تعليق: ردا على بومبيو ... هل يستقيم تشبيه الصين المسالمة بالدولة النازية؟

تصاعدت الهجمات على الصين من قبل وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، وأعضاء مجلس الشيوخ والنواب الأمريكيين مرة أخرى في نهاية الأسبوع الماضي. حيث شن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو هجوما حادا على الصين، متهما إياها بأنها "تستغل باستهتار" لأعمال الشغب التي تحدث في الولايات المتحدة، كما شبه الخطوات التي اتخذتها الصين لفرض الأمن في هونغ كونغ في ظل الاضطرابات التي شهدتها الأخيرة، بممارسات النازيين في ألمانيا إﺑﺎن الحرب العالمية الثانية. وقد تجاوزت هذه الادعاء بلا شك الحد الأدنى لدبلوماسية الحضارة الحديثة.

إن المسؤولين الصينيين حذرين للغاية في الحديث عن الاضطرابات في الولايات المتحدة، فهل أعلنت بكين عن "الوقوف مع المتظاهرين الأمريكية؟" وهل أقر المجلس الوطني لنواب الشعب الصيني "قانون ديمقراطية وحقوق الإنسان للأقليات الأمريكية"؟ هل اجتمع الدبلوماسيون الصينيون مع المتظاهرين الأمريكيين أو "قادة الحقوق المدنية" ذوي الصلة؟ طبعا هذا كله لم يحدث في الصين، بينما حدث في واشنطن مراراً وتكراراً في التعامل مع شؤون هونغ كونغ وشينجيانغ.

منذ اندلاع أعمال الشغب في الولايات المتحدة لمدة أسبوعين تقريبًا، ظل الرأي العام في جميع أنحاء العالم يقارن باستمرار بأعمال الشغب في هونغ كونغ. وذلك لأن تدخل واشنطن في الوضع في هونغ كونغ استثنائي للغاية، وترك انطباعًا عميقًا في العالم الخارجي. وبشكل مغرور جدا، أعلنت واشنطن قبل أسبوع واحد فقط، عن فرض عقوبات على الصين بأكملها بما فيها هونغ كونغ، بسبب سن بكين قانونا للأمن القومي يتعلق بهونغ كونغ.

أثرت الاحتجاجات الأمريكية المناهضة للتمييز العنصري وتهديد الحكومة الفيدرالية باستخدام القمع العسكري بشدة على الصورة الوطنية للولايات المتحدة، ما أفقد الأسس الأخلاقية لاتهامات واشنطن المتعلقة بحقوق الإنسان في هونغ كونغ وغيرها من الأماكن العالمية. وأن ادعاء بومبيو بأن بكين "تستغل أعمال الشغب الأمريكية" عاجز ومضحك.

في الآراء الأمريكية، إن المظاهرات العنيفة في هونغ كونغ هي "المناظر الطبيعية الجميلة" للنضال الديمقراطي، في حين أن المظاهرات في الولايات المتحدة كلها "أعمال شغب"، والأولى تحتاج إلى الدعم، بينما يجب كبح الأخيرة. لكن، الموارد والظروف للعب الولايات المتحدة بهذه المعايير المزدوجة تختفي تدريجيا. هل يدرك بومبيو ذلك؟

إن اتهام الصين لممارسة "مثل ألمانيا النازية" أيديولوجية واشنطن الأكثر هستيرية في الوقت الذي نجحت فيه الصين في حربها ضد الالتهاب الرئوي الناجم عن فيروس كورونا الجديد، وإنقاذ حياة عدد لا يحصى من الأشخاص عبر كامل التراب الوطن، في حين كشفت الولايات المتحدة النظام الوحشي وأكبر عدد من الإصابات والوفيات في العالم. وأن استخدام بومبيو ألمانية النازية في إشارة الى الصين في هذا الوقت، هي مرآة سمح للناس رؤية أمريكا منها.

لم تشهد الصين أي حروب خارجية منذ 32 عامًا، فكم عدد الحروب التي شنتها الولايات المتحدة في هذه السنوات الـ 32؟ قاتلت من بنما في القارة الامريكية إلى العراق وأفغانستان في آسيا، ثم إلى الصومال في إفريقيا، ومن كوسوفو في أوروبا إلى هايتي في القارة الامريكية. وفي السنوات الأخيرة، انسحبت الولايات المتحدة من اليونسكو، ومؤتمر المناخ، ومجلس حقوق الإنسان، وأعلنت للتو مقاطعة منظمة الصحة العالمية، في حين أن الصين مدافع قوي عن إطار الأمم المتحدة. كما شنت الولايات المتحدة أيضا حربا تجارية شاملة غير مسبوقة ضد الصين وشلت منظمة التجارة العالمية بشكل ضار. فمن هو الشبيه بألمانيا النازية؟

هل لا يزال لبومبيو صفات الدبلوماسي الأمريكي؟ لقد أظهر التطرف الإيديولوجي، والمغامرة في السياسة الخارجية، والكذب علنا ، والجرائم الملفقة، وكان أدائه مثل غوبلز سيئ السمعة في ألمانيا النازية. كما إنه يسعى جاهداً لتقسيم العالم والتحريض على العداء، وجعل الناس الطيبين قلقين من أن السلام العالمي لن يدمر في أيدي السياسيين المتعصبين مثله.

يدفع بومبيو العالم من التعاون إلى "الانفصال" والمواجهة، وتحويل التفاهم المتبادل والاحترام والتسامح إلى حالات مختلفة لا يمكن التوفيق بينها. وبعد فترة طويلة من التطور المطرد، شهد العالم نتوءات عنيفة، وظهرت بعض المخاطر الضخمة التي ابتعدت تدريجياً عن الإنسانية.

بعد البحث والعمل الشاق، توصل الشعب الصيني الى أن الاشتراكية هي السبيل لتخلص هذا البلد من الفقر، وهي منطوية وليست توسعية. كما لم تطلب الصين من أي دولة تغيير مسارها، لكن الولايات المتحدة تحاول "إعادة تشكيل الصين"، وأصبحت غاضبة لأن الصين رفضت إجراء تغييرات وفقًا لرغباتها، ما فضح المرحلة الشديدة من الهيمنة.

وما ينبغي على الولايات المتحدة أن تعرفه هو أن محاولة تغيير الصين ذات خمسة آلاف سنة من الحضارة حلم لن يتحقق ابدا.