الخرطوم 21 مارس 2022 (شينخوا) تتعاظم المخاوف من وصول السودان إلى مرحلة الانهيار الاقتصادى مع استمرار تراجع قيمة العملة الوطنية الجنيه ، والارتفاع غير المسبوق فى أسعار السلع الضرورية وتأثيرات تحرير أسعار الوقود على القطاعات الإنتاجية.
ونتيجة لإعلان بنك السودان المركزي، فى 8 مارس الجارى تحرير سعر صرف الجنيه السوداني مقابل الدولار ارتفعت حدة التنافس بين البنوك المحلية و السوق الموازي في سباق السيطرة على سوق الصرافة مع ارتفاع نسبة الطلب مقابل العرض ووجود صفقات مالية تشترى النقد الأجنبي بأرقام فلكية .
وارتفعت أسعار العملات الأجنبية اليوم (الاثنين) مسجلة أرقاما قياسية في البنوك ، وبلغ سعر الدولار الواحد فى السوق الموازى 645 جنيها ، فيما بلغ وفقا لأسعار المصارف 630 جنيها.
وبالتزامن سجلت أسعار السلع الأساسية ارتفاعا قياسيا وذلك قبل أيام معدودة من قرب حلول شهررمضان.
وتسود مخاوف من أن يزيد الوضع الاقتصادى المتردى من معاناة المواطنين.
وقال الخبير الاقتصادى السودانى أيوب عبد الحفيظ ، فى تصريح خاص لوكالة أنباء ((شينخوا)) اليوم " هناك بوادر انهيار اقتصادى تلوح فى الأفق".
وأضاف " تشهد الأسواق ركودا اقتصاديا فى ظل انعدام القدرة الشرائية والارتفاع غيرالمسبوق فى أسعار السلع الضرورية".
وتابع " مع اقتراب شهر رمضان هناك مخاوف حقيقية من زيادة الأسعار وجشع التجاروانعدام السيولة وانهيار قيمة العملة الوطنية".
ومع ارتفاع الأسعار تبرز مشكلة أخرى تتمثل فى انعدام سلع ضرورية كغاز الطهي.
وقال الطيب زين العابدين ، وهو صاحب توكيل لتعبئة غاز الطبخ بمنطقة الأزهربجنوب الخرطوم " نعانى كوكلاء فى توفير غاز الطبخ سواء للاستهلاك المنزلى أوللمخابز ".
وأضاف ، فى تصريح خاص لوكالة أنباء ((شينخوا)) اليوم " لا يتوفر الغاز بكميات كبيرة فى المستودعات ، وهناك من يعملون خارج المستودعات وخلق سوق موازى لبيع الغاز ونخشى من استمرار الأزمة مع اقتراب شهر رمضان".
وأرجع استاذ الاقتصاد بالجامعات السودانية عبد الجليل دهب أسباب الأزمة الاقتصادية إلى ما أسماه خلل السياسات المالية والنقدية وضعف الانتاج واستمرار ظاهرة المضاربات سواء فى العملات أو السلع الأساسية.
وقال دهب فى تصريح لوكالة أنباء ((شينخوا)) اليوم " لم تستطيع الحكومة الانتقالية السابقة رسم سياسات مالية ونقدية مرنة وشفافة ، ولم تستطيع إحداث أي تغيير كبير".
وحذر دهب من استمرار الوضع الاقتصادى الراهن ، وقال " استمرار هذا الوضع سيؤدى لا محالة لانهيار اقتصادى مخيف ، ولابد من معالجات سريعة والقيام بإعادة هيكلة الاقتصاد".
وكشفت جولة لوكالة أنباء ((شينخوا)) ببعض أسواق العاصمة الخرطوم عن ارتفاع كبير في أسعار السلع الأساسية.
وبلغ سعر جوال السكر زنة (50 كيلوجراما) 30 ألف جنيه ، فيما كان قبل أقل فترة قصيرة بحدود 18ألف جنيه ، فيما وصل سعر زيت الطعام (زنة 36 رطلا) 32 ألف جنيه بدلا عن17 ألف جنيه.
واضطرت أغلب المخابز إلى زيادة أسعار الخبر بسبب انعدام غاز الطهي وارتفاع أسعارالدقيق ، وبلغ سعر (الرغيف) الواحد 50 جنيها.
وفى وقت سابق حذر مكتب برنامج الغذاء العالمي بالسودان من نقص حاد فى الحبوب بالبلاد ولاسيما القمح.
وقال المكتب فى بيان صحفى " للمرة الأولى منذ عام 1984 نواجه حالة من العجز في إنتاج الحبوب في السودان، وأن موارد برنامج الأغذية العالمي لا تبدو جيدة، والوضع أسوأ ولدينا قدرة أقل على الاستجابة".
وأضاف البيان " سيواجه ما يقرب من نصف سكان السودان الجوع هذا العام، حيث أن تداعيات إنقلاب أكتوبر تجعل من الصعب على الدولة الأفريقية التي تعاني من ضائقة مالية الحصول على الغذاء".
وتابع البيان" من المرجح أن يتم تصنيف حوالي 20 مليون شخص على أنهم يعانون من مستويات طارئة أو خطرة من انعدام الأمن الغذائي الحاد ، وهو ضعف رقم عام 2021".
وتتمدد الأزمة الاقتصادية لتضرب مختلف القطاعات الإنتاجية بالسودان.
ونتيجة لارتفاع أسعار الوقود تضاعفت تعرفة المواصلات العامة وزادت تكاليف نقل البضائع و أسعار السلع وتناقصت المساحات الزراعية بسبب ارتفاع أسعار (الجازولين).
وبدأت الحكومة الانتقالية السابقة برئاسة عبد الله حمدوك التى تشكلت فى 2019 في تنفيذ خطة إصلاح اقتصادية بمراقبة البنك الدولى للحصول على إعفاء ديون السودان الخارجية التى تبلغ نحو 60 مليار دولار.
لكن تلك الخطة تعطلت بعد الإجراءات التى اتخذها قائد الجيش السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان فى 25 أكتوبر الماضى بحل الحكومة وفرض حالة الطوارئ.
وعلقت الولايات المتحدة الأمريكية ووكالات دولية مساعدات بمئات الملايين من الدولارات كانت مقررة للسودان ، واشترطت استعادة الحكم المدني.
وتوقفت عملية إعفاء ديون السودان بموجب مبادرة صندوق النقد الدولي المعزز للبلدان الفقيرة المثقلة بالديون.
وسارعت واشنطن إلى تجميد مبلغ 700 مليون دولار من المساعدات الطارئة ، بينما توقفت عملية دفع مبلغ 500 مليون دولار من الدعم المباشر للميزانية الذي كان متوقعا في أواخر نوفمبر من وكالات التنمية.
كما لم يتم الحصول على 150 مليون دولار أخرى من ما يسمى بحقوق السحب الخاصة لصندوق النقد الدولي ، والتي تستخدم لتعزيز الاحتياطيات الرسمية.
ومنذ انفصال جنوب السودان فى العام 2011 ، يواجه السودان أزمة اقتصادية خانقة بعد أن فقد ثلثى إنتاجه النفطى.