تعليق: نقائص النظام ساهمت في فشل مكافحة الوباء في أمريكا

مع اقتراب نهاية عام 2021، وضع وباء كوفيد -19 في الولايات المتحدة مرة أخرى علامة فارقة جديدة، حيث تجاوز العدد التراكمي للحالات المؤكدة 50 مليونًا، واقترب العدد التراكمي للوفيات من 800 ألف حالة، ليحتل المرتبة الأولى في العالم. وعلى الرغم من الوضع الوبائي المقلق، ما زال الحزبان الديمقراطي والجمهوري يعملان على تسييس الوباء ويتجادلان حول قضايا التطعيم وارتداء الأقنعة.

يشكل سكان الولايات المتحدة أقل من 5٪ من سكان العالم، لكن الوفيات الناجمة عن الوباء في أمريكا مثلت حوالي 15٪ من الإجمالي العالمي. فلماذا أصبحت الولايات المتحدة، التي تمتلك الموارد الطبية الأكثر تقدما في العالم، أكبر بؤرة للوباء؟

منذ ظهور الوباء، تم استخدام فيروس كورونا كأداة وورقة مساومة بيد الحزبين الجمهوري والديمقراطي لمهاجمة بعضها البعض وخدمة مصالحهم السياسية.

وفي عام الانتخابات، تجاهلت الحكومة الأمريكية بشكل متكرر تحذيرات الصحة العامة، وقللت عن عمد من مخاطر الفيروس، وخسرت أفضل وقت للوقاية من الوباء ومكافحته .

وبسبب وضع الاعتبارات السياسية فوق مقاومة الوباء، أصبح الاهتمام منصبا على كيفية الاستفادة من الانتخابات العامة للحزب والحصول على نسبة تصويت أعلى. وحتى بعد وصول حكومة بايدن إلى الحكم، فإن الخلاف حول طريقة التعامل مع الوباء لم تنته، واستمرّ الخلاف حتى على أبسط القضايا، مثل ارتداء أو عدم ارتداء الكمامة والتطعيم.

وعلى خلفية العداء الحزبي المتطرف، والاستقطاب السياسي الحاد، والتمزق الاجتماعي، غرق الحزبان في الولايات المتحدة في منطق "المعارضة من أجل المعارضة".

ولفترة طويلة، تطلب الوضع الوبائي الشديد في الولايات المتحدة دمج موارد الصحة العامة الوطنية وتعبئة جميع القوى الاجتماعية لتحقيق استجابة أفضل. لكن الحقيقة هي أنه في ظل النظام الفيدرالي للولايات المتحدة، فإن شؤون الصحة العامة مثل الوباء تدار بشكل أساسي من قبل حكومات الولايات والحكومات المحلية.

نظام "الكتلة" في الولايات المتحدة يجعل الحكومات الفيدرالية وحكومات الولايات والحكومات المحلية مستقلة في سياسات مكافحة الوباء، وهذا يدفعهم إلى تبادل اللوم والتهرب من المسؤولية. وبذلك يصبح من غير السهل دمج وتنسيق إدارة الموارد الطبية، وتشكيل سياسات وطنية موحدة لمكافحة الوباء. هناك أيضًا خلل خطير في الحصول على الموارد بين الولايات التي تسيطر عليها أطراف مختلفة، مما يؤدي إلى صراعات شرسة بين الحكومة الفيدرالية وحكومات الولايات، وحتى التنافس على الإمدادات الطبية؟ وقد كتبت مجلة "التايم" الأمريكية، أن "النظام الحكومي" بأكمله في الولايات المتحدة هو المسؤول عن هذه المأساة.

يهتم السياسيون الأمريكيون بالمصالح الذاتية السياسية بشكل أكبر من حياة الناس وصحتهم، الأمر الذي لا يعكس فقط المشكلة العميقة الجذور في النظام، ولكن أيضًا المفارقة بين "الديمقراطية" و "حقوق الإنسان" التي لطالما تغنت بهما الولايات المتحدة. ومع استمرار تكاثر السلالات المتحوّرة واستمرار ارتفاع عدد الحالات المؤكدة والوفيات، بات خبراء الصحة العامة يشعرون بالقلق من استمرار فشل الولايات المتحدة في مكافحة الوباء.