطريق التي اقترحتها الصين، ولفتت إلى أن اليونيسف يمكن أن تكون "شريكا جيدا" في البلدان الواقعة على طول الحزام والطريق.
وأوضحت أن "اليونيسف موجودة هناك، ومستعدة لتكون شريكا للقطاعين العام والخاص، ولذا نأمل أن يتواصل الناس معنا وأن نتمكن من العمل بشكل أكبر في هذه البلدان"، مضيفة أن المنظمة تودّ أن تفعل المزيد في الصين وبقية أنحاء العالم أيضا.
وقالت فور "إننا نتطلع إلى العمل لسنوات عديدة أخرى معا في الصين بطرق أكبر وأكثر استمرارية".
وأضافت "سواء كان ذلك ضمن مبادرة الحزام والطريق، أو في مجال برامج المساعدات الخارجية الإنسانية، أو في شراكات مع القطاعين العام والخاص، أو مع مؤسسات أو منظمات غير ربحية، فإننا منفتحون على الجميع".