الرياض 11 ديسمبر 2021 (شينخوا) اختتم ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، اليوم (السبت)، جولة خليجية ناجحة شملت عمان والإمارات وقطر والبحرين والكويت، وحقق نتائج مثمرة سياسيا واقتصاديا خلال هذه الجولة من الزيارات.
وكانت الزيارة تهدف إلى تضييق الخلافات بين أعضاء مجلس التعاون الخليجي، وتعزيز العلاقات بين السعودية وجيرانها، وتنسيق سياساتهم بشأن إيران وغيرها من القضايا، استعدادا لقمة مجلس التعاون الخليجي التي ستستضيفها المملكة يوم 14 ديسمبر، حسبما ذكر مسؤولون سعوديون قبل الجولة.
نتائج مثمرة
على الصعيد السياسي، وصف قادة الدول الخمس التي زارها ولي العهد السعودي علاقاتهم مع السعودية بأنها قوية.
وتعهد البيان المشترك الصادر عن السعودية والإمارات بتعزيز التنسيق بينهما لضمان الأمن والاستقرار في المنطقة. كما حصل ولي العهد السعودي على وسام زايد، وهو أعلى وسام لدولة الإمارات.
ومنح أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، ولي العهد السعودي وسام الكويت. وقال أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني إن زيارة ولي العهد السعودي ستعزز علاقات بلاده مع السعودية، وهو أمر مهم بشكل خاص للوضع الحالي للمنطقة.
وأشار محللون إلى أن أمير قطر دُعي لحضور القمة الخليجية الـ41 التي استضافتها السعودية في يناير، ما أدى إلى تطبيع العلاقات التي قطعت بين البلدين عام 2017.
وخلال زيارة ولي العهد السعودي، أشاد الجانبان بالعلاقات الثنائية، مشيرين إلى أنه تم القضاء بشكل أساسي على أثر أزمة 2017 وأن الجانبين سيعودان إلى التعاون في مختلف المجالات.
وعلى الصعيد الاقتصادي، أعلنت السعودية وعمان بشكل مشترك عن افتتاح أول معبر بري بين البلدين، طريق بطول 725 كم، وقالا إنه "سيسهل الحركة السلسة للمواطنين والتكامل السلس لسلاسل الإمداد لدينا".
ووقعت شركات من البلدين على 13 مذكرة تفاهم للتعاون بقيمة 30 مليار دولار، فيما أعلن صندوق الاستثمارات العامة السعودي أنه سيستثمر 5 مليارات دولار في عمان.
وخلال زيارة ولي العهد السعودي للبحرين، أعلن البلدان عن دراسة جدوى لتأسيس شركة سعودية-بحرينية قابضة تهدف إلى إقامة مشروعات استثمارية مشتركة.
وفي قطاع الطاقة، استعرضت السعودية والبحرين التعاون بين الشركة القابضة للنفط والغاز في البحرين وشركة أرامكو السعودية، مع التركيز على النفط والغاز والاقتصاد الدائري وتكنولوجيا إنتاج الهيدروجين.
وفي غضون ذلك، أشادت الكويت بتعاونها الوثيق مع السعودية في إطار اتفاقية (أوبك بلس) للحفاظ على استقرار سوق النفط العالمية، مع إبراز أهمية استمرار هذا التعاون وضرورة التزام جميع الدول المشاركة بهذه الاتفاقية.
السعي نحو وحدة الخليج
يعتقد محللون أن زيارة ولي العهد السعودي إلى دول الخليج الخمس تعكس توجه سياسة السعودية الرامية إلى إيلاء أهمية أكبر لبناء علاقاتها مع دول الجوار.
وقال ولي العهد السعودي خلال زيارته للبحرين "دول الجوار لها دور حاسم في تنشيط المملكة العربية السعودية. علينا أن نعمل مع جيراننا لضمان ازدهارهم".
وقال لي شي جيون، وهو باحث صيني زائر في المركز السعودي للبحوث والتواصل المعرفي، إن جولة الأمير محمد في الخليج جولة "السعي إلى الصداقة عن قرب والسعي إلى المستقبل في دول مجلس التعاون الخليجي".
وأضاف أن هذه الزيارة أتاحت أيضا لولي العهد أن يُظهر للشعب السعودي عزمه وقدرته على الحفاظ على السلام والاستقرار على الصغيد الإقليمي، وتعزيز العلاقات مع دول الخليج، وإزالة الشكوك السابقة إزاء قدرته على التعامل مع الشؤون الخارجية.
وأوضح أن ذلك سيساعد على المدى الطويل على تعزيز "الدائرة الكبيرة" لوحدة مجلس التعاون الخليجي و"الدائرة الصغيرة" لاستقرار المملكة العربية السعودية.
مواقف موحدة بشأن إيران
من الواضح أن الجولة الخليجية لولي العهد السعودي، التي تأتي قبل القمة الخليجية الـ42، كانت تهدف أيضا إلى تنسيق المواقف بين أعضاء مجلس التعاون الخليجي بشأن القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، بما في ذلك القضية الإيرانية.
وقال محللون إن دول الخليج لديها مواقف مختلفة بشأن إيران، حيث تحافظ عمان والكويت وقطر على علاقات طبيعية مع إيران، في حين أن السعودية والبحرين والإمارات لديها علاقات متوترة مع طهران.
وعلى خلفية تعديل الإدارة الأمريكية في عهد الرئيس جو بايدن سياستها في الشرق الأوسط، وهو الذي يتضح من خطوات اتخذتها مثل إعادة الاتصالات مع إيران لإحياء الاتفاق النووي لعام 2015 وزيادة الضغط على الرياض بشأن حقوق الإنسان، تخشى دول الخليج ألا تكون الولايات المتحدة محل ثقة. لذلك، بدأت هذه الدول أيضا في تعديل سياساتها من خلال تخفيف التوترات مع إيران.
وخلال زيارة ولي العهد إلى الإمارات، شدد بيان مشترك صدر عن البلدين على ضرورة معالجة الملف النووي الإيراني بما يخدم الأمن والاستقرار على الصعيدين الإقليمي والدولي. وأدلت الدول الأربع الأخرى والسعودية بتصريحات مماثلة.
وأشار لي إلى أنه من المرجح أن يشكل مجلس التعاون الخليجي موقفا موحدا بشأن إيران في القمة الخليجية المقبلة في الرياض.
ومن المتوقع أيضا أن تتوصل القمة إلى توافق بشأن القضايا التي ترتبط ارتباطا وثيقا بمعيشة الشعوب، مثل المكافحة المشتركة لجائحة كوفيد-19 والتنمية المشتركة للاقتصاد والمجتمع على الصعيد الإقليمي في مرحلة ما بعد الجائحة.
وقال وانغ قوانغ يوان، الأستاذ المشارك في كلية الشرق الأوسط بجامعة بكين للغات والثقافة في الصين، إن قمة مجلس التعاون الخليجي المقبلة ستعزز الروابط الاقتصادية بين الدول الأعضاء، وستعزز تكامل الاقتصاد الخليجي، وستسعى للوصول إلى موقف موحد بشأن سياساتها إزاء إيران وقضية اليمن.