بكين 19 يوليو 2019 (شينخوا) وافق البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية الذي بادرت إليه الصين على عضوية كل من بنين وجيبوتي ورواندا يوم 13 من الشهر الجاري، ما رفع إجمالي عدد أعضائه المعتمدين إلى 100 عضو، بينهم 15 دولة عربية.
واستقبل البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، باعتباره بنكا إنمائيا متعدد الأطراف يُركز على الاستثمار في البنية التحتية المستدامة والقطاعات الإنتاجية الأخرى في آسيا وغيرها، استقبل سبع دول عربية كأعضاء مؤسسين فيه منذ بدء أنشطته في يناير عام 2016، وهي الأردن والكويت وعمان وقطر والسعودية والإمارات ومصر، فيما تمت الموافقة على انضمام 8 دول عربية أخرى كالبحرين ولبنان والمغرب وتونس إليه في وقت لاحق.
وفي هذا السياق، قال علي عبيد الظاهري سفير دولة الإمارات العربية المتحدة لدى الصين، إن الدول العربية اعترفت بأساليب إدارة البنك ومفاهيمه وأولت أهمية كبيرة لمشاريعه الاستثمارية العملية في بناء البنية التحتية.
وبالإضافة إلى التوسع في عدد الدول الأعضاء العرب، نشط البنك أيضا بدعم مشاريع البنية التحتية الكبيرة في الدول العربية، مع مواصلة زيادة حجم القروض والتمويلات المُصادق عليها، وفقا لبيانات نشرت على موقع البنك الإلكتروني.
فعلى سبيل المثال، وقع البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية اتفاقية قرض مع المنطقة الاقتصادية العُمانية الخاصة بالدُقم في يناير عام 2017، حيث قدم البنك قرضا بقيمة 265 مليون دولار أمريكي لمشروع بناء رصيف تجاري لميناء الدُقم لمدة 20 عاما، ما لعب دورا مهما في تعزيز إنشاء الميناء التجاري بالمنطقة.
وقبل توقيع اتفاقية القرض، وهو الأول الذي يقدمه البنك لمشاريع الموانئ، وكذلك لدول شبه الجزيرة العربية، أجرى الجانبان الصيني والعُماني أيضا تبادلات ومناقشات معمقة حول فرص التعاون في مجال التمويل في المستقبل.
وفي شهر ديسمبر من نفس العام، وافق مجلس إدارة البنك المذكور على إصدار قرض قدره 239.2 مليون دولار أمريكي إلى سلطنة عمان للاستثمار في بناء شبكة النطاق العريض بالألياف البصرية وتشغيلها من أجل تحسين البنية التحتية المحلية للاتصالات، ما يساعد عُمان على تقليل اعتمادها المفرط على النفط والغاز للتنمية الاقتصادية، ويسهل حياة سكانها وأعمال الشركات أيضا، إلى جانب زيادة جاذبية سوق التصنيع والخدمات اللوجستية فيها.
أما بالنسبة لمصر التي تعد أول دولة غير آسيوية دُعمت من قبل البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، فإنها حصلت على 210 ملايين دولار أمريكي لتمويل مشروعات الطاقة المتجددة المتمثلة في بناء محطة طاقة شمسية بقدرة 490 ميجاوات.
وبحسب أحد المسؤولين في البنك، يُمكن لمصر من خلال استخدام الأموال المذكورة زيادة قدرتها على توليد الطاقة وتنمية الطاقة المتجددة لتصبح محورا إقليميا للطاقة، والوفاء بالتزاماتها التي تنص عليها اتفاقية باريس للمناخ من خلال تجنب انبعاثات غازات الدفيئة بواقع أكثر من نصف مليون طن من ثاني أكسيد الكربون سنويا، لتحقيق منافع بيئية عالمية، علاوة على تحسين ترابطها في الشرق الأوسط وآسيا وأوروبا وإفريقيا.
ويعتقد الظاهري أن هناك فرقا بين البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، والمؤسسات المالية المعروفة عند لجوء الدول النامية إليها للحصول على الدعم المالي، حيث أن المشاريع الاستثمارية الممولة من البنك لا تتضمن أي بند إضافي، فضلا عن كونها تمويلية مُيسرة تتلاءم مع قدرات تلك الدول وتتيح لها أفقا اقتصاديا يسمح لها بالنهوض باقتصاداتها.
وأضاف الظاهري أن نشاطات البنك تتمتع بمستقبل مشرق، يبشر بمزيد من الانفتاح بين دول مبادرة الحزام والطريق، ويسهل عمليات النقل والمواصلات ويفتح آفاقا جديدة ومتنوعة لمجالات التعاون الاقتصادي، ما سيؤدي بالضرورة إلى المزيد من التفاعل بين حضارات تلك الدول وينعكس إيجابا على التبادل الثقافي فيما بينها.
وأشار الظاهري إلى موقع الإمارات الجغرافي المتميز وبنيتها التحتية الجيدة، ما يجعلها خيارا مثاليا للصين لإجراء التعاون الاقتصادي والتجاري مع دول الشرق الأوسط والدول الإفريقية، متوقعا المزيد من التعاون العملي بين البلدين في إطار مبادرة الحزام والطريق، وكذلك البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية.
من جانبه، عزا دينغ لونغ، مدير مركز بحوث الخليج بجامعة الاقتصاد والتجارة الخارجية في بكين، استجابة الدول العربية للبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية إلى تماشي البنك مع احتياجات الدول العربية لتحويل الاقتصاد وتنميته، خاصة فيما يتعلق بمشاريع البنية التحتية الكبيرة.
وقال دينغ إن في السنوات الأخيرة، أدركت الدول العربية تماما أن "عجز البنية التحتية" هو عنق الزجاجة الذي يقيد التنمية الاقتصادية، حيث تواجه الدول المنتجة للنفط تحديا يتمثل في تقليل الاعتماد على النفط في الاقتصاد وتسريع التصنيع، بينما تأمل البلدان غير المنتجة للنفط في تعزيز البنية التحتية والتصنيع من أجل وضع أساس للتنمية الاقتصادية، فضلا عن خلق فرص عمل لحل مشكلة ارتفاع معدل البطالة، مضيفا أنه يمكن للبنك العمل كآلية تمويل مهمة لتقديم الأموال المطلوبة لمشاريع البنية التحتية.
وتابع دينغ أن استجابة الدول العربية الناشطة تجاه البنك عكست عيوب آليات التمويل الدولية القديمة وحقيقة تهميش البلدان النامية في هيكل التمويل الدولي، لافتا إلى أن تعزيز بناء البنية التحتية في البلدان النامية أحد أهداف البنك.
وأشار دينغ إلى أن حجم مشاريع البنية التحتية الضخمة في الدول العربية خلال السنوات العشر المقبلة، بما فيها معرض دبي العالمي وكأس العالم لكرة القدم بقطر، يمكن أن تصل إلى مئات المليارات من الدولارات، ما يجعل الدول العربية أحد أكبر أسواق الإنشاءات الهندسية في العالم، إلى جانب توفير مساحة تطوير أعمال البنك.
وبدوره؛ أكد دينغ يي فان، الباحث في مركز بحوث التنمية التابع لمجلس الدولة، على أهمية البنية التحتية بالنسبة للدول النامية حيث يعتبر تحسينها أمرا ضروريا وأساسيا لتعزيز التنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية وتحقيق الترابط بين السلع والتجارة في السوق العالمية، إلى جانب زيادة دخول الشعوب ورفع مستوى معيشتها.
وفي الوقت نفسه، قال ليو بين، الباحث من مركز البحوث المالية والاقتصادية الدولية بجامعة تسينغهوا، الأستاذ المشارك في معهد بحوث الصين لمنظمة التجارة العالمية بجامعة الاقتصاد والتجارة الخارجية في بكين، قال إن البنك يلعب دورا هاما في تعزيز التصنيع وبناء البنية التحتية للنقل مثل الموانئ والسكك الحديدية في الشرق الأوسط.
وأضاف ليو أن نقص الأموال يعد من العوامل الرئيسية التي تُقيد التنمية الصناعية لدول الشرق الأوسط، مشيرا إلى دور البنك الفعال في المساهمة بتخفيف القيود بشكل فعال وتسريع عملية التصنيع فيها، فضلا عما يوفره من فرص أمام تلك الدول للمشاركة في بناء مبادرة الحزام والطريق، وتعزيز التعاون في مجال القدرة الإنتاجية بين الصين ودول الشرق الأوسط.