بكين 27 سبتمبر 2020 (شينخوا) في حفل اختتام الدورة الـ27 من مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي مؤخرا، فازت مسرحية "أرض لوتشا" الصينية التي قدمها المسرح الوطني الصيني بجائزة المهرجان. وفازت المسرحية، وهي من إخراج تشاو مياو، أيضا بالجائزة الثانية ضمن مسابقة "العروض المصورة".
و"أرض لوتشا" هي مسرحية تتناول الطبيعة البشرية من خلال الشكل المادي، الذي يجمع بين عناصر مسرح العرائس والأوبرا ومسرح الأقنعة والرقص المعاصر.
وتعكس المسرحية بأكملها مدى تعقيد الطبيعة البشرية من خلال مغامرة الإنسان على أرض الأشباح، مشيرة إلى أن كل شخص قد يكون لديه شبح شرير داخل قلبه، وكيف يمكننا التحكم فيه حتى لا نؤذي الآخرين.
وقالت الناقدة المسرحية المصرية سمية أحمد لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن مشاركة الصين في المهرجان بعرض حصد جوائز، رغم كل الصعوبات التي واجهتها في الأشهر الماضية، تكشف أن الصين تولي اهتماما كبيرا بالفن والثقافة.
وأشارت إلى أن الفنانين الصينيين يتمتعون بمهارة عالية، موضحة أن حبكة المسرحية وصناعة الفيديو للعرض كانتا رائعتان.
ونوهت بأن هذه الدورة كانت استثنائية، حيث أقيمت وسط تفشي مرض فيروس كورونا الجديد، مضيفة أن من أهم الإنجازات التي تحققت هذا العام هي إقامة عروض حية للفرق المسرحية المصرية.
ولا يعبر فوز المسرحية الصينية بجائزة مهرجان القاهرة الدولي فقط عن مدى الدعم والاهتمام العربي الذي حصل عليه الفن الصيني، بل يبين أيضا أن التبادلات الصينية العربية في مجال الثقافة شقت طريقا جديدا.
وفي مجال الثقافة، وخاصة فيما يتعلق بالمسرحيات والأفلام والمسلسلات التلفزيونية، ظلت الصين والدول العربية تغتنمان كل الفرص والمناسبات للتعاون.
في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي الذي جرت فعالياته في نوفمبر من العام الماضي، أكدت الممثلة الصينية الشهيرة تشين هاي لو أن الأفلام الصينية التي شاركت في المهرجان قد حازت على حب وثناء لجنة التحكيم والجمهور المحلي معا.
وأردفت الممثلة الصينية "لقد سمعت أن الكثير من الطلاب في مصر الذين يدرسون اللغة الصينية وحتى الناس العاديين يحبون مشاهدة البرامج التلفزيونية الصينية الشهيرة المدبلجة باللغة العربية".
واستطردت أن "هذا ليس المثال الوحيد على نجاح تعزيز الثقافة الصينية في جميع أنحاء العالم، كما أن هذا يظهر أيضا أن الناس في البلدان والمناطق الأخرى تحتاج إلى فهم متنوع للصين و ثقافتها".
في الوقت نفسه، نوهت تشين بأن عالم السينما في الشرق الأوسط وأفريقيا يحتاج أيضا إلى آراء وأصوات من الصين، مضيفة أنها التقت العديد من صانعي الأفلام في المهرجان، وعبروا عن رغبتهم في التعاون مع الصين.
وقالت إنه "خلال المهرجان، أخبرني العديد من صانعي الأفلام المعروفين هنا أنهم أعجبوا بشدة بالتطور السريع للأفلام الصينية، ويعتقد الجميع أنه من الضروري بناء منصة اتصالات على مستوى عال لخلق تواصل بين أسواق الأفلام المختلفة، بما في ذلك السوق الصينية".
ورأت أن التطور السريع للاقتصاد الصيني لم يجلب الثراء المادي للجميع فحسب، بل منح أيضا صانعي الأفلام القدرة على الحصول على مزيد من القصص الروحية التي يحولونها لأفلام.
وأكدت أن المخرجين في الشرق الأوسط وأفريقيا مرحب بهم لتقديم مشاريعهم السينمائية الخاصة في الصين، من أجل مزيد من الدعم والتعاون.
وقالت تشين إن صانعي الأفلام في الصين ينبغي أن يعرفوا المزيد عن الأفلام في الشرق الأوسط وأفريقيا.
من ناحية أخرى، يظهر النجاح غير المسبوق الذي حازه الفيلم اللبناني "كفر ناحوم" في الصين مدى الترحيب الواسع للأفلام العربية في الصين، حيث بات عموم الصينيين يرغبون في التعرّف على الأفلام العربية والتمتّع بها.
وفي مقابلة خاصة مع وكالة أنباء ((شينخوا))، قالت ميليا جبور سفيرة الجمهورية اللبنانية لدى الصين إنها فخورة للغاية بأن يحوز فيلم لبناني هذا الكم من النجاح في السوق الصينية، مشيرة إلى أن فيلم "كفر ناحوم" قد حصد جوائز عالمية، وأنها لا تستغرب وصوله إلى قلب وإحساس المواطن الصيني.
وأشارت جبور إلى حجم النقاش الكبير والجهود المبذولة في الوقت الراهن بشأن تنفيذ مبادرة الحزام والطريق، وأن أحد ركائز هذه المبادرة يتمثل بالتقارب بين الشعوب، معربة عن اعتقادها بأن السينما من أهم الأدوات التي يمكن أن تقرب بين الشعوب.
وأكدت جبور أنه وفي ظل مبادرة "الحزام والطريق" سيتعاظم التقارب بين شعوب الدول الواقعة على طول المبادرة، خاصة مع وجود دولة مثل الصين، التي تمتلك استديوهات للإنتاج تُصنف من بين الأحدث والأكبر في العالم، كما أن للبنان الخبرات والمهارات، ما يفتح إمكانية إيجاد توافق بين البلدين للقيام بعمليات إنتاج سينمائي مشترك.
في ذات السياق، تلعب المسلسلات التلفزيونية دورا مهما في تعزيز التبادلات الإنسانية بين الشعبين ودعمها.
فقد جذب مسلسل صيني شهير تم عرضه على شاشة قناة ((العراقية)) الرسمية اهتمام المشاهدين العراقيين وأسر قلوبهم وشدهم لمتابعة جميع حلقاته لمعرفة آخر تطورات القصة الرومانسية الصينية الجميلة التي تعكس جزءا من واقع الحياة في الصين.
وتدور أحداث المسلسل، الذي يعرف باسم "دودو" ويتألف من 36 حلقة تليفزيونية من الدراما الصينية الخفيفة والمشوقة والمحبوبة، حول زواج الشاب يو وي وماو دودو بطلة المسلسل والمشكلات التي تواجههما في الحياة اليومية.
ويلعب المسلسل الذي دبلج إلى اللغة العربية دورا فاعلا في إتاحة الفرصة للمشاهد العراقي لرؤية حياة المتزوجين حديثا في الصين وفهم جزء من ثقافتهم وعاداتهم وتقاليدهم، ويدفعه إلى المقارنة بينها والاستفادة من الأفكار الجديدة عليه.
إلى ذلك، قال المشاهد العراقي عمار نزهان، 35 عاما، لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن "المسلسل اجتماعي وجميل جدا وما شدني إليه ودفعني لمتابعته وبشغف، هو كيفية معالجة المشكلات التي تحصل بين الزوجة وأم الزوج، لأن هذه المشكلة موجودة لدينا في العراق أيضا، ويعاني منها خاصة الشباب المتزوجين حديثا، نتيجة تدخل الأم في حياة الزوجين في بعض الأحيان".
وأضاف "من خلال المسلسل تأكدت أن هناك عادات وتقاليد اجتماعية في الصين مشابهة لما موجود في العراق"، مبينا أن المسلسل زاد من رغبته في زيارة الصين للاطلاع على مفردات الحياة اليومية في هذا البلد العريق، معربا عن أمله في عرض المزيد من المسلسلات الصينية المدبلجة إلى اللغة العربية للاطلاع أكثر على الثقافة الصينية الغنية بالتجارب.