بكين 8 أكتوبر 2020 (شينخوا) أعرب مسعود ضاهر رئيس الرابطة اللبنانية الصينية للصداقة والتعاون، في مقال طويل بعنوان "الصراع الأمريكي - الصيني وآفاق العولمة بعد كورونا"، عن إشادته بإنجازات الصين في مكافحة مرض فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19) وتطلعه إلى مستقبل سلمي للعلاقات الصينية - الأمريكية بعد تفشي الجائحة.
اقتطفت وكالة أنباء ((شينخوا)) جزءا من المضمون الرئيسي لمقاله ونشرته لقرائها. وهو كالتالي:
-- الصين تواجه الجائحة منفردة وبنجاح كبير
أوضح ضاهر في مقاله أن الصين اتخذت تدابير سريعة جدا لمواجهة المرض والحد من انتشاره داخل الصين ومنع انتقاله إلى الخارج، مشيرا إلى أن جهود الحكومة الصينية حظيت باهتمام كبير من الصحافة المحلية والعالمية. وقامت بإنجازات قل نظيرها لمكافحته.
وتابع بقوله "فعلى سبيل المثال لا الحصر، بنت خلال تسعة أيام فقط المستشفى التخصصي الأول لعلاج فيروس كورونا الجديد بسرعة قياسية. فجندت له طاقات علمية وطبية وصناعية وعمالية وعسكرية. وقد ضم ألف غرفة مجهزة بأحدث الوسائل الطبية المتطورة في الصين. وكانت واحدة من مستشفيات عدة بنيت بسرعة، وبطاقة إستيعابية تجاوزت الألف وخمسمائة غرفة لسد النقص الحاد في العناية الطبية بمدينة ووهان".
وفي الوقت نفسه، أشار ضاهر إلى أن الصين واجهت المرض بكفاءة عالية، وبالتنسيق مع منظمة الصحة العالمية، لحماية الشعب الصيني الذي يحظى بالأولوية المطلقة في بلد اشتراكي يحترم إنسانية الإنسان، ويوظف الموارد الاقتصادية والمالية في خدمته.
-- انتشار الجائحة واتهامات غير أخلاقية للصين
قدم ضاهر في مقاله تعليقه الموضوعي على الاتهامات غير الأخلاقية الموجهة للصين، مشيرا إلى أنه "حين أمدت الصين يد العون لكثير من دول العالم، ومنها عدة دول أوروبية، سارعت بعض وسائل الإعلام العالمية المرتبطة بالسياسة الأمريكية إلى اتهام الصين بأنها تستخدم مساعدات مكافحة الفيروس التي تقدمها للدول الأخرى بهدف تلميع صورة الصين المنتصرة لدى الرأي العام، ووصفتها بأنها (دعاية سياسية على الطريقة الصينية..) ".
وتابع ضاهر قائلا إن "الصين ردت بأن من واجبها الإنساني أولا أن تبادر إلى وقف انتشار الجائحة على المستوى الكوني لأنه مرض خطير لا يقف عند حدود معينة، ولا يميز بين دول صغيرة أو كبيرة، غنية أو فقيرة. وبأن مكافحة الجائحة تتطلب تعزيز التضامن بين الدول، وتقديم المزيد من المساعدات في الوقت المناسب للشعوب العاجزة بمفردها عن مواجهته. فمصير البشرية واحد وتشارك فيه جميع الدول والشعوب، على اختلاف أنظمتها السياسية والاقتصادية. وهم ينتمون إلى عالم واحد ومستقبل مشترك".
ولفت رئيس الرابطة إلى أنه "في مواجهة الجائحة، لا يمكن لأي دولة أن تعيش بمنأى عن الدول الأخرى. وبالوحدة والتعاون يمكن التغلب على الصعوبات معا. وفي هذا المجال الإنساني البحت تصبح مساعدة الآخرين مساعدة للذات".
-- انتشار الجائحة في الولايات المتحدة
ذكر ضاهر أنه "إبان المعركة الشرسة التي خاضتها الصين في مواجهة فيروس كورونا الجديد، رفضت الولايات المتحدة تقديم أي مساعدة للصين من أي نوع كان".
وأضاف أنه على عكس الإدارة الصينية الناجحة للأزمة، أثبتت خطة ترامب فشلها الذريع في مكافحة الجائحة، ولم تحاول دراسة التجربة الصينية فجاءت النتيجة كارثية على الشعب الأمريكي. ورغم انتشار الجائحة بصورة كثيفة أخذت الولايات المتحدة تكيل الاتهامات للصين وتدعو إلى معاقبتها بذريعة إخفاء طبيعة الجائحة، وأعداد الوفيات والإصابات، وطرق العلاج التي نجحت في وقف انتشاره والسيطرة عليه. وقطع الرئيس ترامب المساعدة المالية عن منظمة الصحة العالمية.
وأشار ضاهر إلى أن الاتهامات الأمريكية المستمرة وغير الأخلاقية والدعوات لمعاقبة الصين أثارت غضبا شديدا لدى الصينيين، حكومة وشعبا. فرفضتها الحكومة الصينية بشكل قاطع لأنها غير مسندة إلى أي أساس رصين.
وفي المقابل، حسبما ذكر ضاهر، اعتمدت الصين تقديم الوقائع الدامغة في الرد على الاتهامات الأمريكية. فبادرت إلى تقديم الكثير من المعلومات الطبية الخاصة بفيروس كورونا الجديد.
وأضاف أن الصين "جندت مصانعها الطبية لتقديم مساعدات عينية كبيرة لكل من طلب مساعدتها دون تمييز. وأكدت التقارير العلمية الرصينة أن الصين أبلغت منظمة الصحة العالمية ووسائل الإعلام العالمية بكل ما لديها عن الفيروس الجديد. وعزلت مدينة ووهان ومقاطعة هوبي بأكملها لمنع انتشار الفيروس القاتل إلى الدول الأخرى، وطالبتها بالاستعداد لمواجهته نظرا لسرعة انتقاله وكثرة ضحاياه".
-- ملاحظات ختامية: نحو عولمة أكثر إنسانية
ذكر ضاهر في المقال أن "العالم بدأ يخرج فعلا من فيروس كورونا الجديد الذي خلف كثيرا من الوفيات والمصابين، ودمارا اقتصاديا كبيرا لن تخرج منه دول كثيرة إلا إذا سلكت طريق التعاون الإيجابي للتخلص من التأثيرات السلبية الهائلة على المستويين البشري والاقتصادي. لذلك يمكن التأكيد على أن الترويج لمغامرة عسكرية بين الولايات المتحدة والصين مقولة خطيرة وغير محتملة لأنها تدمر العالم بأسره. والظروف الدولية في مرحلة ما بعد الجائحة تفرض التعاون السلمي وليس الحرب".
وأشار إلى أن "الأسلوب الملائم لمواجهة المرض هو التوحيد الحضاري المبني على احترام ثقافات الشعوب، ونزوعها نحو الحرية، والمساواة، والإخاء، والديمقراطية، وحقوق الإنسان، وضمان الحريات الفردية والعامة، واحترام المعتقدات الدينية وغيرها".
وفي ختام المقال، قال ضاهر إنه "انطلاقا من الحكمة الصينية الموروثة تتبنى الصين سياسة اليد الممدودة دوما للولايات المتحدة من أجل منع الحرب، والعمل المشترك على حل المشكلات بالطرق الدبلوماسية. والأمل معقود على العقلانية الأمريكية بإبعاد شبح الحرب، والانتقال من عولمة القطب الأمريكي الأوحد إلى نظام عالمي متعدد الأقطاب، وعولمة أكثر إنسانية تعيد تعزيز نظام القيم الأخلاقية، والتنافس الاقتصادي المراقب بدقة وشفافية لمصلحة الناس وليس لمصلحة الاحتكارات الضخمة. وذلك وفق معايير العدالة الاجتماعية، ومواجهة حيتان المال".