الصورة: أنزل البيت الابيض في واشنطن ، الولايات المتحدة في 12 مايو الجاري العلم الأمريكي النصف حدادا على وفيات كوفيد -19. |
أصدر الرئيس الأمريكي جو بايدن بيانًا على موقع البيت الأبيض في اليوم 12 مايو الجاري : "اليوم ، نحي ذكرى مأساوية: ذكرى وفاة مليون أمريكي بكوفيد-19 ." إنها مأساة إنسانية، لكن بعض السياسيين الأمريكيين لم يتعلموا منها، ولكن بدلاً من ذلك يستخدمون "التعايش مع الفيروس" للراحة النفسية.
منذ بداية هذا العام، واصلت الولايات المتحدة تخفيف إجراءاتها للسيطرة على الأوباء، فهل أدى ذلك إلى الازدهار الاقتصادي والتنمية؟
أصدرت وزارة التجارة الأمريكية في 28 أبريل، بالتوقيت المحلي، بيانات تظهر أن القيمة الأولية للناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للولايات المتحدة في الربع الأول من عام 2022 انخفضت بمعدل سنوي قدره 1.4٪ ، أي أقل بكثير من نمو 1٪ الذي توقعه الاقتصاديون بشكل عام. وهذه هي المرة الأولى منذ الربع الثاني من عام 2020 التي ينكمش فيها الاقتصاد الأمريكي، ودق ناقوس الخطر مرة أخرى.
يعتقد شياو لي تشنغ، مدير مكتب أبحاث الاقتصاد الكلي العالمي في كلية الاقتصاد الدولي التابع للأكاديمية الصينية للعلوم الإجتماعية، أن الاقتصاد الأمريكي الحالي ككل يمر بفترة هبوط في بعد التوسع، وقد وصل إلى نقطة عالية، لكنها لا تزال تعاني من الحرارة المرتفعة.
قال خه مين، الأستاذ المساعد في كلية الاقتصاد الدولي بجامعة الدبلوماسية الصينية، إنه من بيانات تفاصيل الناتج المحلي الإجمالي الصادرة عن مكتب التحليل الاقتصادي بوزارة التجارة الأمريكية، فإن البيانات الرئيسية والأكثر مباشرة تبين أن سبب تراجع الناتج المحلي الإجمالي هو التوسع المستمر في العجز التجاري الذي أدى إلى تخفيض الناتج المحلي الإجمالي بمقدار 3.2 نقطة مئوية. ومع استمرار ارتفاع الأسعار، خاصة استمرار ارتفاع أسعار المواد الغذائية وطاقة الكتلة الحيوية بعد زعزعة أسواق الطاقة العالمية مثل الغاز الطبيعي والنفط من جراء تصاعد الصراع الروسي الأوكراني، قد انخفضت نفقات الاستهلاك الشخصي في الولايات المتحدة بنسبة 2.5٪ عن الربع السابق.
وأظهرت البيانات الصادرة عن وزارة العمل الأمريكية أن مؤشر أسعار المستهلك الأمريكي (CPI) ارتفع بنسبة 8.5٪ على أساس سنوي في مارس، وهو الأعلى منذ 40 عامًا.
يعتقد خه مين أن السبب الرئيسي للتضخم الاقتصادي الأمريكي هو اختلال التوازن بين العرض والطلب، حيث ارتفع الاخير مقابل العرض خلال فترة اتشار كوفيد -19. لذلك، يحاول بنك الاحتياطي الفيدرالي قمع الطلب ثم قمع التضخم من خلال زيادة أسعار الفائدة. وفي الوقت الحاضر، لا يواكب المعروض من بعض الصناعات الرئيسية في الولايات المتحدة الزيادة في الطلب، ولم يعد إنتاج النفط الخام والغاز الطبيعي، وإنتاج السيارات، وما إلى ذلك إلى المستوى قبل الوباء، ولا يمكن تلبية الطلب المتزايد، وغن الزيادة في العرض الصناعي مقيد بتوريد العمالة، مما يساعد على دفع الضغوط التضخمية.
يعتقد ماو يوفينغ، دكتور كلية الاقتصاد الدولي بالمعهد الدبلوماسي، أن المعضلة الاقتصادية الأمريكية الحالية هي أساسا نتيجة التناقض الهيكلي الاقتصادي الأمريكي الناجم عن الوباء.
واستجابة للضغوط التضخمية، تستمر مؤسسة الاحتياطي الفيدرالي في رفع أسعار الفائدة في هذا العام. وفي 4 مايو الجاري، أعلن بنك الاحتياطي الفيدرالي أنه تم رفع 50 نقطة أساس، وتم تعديل الفاصل الفردي المستهدف في سعر الفائدة الفيدرالي بين 0.75٪ إلى 1٪، وقد تم تعظيم ارتفاع سعر الفائدة الفردي منذ عام 2000.
أشار شياو لي تشنغ، إلى أنه يبقى أن نرى ما إذا كان رفع أسعار الفائدة يمكن الحد من التضخم. "يأتي التضخم في الولايات المتحدة من جانبي الطلب والعرض، وتأثير السياسات النقدية مثل رفع أسعار الفائدة على جانب العرض محدود للغاية." مضيفاً، إذا حاول بنك الاحتياطي الفيدرالي زيادة أسعار الفائدة للحد من التضخم في ظل الآثار المزدوجة للانكماش الاقتصادي وارتفاع التضخم ، فسيؤثر بشكل كبير على استقرار الاقتصاد الأمريكي ، قد يؤدي إلى ركود واسع النطاق.
وردًا على السؤال حول إلى أين سيتجه الاقتصاد الأمريكي في المستقبل، يعتقد ماو يوفينغ أن الولايات المتحدة لا تستطيع أن تشكل تدابير طويلة الأمد ومستقرة وموحدة للوقاية من الأوبئة ومكافحتها ، فكل ولاية لها طريقتها الخاصة ، والسياسات ليست مستمرة في الوقت المناسب ، وقد يكون هذا ضارًا بالاقتصاد على المدى الطويل.
يُظهر المأزق الاقتصادي الحالي في الولايات المتحدة أنه في ظل الظروف التي لا يزال فيها كوفيد-19 ينتشر بسرعة وبشكل مستمر، وتواجه حالة الوقاية من الأوبئة ومكافحتها قدرًا كبيرًا من عدم اليقين، فإن خطر "الاسترخاء" هائلاً ، وأن تدابير الوقاية والسيطرة الصارمة وأحيانًا الفضفاضة قد تجعل مسار الانتعاش الاقتصادي أكثر تعقيداً.