فرانكفورت 4 سبتمبر 2020 (شينخوا) بالنسبة لرجل الأعمال ستيفان دوبوتشكي، البالغ من العمر 52 عاما، حمل القطار الذي توجه إلى الصين في 20 أغسطس من فيينا وعلى متنه 41 حاوية من منتجات شركته ((لينزينغ غروب))، حمل أيضا ثقته بالسوق الصيني.
وقالت ((لينزينغ غروب))، وهي شركة منتجة للألياف مقرها النمسا، في بيان صحفي، "للمرة الأولى في تاريخ النمسا، ترسل شركة محلية بضائع منتجة بنسبة 100 بالمائة في النمسا مباشرة إلى الصين بالقطار".
وقال دوبوتشكي الرئيس التنفيذي للشركة، "يمكننا الآن من خلال مسار النقل الجديد تلبية الطلب الكبير من عملائنا على الألياف المنتجة بشكل مستدام وبسرعة أكبر، إذ تصل الألياف المطلوبة بشكل عاجل إلى عملائنا في الصين في زمن أسرع مرتين من الشحن البحري بفضل النقل بالقطار".
وبلغت قيمة المنتجات التي نقلها القطار، وخاصة الألياف ولباب المنسوجات، 1.8 مليون يورو (2.1 مليون دولار أمريكي). ووفقا لشركة نقل البضائع النمساوية (ريل كارغو اوستريا)، فمن المتوقع أن يتجاوز عدد القطارات التي تعمل على مسار الشحن بالسكك الحديدية بين الصين والنمسا 900 قطار هذا العام.
وتعد الصين أول اقتصاد رئيسي يستأنف النمو منذ تفشي جائحة كوفيد-19. ولا تزال الشركات الأوروبية تعتبر الصين سوقا مهما ولاعبا لا غنى عنه في سلاسل التوريد العالمية، ولديها الاستعداد للاستفادة من الإمكانيات الجديدة في حقبة ما بعد الوباء.
وتعتبر خدمات الشحن بين الصين وأوروبا، من بين أشياء أخرى، مقياسا للتبادلات الاقتصادية عبر القارتين. وقد أظهرت بيانات نشرتها مجموعة السكك الحديدية الصينية الحكومية في أغسطس ارتفاع عدد القطارات العاملة على طرق الشحن بنسبة 68 بالمائة في يوليو مقارنة بالعام السابق، بعد معدلات النمو المرتفعة التي تحققت في الأشهر الثلاثة السابقة.
وقال دوبوتشكي لوكالة ((شينخوا)): "الصين بالنسبة لنا أهم دولة في العالم من حيث المبيعات. سنستمر في الاستثمار في الصين، وسنستمر في جلب المنتجات من هنا إلى الصين".
ونظرا لأهمية السوق الصينية على المدى الطويل، قامت العديد من الشركات الأوروبية المتعددة الجنسيات أيضا مؤخرا بتحركات استثمارية، في وقت جعلت الصدمات الاقتصادية الناجمة عن الأزمة الشركات عموما أكثر حذرا بشأن اتخاذ القرارات الاستثمارية.
وفي مايو الماضي، قالت شركة صناعة السيارات الألمانية ((فولكس فاغن)) إنها ستستثمر حوالي 2.1 مليار يورو (2.49 مليار دولار) في التنقل الكهربائي في الصين، منها مليار يورو (1.18 مليار دولار) لزيادة حصتها في مشروع التنقل الإلكتروني المشترك مع شركة ((جاك موتورز)) الصينية للسيارات إلى 75 بالمائة والاستحواذ على حصة تبلغ 50 بالمائة في الشركة الأم لجاك شركة جاج.
وفي يوليو، أعلنت شركة ((دانون)) الفرنسية العملاقة للأغذية عن استثمار 100 مليون يورو (118.3 مليون دولار) لتعزيز أعمال التغذية المتخصصة في الصين، بما في ذلك افتتاح مركز أبحاث في شنغهاي واكتساب القدرات المحلية لألبان الأطفال.
وقال لي جيان، النائب البارز لرئيس شركة ((دانون غريتر تشاينا))، "إن جائحة كوفيد-19 لم تمنع الحكومة الصينية من الترويج لجولة جديدة من الانفتاح رفيع المستوى"، مستشهدا بتنفيذ قانون الاستثمار الأجنبي في البلاد ومشاريع رائدة في في مناطق التجارة الحرة ومناطق التجارة الإلكترونية العابرة للحدود.
وبالنسبة لمنتج الشاحنات الألمانية شركة ((كيون))، فقد شهد شهر أغسطس الماضي حفل وضع حجر أساس مصنعها الجديد في مقاطعة شاندونغ بشرقي الصين. وجذب المشروع، الذي كشف النقاب عنه لأول مرة في مارس، استثمارات بقيمة 100 مليون يورو (118.3 مليون دولار) ومن المتوقع أن يخلق أكثر من 800 وظيفة جديدة بحلول عام 2025.
وقال جوردون ريسك، الرئيس التنفيذي لمجموعة ((كيون غروب أيه جي))، إن" الصين تعافت سريعا من أزمة فيروس كورونا الجديد، وباعتبارها واحدة من أسرع الأسواق نموا في جميع أنحاء العالم، فإنها تلعب دورا رئيسيا في استراتيجيتنا".
واعتبر عملاق مستحضرات التجميل الفرنسي ((لوريال)) السوق الصينية أحد العوامل الرئيسية التي ساهمت في صمود ومرونة الشركة خلال أزمة كوفيد-19. وفي البر الرئيسي الصيني، نمت مبيعات الشركة بنسبة 17.5 بالمائة في الفترة من يناير إلى يونيو هذا العام.
وفي سياق تعليق جان بول أغون، الرئيس التنفيذي لشركة ((لوريال))، على النتائج المالية، قال إن "الوضع في الصين يتحسن كل يوم من بعد تفشي كوفيد-19. ينتعش الاستهلاك، على وجه الخصوص، بسرعة كبيرة وبقوة، حيث نمت تطلعات المستهلكين للحصول على منتجات وخدمات وممارسات أكثر جودة وأمانا خلال إغلاق كوفيد-19".
وقال ستيفان فرانزكي، الرئيس التنفيذي لشركة ((برلين باتنر للأعمال والتكنولوجيا)) لوكالة ((شينخوا))، إن الأرقام الاقتصادية الأخيرة للصين أعطت الأمل لانتعاش الاقتصاد العالمي.
وأوضح فرانزكي أنه بعد إجراءات الاحتواء الأولية للمرض، استفاد الاقتصاد الصيني من المسار الاستباقي الأخير للحكومة والذي يسعى إلى تحقيق هدف السيطرة على الوباء وفي الوقت نفسه الحد من تأثيره الاقتصادي.
وأضاف أن "الحكومة الصينية اتخذت إجراءات سريعة للتخفيف من التبعات الفورية للتباطؤ الاقتصادي الحاد على الشركات والعمالة".
وأكد فرانزكي ثقته بقدرة ألمانيا والصين على العمل معا في المستقبل بشكل أوثق في العديد من المجالات، مثل الصحة الرقمية والتعليم الإلكتروني والتنقل في المستقبل وتخزين الطاقة ومشاريع المدن الذكية.
وقال رودولف مينش، كبير الاقتصاديين في اتحاد الأعمال الوطني السويسري إيكونومييسويس، في مقابلة مع وكالة أنباء ((شينخوا)) في أغسطس، إن "السوق الصينية باتت محركا مهما للنمو بفضل حجمها وتوسعها المستمر".
وبرأيه، فإن أهم جزء في السياسة الاقتصادية الصينية اليوم هو التزام الحكومة بتوسيع أبوابها على العالم على الرغم من الصعوبات الناجمة عن أزمة فيروس كورونا الجديد.