تونس 26 يناير 2021 (شينخوا) بدأت صباح اليوم (الثلاثاء)، أعمال جلسة عامة للبرلمان التونسي مُخصصة للتصويت على تعديل وزاري مُثير للجدل أعلنه رئيس الحكومة هشام المشيشي في السادس عشر من يناير الجاري، وسط إجراءات أمنية مُشددة.
وحضر هذه الجلسة التي ترأسها رئيس البرلمان راشد الغنوشي، 165 نائبا من أصل 217 نائبا.
واعتبر الغنوشي في كلمة افتتاح بها الجلسة، أن "تونس تواجه تحديات وصعوبات كبيرة جرّاء تصاعد الأزمة الصحية وانعكاساتها الاجتماعية".
وشدد على ضرورة رسم "ملامح عشرية المصالحة الشاملة والاصلاحات الكبرى" بما يحقق العدالة المرجوة في البلاد، والخروج من هذه الأوضاع التي دفعت العديد من الفئات بأغلب الجهات الى التعبير عما وصفها بـ"الآلام والأوجاع".
وأكد على الحق في التظاهر السلمي والتعبير عن الرأي، محذرا في الوقت نفسه من مخاطر الاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة.
وبعد ذلك، أعطيت الكلمة إلى رئيس الحكومة هشام المشيشي الذي قال إنه يعود مرة أخرى إلى البرلمان لا راجيا فقط أن ينال الوزراء الذين اختارهم في التعديل الوزاري، ثقة البرلمان، وإنما أيضا لعرض خارطة طريق لبرنامج عمل الحكومة خلال الفترة المقبلة.
وأشار إلى أن التعديل الوزاري المقترح "يأتي بعد تقييم موضوعي" قام به كرئيس للحكومة طبقا لما يخوله له الدستور من صلاحيات للهيكلة الحكومية، وقال "أعود إلى هذا المجلس لإدخال تعديلات على التركيبة الحكومية بهدف إضفاء أكثر نجاعة وفعالية والترفيع في الكفاءة والأداء".
وتابع "نحن شركاء في نجاحات هذا الوطن ولكن أيضا مسؤولون عن انتكاسته لا قدر الله...نحن نعاني من أزمة هيكلية تفاقمت على امتداد السنين وتشعبت بدرجة معقدة وتأخرت فيها إرادة الإصلاح الحقيقية والمسؤولة لتفسح المجال أمام الخطاب الشعبوي الذي يسعى أصحابه إلى تسويق الأوهام".
وأشار إلى أن خارطة طريق أولويات حكومته وبرامج العمل الذي تتعهد بإنجازه خلال الفترة المقبلة، يشمل تحسين مناخ الأعمال وتحفيز المبادرة الخاصة وفق رؤية استراتيجية واضحة للإصلاح تشمل تغيير نموذج التنمية، والبدء في تنفيذ استراتيجية وطنية للتحول الرقمي 2021-2025.
وختم رئيس الحكومة التونسية كلمته، بالقول "أعتبر نفسي المسؤول الأول كرئيس للحكومة عن هذا الإصلاح ولكن الطريق إليه سيكون أسهل وأسرع بفضلكم وفي ظل مناخ سياسي ومؤسّساتي مستقر وناضج، وما لم يتحقق الاستقرار السياسي، وما لم تنضج الحياة الديمقراطية بعيدا عن الإستعراض والإثارة، لن نخرج من الأزمة التي نعيشها".
ويُعتبر التعديل الحكومي هو الأول منذ حصول حكومة هشام المشيشي على ثقة البرلمان في الثاني من سبتمبر من العام الماضي.
ويُناقش البرلمانيون التونسيون خلال هذه الجلسة منح الثقة من عدمها للوزراء الجدد الذين اختارهم رئيس الحكومة في التعديل الحكومي، وسط انقسام واضح في المواقف نتيجة الجدل الذي أثاره وجود أربعة وزراء مُقترحين تُلاحقهم شبهات فساد وتضارب مصالح.
وتؤكد أحزاب المعارضة أنها لن تمنح الثقة لهؤلاء الوزراء المقترحين، فيما أعلن المشيشي تمسكه بهم مستندا في ذلك إلى دعم التحالف الثلاثي المتكون من حركة النهضة الإسلامية، وحزب قلب تونس، وائتلاف الكرامة، الذي أكد أنه سيُصوت لصالح جميع الوزراء المقترحين.
وانتقد الرئيس التونسي قيس سعيد ،بشدة، مساء أمس الاثنين التعديل الوزاري الواسع الذي شمل 11 حقيبة وزارية، ويتعين تمريره الحصول على ثقة 109 نواب من أصل 217.
وقال الرئيس قيس سعيد في كلمة افتتح بها اجتماع لمجلس الأمن القومي، إن "التحوير (التعديل) الحكومي لم يحترم الإجراءات التي نص عليها الدستور، وتحديدا ما نص عليه الفصل 92 حول ضرورة التداول في مجلس الوزراء إذا تعلق الأمر بإدخال تعديل على هيكلة الحكومة إلى جانب إخلالات إجرائية أخرى".
وأضاف أن ما تم الإعلان عنه ليس بتحوير وزاري، وإنما هو "إعادة هيكلة للحكومة"، وأنه "لم يكن على علم به، ولم يتم التشاور معه بشأنه، وأنه علم به من خلال رسالة وصلته من رئيس الحكومة هشام المشيشي، وأخرى من رئيس البرلمان راشد الغنوشي".
وشهدت الجلسة البرلمانية العامة في بداية أعمالها توجيه انتقادات حادة للإجراءات الأمنية التي اتخذتها وزارة الداخلية التي يديرها حاليا بالنيابة رئيس الحكومة هشام المشيشي، لحماية البرلمان، حيث ذهب عدد من النواب إلى حد وصفها بـ " الحصار البوليسي".
وانتقد النائب مصطفى بن أحمد رئيس الكتلة النيابية لحزب تحيا تونس، تلك الإجراءات الأمنية، قائلا في مداخلة له، إن "البرلمان مؤسسة ملك للشعب، وانه من غير المعقول ان تصبح تحت حصار بوليسي لم يسبق له مثيل".
من جهته، تساءل النائب مروان فلفال عن كيفية التداول ومناقشة التعديل الوزاري في برلمان "تحت حصار بوليسي رهيب"، وذلك في الوقت الذي اعتبر فيه النائب حاتم بوبكري أن "ما يحدث خارج أسوار قاعة الجلسة البرلمانية العامة هو "عسكرة رهيبة لمحيط البرلمان الذي أصبح محاصرا بالمدرعات"، على حد قوله.
وبالتوازي، لم يتردد فيه النائب هيكل المكي في القول إنه "من غير الممكن أن تنعقد الجلسة العامة في ثكنة لا في البرلمان"، منددا بما وصفه بـ "محاصرة مجلس نواب الشعب لمنع الشباب الغاضب والمحتج سلميا من الوصول إلى البرلمان".
ودفعت السلطات التونسية بتعزيزات أمنية كبيرة إلى ساحة باردو حيث مقر البرلمان، حيث فرضت العديد من الحواجز لمنع وصول المحتجين إلى البرلمان.
ونظم المئات من المتظاهرين وقفات إحتجاجية في محيط البرلمان رفعوا خلالها شعارات تنادي بإسقاط الحكومة، وحل البرلمان، حيث تصدت لهم قوات الأمن ومنعتهم من اقتحام البرلمان وإيقاف أعماله.