أظهرت اقتصادات دول الشرق الأوسط مؤخرًا، اتجاه انتعاش بطيء، وأظهرت بعض الصناعات علامات انتعاش ملحوظة، وذلك بالاستفادة من سلسلة من إجراءات سياسة الاستقرار الاقتصادي.
وأشار تقرير تقييم اقتصادي أصدرته مؤسسة فيتش الدولية للتصنيف الائتماني مؤخرا، إلى توقعات بأن يتقلص معدل النمو الاقتصادي في الشرق الأوسط بنسبة 5.1٪ في عام 2020، وأن ينتعش إلى 3.5٪ في عام 2021. واستجابة لتأثير الوباء، تواصل دول الشرق الأوسط تقديم السياسات والتدابير ذات الصلة لتحقيق الاستقرار في الاقتصاد وحماية سبل عيش الناس، وفي الوقت نفسه تسريع تحول الهيكل الاقتصادي، والسعي لاستعادة الاقتصاد.
المؤشرات الاقتصادية للعديد من البلدان في المنطقة تتحسن تدريجيا
اكتظ مركز التجارة العالمي في دبي بالإمارات العربية المتحدة بالناس في الآونة الأخيرة، وقد أقيم هنا المعرض الخليجي السنوي لتكنولوجيا المعلومات، بمشاركة ممثلين من 1200 شركة من أكثر من 60 دولة ومنطقة حول العالم. وتشير البيانات إلى أن مؤشر مديري المشتريات الشامل PMIلدبي تجاوز 50 لمدة ثلاثة أشهر متتالية في الربع الثالث، مما يشير إلى أن اقتصاد الصناعات ذات الصلة يتوسع تدريجياً. كما يشهد مطار دبي الدولي كمحور مهم للطيران، تزايد تدفق الركاب شهرًا بعد شهر.
كما استأنفت إيرادات الملاحة لقناة السويس كإحدى ركائز الاقتصاد المصري النمو الإيجابي. وأعلنت هيئة قناة السويس، مؤخرًا، أنه في نوفمبر من العام الجاري، مرت 1614 سفينة شحن عبر القناة، ووصلت عائدات القناة إلى 488 مليون دولار أمريكي، بزيادة قدرها 2.4٪ مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي. وأشار البيان إلى أن قناة السويس حافظت على الملاحة العادية خلال فترة الوقاية من الوباء ومكافحته، ولعبت استراتيجية التسعير المرنة دورًا إيجابيًا في الحد من تأثير الوباء. وتوقع تقرير التوقعات الاقتصادية الصادر مؤخراً عن صندوق النقد الدولي أن يصل معدل النمو الاقتصادي في مصر إلى 3.5٪ هذا العام، مما يجعل مصر الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي تحقق نموًا اقتصاديًا إيجابيًا.
وتُظهر صناعة الفنادق والسياحة وصناعة التجزئة في العديد من المناطق في تركيا اتجاه انتعاش تدريجي. وأظهرت أحدث البيانات الصادرة عن المكتب الوطني للإحصاء في تركيا، أن اقتصاد البلاد في الربع الثالث كان أفضل من المتوقع، مع نمو سنوي قدره 6.7٪، في تناقض حاد مع الانخفاض الحاد في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 9.9٪ في الربع الثاني. من بينها، زاد استهلاك الأسرة بنسبة 9٪ على أساس سنوي، ليصبح القوة الدافعة الرئيسية للنمو الاقتصادي.
عملية الانتعاش الاقتصادي لا تزال غير مؤكدة
قالت كريستالينا جورجيفا، رئيسة صندوق النقد الدولي في المؤتمر الوزاري لمنتدى المالية العامة للدول العربية الذي عقد عبر الفيديو مؤخرا، إن الإجراءات الأخيرة للعديد من دول الشرق الأوسط لتعزيز الاقتصاد قد حققت نتائج ملحوظة، ولا تزال هناك حاجة لمواصلة ممارسة السياسة في المستقبل. وسيظل الانتعاش الاقتصادي في الشرق الأوسط عملية طويلة وصعبة وغير مؤكدة، متأثرًا بعدة عوامل.
أكدت جورجيفا تعزيز الإدارة الضريبية في مصر والمغرب والأردن والسودان، والإلغاء التدريجي لدعم الوقود في دول مجلس التعاون الخليجي، ودعت إلى استمرار سياسات المساعدة لزيادة الدخل متوسط الأجل، وتحسين كفاءة الإنفاق، والاستجابة للتأثير العميق للوباء على الاقتصاد متوسط المدى.
وأشارت بعض التحليلات إلى أنه خلال فترة الوقاية من الوباء ومكافحته، عملت دول منطقة الشرق الأوسط جاهدة لتسريع وتيرة التحول الاقتصادي الهيكلي. وذكر تقرير صادر عن البنك الدولي أنه استجابة لتأثير الوباء، تعمل البلدان الإقليمية على تسريع إعادة تشكيل هيكلها الاقتصادي، وتعزيز تنمية الاقتصاد الرقمي.
وفقًا للتقارير، شهدت مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وتركيا والمغرب والأردن ولبنان ودول أخرى نموًا سريعًا في التسوق عبر الإنترنت والدفع غير النقدي والأعمال التجارية الأخرى. ويعتقد موقع "جلف بيزنس" الإلكتروني أن عادات الاستهلاك مثل التسوق عبر الإنترنت والدفع عبر الإنترنت التي طورها المستهلكون تدريجيًا لن تهدأ بعد انتهاء الوباء، وسيظل الزخم المستمر للاقتصاد الرقمي دون تغيير.
قال خالد الباحث في مركز الملك فيصل للأبحاث في السعودية، إن صناعة الطاقة المتمثلة في النفط والغاز الطبيعي والطيران والسياحة، هي أكثر القطاعات تضررا من الوباء. وقد أدركت المملكة العربية السعودية ودول أخرى مرة أخرى أهمية وضرورة تعزيز التنويع الاقتصادي والتخلص من الاعتماد المفرط على النفط لتحقيق النمو الاقتصادي.
بحسب مقال نشر على موقع " مصر اليوم"، فإن الإجراءات الإغاثية المستهدفة التي اتخذتها دول الشرق الأوسط قد حققت نتائج واضحة، وأن الاقتصاد الإقليمي يخرج تدريجياً من حضيضه. وستستمر اقتصادات دول الشرق الأوسط في التحسن على المدى الطويل.
وأصدرت شركة «أتراديوس» للتأمين الائتماني ومقرها هولندا تقريرًا مؤخرًا، يتوقع فيه أنه في عامي 2021 و2022، سيصل معدل النمو الاقتصادي في الشرق الأوسط إلى 3.6٪ و4٪ على التوالي، ومعظمها سيكون مدفوعًا بالاقتصاد غير النفطي. وتعد الصناعات مثل التعليم، واتصالات المعلومات والتكنولوجيا المالية، والأدوية، والطاقة المتجددة أكثر المجالات الواعدة لدفع النمو الاقتصادي.