محللون: طرد القوات الأمريكية من قاعدتين عسكريتين في تركيا يؤدي إلى أزمة بين أنقرة والناتو

اسطنبول 22 ديسمبر 2019 (شينخوا) بعد تبني الكونجرس الأمريكي مؤخرا مشروع قرار لمعاقبة تركيا على شراء منظومة الدفاع الصاروخي الروسية (اس-400)، انقسم المحللون بشأن ما إذا كانت تركيا ستبدأ تنفيذ تهديدها بغلق بعض القواعد العسكرية الهامة ردا على ذلك، ولكن اتفق معظمهم على أن مثل هذه الخطوة ستؤدي إلى طرد أنقرة بشكل فعلي من حلف شمال الأطلسي (ناتو).

قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يوم الأحد إن أنقرة ستغلق قاعدة أنجرليك الجوية ومحطة الرادار الأمريكية كيوراجيك إذا لزم الأمر.

وتعد أنجرليك قاعدة عسكرية كبيرة تستخدمها الولايات المتحدة منذ فترة طويلة في مراقبة الأوضاع في الشرق الأوسط وشرق المتوسط وكذا في إطلاق عمليات، بينما يتولى الناتو تشغيل محطة كيوراجيك، التي أقامتها الولايات المتحدة شرقي تركيا في 2012 لتستخدمها بشكل أساسي ضد تهديدات الصواريخ الباليستية المحتملة من إيران.

وقال خلدون سولماز تورك، جنرال سابق بالجيش التركي، لوكالة أنباء ((شينخوا)) "لا أعتقد أن تركيا ستغلق أنجرليك أو كيوراجيك، لأن أنقرة ستواجه عواقب وخيمة إذا فعلت هذا."

وحذر من أن هذه الخطوة ستؤدي إلى تدمير العلاقات مع واشنطن، وستؤثر أيضا على علاقات أنقرة مع الناتو بشكل سلبي بحدوث أزمة كبيرة.

كان الكونجرس الأمريكي مرر يوم الثلاثاء مشروع قانون الميزانية الدفاعية لعام 2020، الذي يحث على فرض عقوبات على أنقرة على خلفية شراء أنقرة منظومة (اس-400) الروسية.

كما أن مشروع القانون، الذي وقع عليه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الجمعة ليصبح قانونا، يمنع تسليم مقاتلات (اف-35) إلى تركيا.

وقال يشار ياكش، وزير الخارجية التركي السابق، لشينخوا إنه إذا اشتدت المواجهة مع الولايات المتحدة، من المحتمل أن تمنع تركيا الولايات المتحدة من استخدام أنجرليك وكيوراجيك.

وأضاف محذرا "لكن في حالة حدوث هذا، علينا تحمل العواقب،" مشيرا إلى أن مثل هذه الخطوة ستؤدي إلى استبعاد أنقرة من مشروعات الناتو المختلفة، بل والأكثر أهمية من ذلك هو استبعادها من المشاورات السياسية في الكتلة.

وبعد يوم من تهديدات أردوغان، قال وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر إن التزام تركيا تجاه الناتو سيكون محل تساؤل إذا كانت أنقرة جادة فيما يتعلق بغلق المنشأتين أمام الناتو.

وتستخدم أيضا الدول الأعضاء في الناتو قاعدة أنجرليك جنوبي تركيا. ويعد قرب هذه القاعدة من روسيا وإيران وأيضا قدرتها على استيعاب قاذفات ثقيلة بالإضافة إلى استضافة طائرة نقل ثقيلة أصولا أساسية بالنسبة لواشنطن.

ويُعرف على نطاق واسع بأن محطة رادار كيوراجيك في محافظة ملطية بنيت لكي تكون نظام تحذير مبكر لحماية إسرائيل من أي تهديد لصواريخ باليستية محتمل من جانب إيران.

وقال سولماز تورك، الذي يرأس مناقشات إنجيك في المعهد التركي للقرن الـ21 ومقره أنقرة، إن غلق المحطة وطرد الأفراد الأمريكيين سيعني طرد أفراد الناتو من تركيا.

كما يفرض قانون الميزانية الدفاعية عقوبات على مشروع خط أنابيب غاز تركي-روسي في البحر الأسود.

وقال خلدون يالجين كايا، محلل متخصص في العلاقات الدولية في جامعة (تي أو بي بي) للاقتصاد والتكنولوجيا في أنقرة، لشينخوا إن تصريحات أردوغان تشير إلى أن تركيا مستعدة لغلق القاعدتين العسكريتين إذا لم يتم التوصل إلى تسوية.

وقال الرئيس التركي يوم الجمعة إن موقف الولايات المتحدة ينتهك بشكل صارخ حقوق تركيا، معربا عن استيائه الشديد من استهداف الولايات المتحدة مشروع خط الأنابيب.

وأوضح أن أنقرة سترد بفرض عقوبات ضد الولايات المتحدة، مؤكدا مرة أخرى أن أنقرة لن تتراجع عن اتفاقها مع موسكو بشأن منظومة (اس-400).

ويعتقد جميع المحللين أن ترامب سيؤجل العقوبات المفروضة على تركيا لبعض الوقت، ليطبق بعد ذلك بعض من العقوبات التي ستضر بأنقرة بشكل أقل حيث لا محالة من ذلك لأن الرئيس لا يستطيع تجاهل القانون تماما.

هناك علاقة شخصية جيدة بين أردوغان وترامب، وقال الرئيس الأمريكي عدة مرات إن أنقرة أجبرت على شراء المنظومة الروسية لأن الإدارة الأمريكية السابقة لم توافق على بيع منظومة (باترويت) الأمريكية إليها.

وذكر سولماز تورك "لكن حتى العقوبات القليلة نسبيا ستضر بشدة بالاقتصاد التركي المعتل."

وذكر يالجين كايا أن ترامب يريد الاستفادة من موقفه المتعاطف لعودة النفع على الولايات المتحدة عند التفاوض مع أنقرة.

من المتوقع أن يصدق مجلس الشيوخ الأمريكي في يناير على مجموعة عقوبات أشد ضد تركيا، حيث تبناها مجلس النواب في أواخر أكتوبر.

هذه المجموعة من العقوبات تهدف إلى معاقبة تركيا على عمليتها العسكرية في أكتوبر ضد الأكراد المدعومين من الولايات المتحدة في سوريا وعلى شراء منظومة (اس-400).

وعلى الرغم من المعارضة القوية وتهديد واشنطن بفرض عقوبات، بدأت أنقرة استقبال أول دفعة من المنظومة في الصيف.

وذكرت بيانات رسمية أن النظام من المفترض أن يتم نشره الآن، ولكن سيبدأ تشغيله كاملا بحلول أبريل العام المقبل.

تقول الولايات المتحدة إنه لا يمكن تفعيل مقاتلات (اف-35) ومنظومة (اس-400) في نفس المنطقة، في إشارة إلى إمكانية التوصل إلى تسوية تكون فيها منظومة (اس-400) غير مفعلة.

تشعر الولايات المتحدة بقلق خاص بسبب تقارب تركيا مع روسيا.

ففي السنوات القليلة الماضية، ظهرت تقارير متعددة في وسائل الإعلام الغربية تقول إن تركيا تبتعد عن الغرب، الأمر الذي نفاه مسؤولون أتراك مرارا.

وقال سولماز تورك إنه حتى إذا لم تحل الخلافات القائمة مع الولايات المتحدة، فإن تركيا لا تأمل في مغادرة الناتو.

وأضاف "الحكومة التركية أقرب إلى واشنطن منها إلي موسكو فيما يتعلق بأهدافها السياسية"، مشيرا إلى أن تركيا وروسيا تدعمان معسكرين متنافسين في الحرب الأهلية في ليبيا.

وقال يشار ياكش "تركيا تتمتع بأقوى مظلة دفاعية في العالم بكونها عضوا في حلف الناتو وينبغي عليها أن تقدر قيمة هذه النعمة"، مضيفا أنه يجب على الولايات المتحدة ودول الناتو إعطاء الاهتمام لشكاوى تركيا المشروعة.

توترت العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة منذ وقت طويل بسبب دعم واشنطن العسكري للأكراد في سوريا، حيث تعدهم أنقرة إرهابيين، وإصرار أنقرة على شراء منظومة (اس-400).

وفي خطوة أخرى مزعجة لأنقرة، اعترف الكونجرس الأمريكي مؤخرا بأن أعمال القتل الجماعي للأرمن في الدولة العثمانية خلال الحرب العالمية الأولى "إبادة جماعية".