تعليق: متى يتوقف الجيش الأمريكي عن حصد أرواح الأبرياء أثناء عملياته العسكرية

خلّفت الهجمات الأمريكية التي استهدفت إرهابيين في مطار كابول في 29 اغسطس الجاري، مقتل 9 مدنيين أفغان. وقبل ذلك أسفر التفجير الانتحاري الذي جدّ في مطار كابول يوم 26 عن مقتل 13 جنديًا أمريكيًا ونحو 170 أفغانيًا. وقد شهد حادث التفجير أعمال مروّعة، بينها إطلاق جنود أمريكيين النار على العديد من المواطنين الأفغان. في سلوك أثار غضب الرأي العام ووُصف بأنه فضيحة. من جانبه، لم ينكر الجيش الأمريكي احتمال قتله لمدنيين أفغان أبرياء عن طريق الخطأ، وصرّح متحدث بأن الجيش سيحقق في القضية. لكن مراقبون رأوا بأن السلوك الأمريكي قد تميز بالبرود والتجاهل تجاه أرواح الأبرياء الأفغان.

لكن هجمات مطار كابول لم تكن الأولى التي تخلف ضحايا مدنيين، بل أدت عمليات مكافحة الإرهاب التي نفّذتها أمريكا في أفغانستان والشرق الأوسط سابقا إلى مقتل أعداد كبيرة من المدنيين. وكانت أعدادهم في كل مرة تفوق أعداد القتلى الإرهابيين الذين يتم استهدافهم. في المقابل عمدت الادارات الأمريكية المتعاقبة دائما إلى التقليل من شأن القتل عن طريق الخطأ. فيما ظلت وسائل الإعلام الغربية تتعاون مع الموقف الحكومي من خلال التغاضي عن قتل المدنيين. ولم يقع إدانة هذا النوع من الممارسات على أنها كارثة انسانية وانتهاك لحقوق الإنسان، ولم تظهر أصواتا منادية بمحاسبة المتورطين في هذه الجرائم.

ومن جهة موضوعية، أدّى الهجوم الإرهابي المافجئ على مطار كابول إلى إصابة الجيش الأمريكي بالذعر. وهوما دفعه إلى إطلاق النار بشكل عشوائي، مما تسبب في وقوع إصابات في صفوف المدنيين. مع ذلك، على الجيش الأمريكي قول الحقيقة على الأقل وبذل قصارى جهده لمنع القتل العشوائي للأبرياء نتيجة لإصابة الجيش الأمريكي بالتخبط النفسي أمام خروج الوضع عن السيطرة. كما يتجاهل الجيش الأمريكي المخاطر الجسيمة التي يتعرض لها السكان المحليون من أجل سلامتهم، حيث يشعر المدنيون بأن الجيش الأمريكي على استعداد للتضحية بـ "ألف مدني من أجل ملاحقة إرهابي واحد".

يجب الإعتراف اليوم، بأن الجيش الأمريكي قد خاض في كثير من الأحيان عدة حروب سياسية في أفغانستان والشرق الأوسط، وما يهمه غالبًا ليس التأثير الفعلي للعمليات الميدانية، وإنما درجة التوافق مع الرأي العام الأمريكي والاحتياجات السياسية الوطنية.

إن عمليات القتل عن طريق الخطأ، هي ممارسات متكررة للعمليات العسكرية الأمريكية في أفغانستان والشرق الأوسط. ولاعجب أن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب قد رفض بشكل تعسفي قرار المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي النظر في قضايا جرائم الحرب المتعلقة بالجيش الأمريكي ومعاقبة المسؤولين. لأن واشنطن تعرف أكثر من أي طرف آخر حجم دماء المدنيين التي أراقتها أثناء حروبها.