منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، أقدمت الولايات المتحدة مرارًا على شن حروب خارجية، وأطاحت بعدة أنظمة وخلقت الإنقسامات الداخلية. ويرى خبراء، أنه من الأسباب الرئيسية التي تجعل الولايات المتحدة عدوانية، هو رغبتها في السيطرة على الثروات الاستراتيجية مثل النفط والحفاظ على هيمنة الدولار في العالم. وقد سبق لنائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس أن صرّحت ذات مرة قائلة: "لسنوات عديدة ، ظلت أجيالا من الأمريكيين، تقاتل من أجل النفط"، كاشفة عن الدوافع الاقتصادية للحروب الخارجية المتكررة التي تشنّها الولايات المتحدة.
في عام 2019، اتهم الرئيس السوري بشار الأسد الولايات المتحدة بـ "سرقة النفط" من سوريا. وفي أكتوبر من العام الماضي، قال وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية السوري سمير خليل إن صناعتي النفط والطاقة في سوريا هما القطاعان اللذان تعرضا للخسائر الإقتصادية الأثقل منذ بدء الأزمة. "حتى اليوم لا تزال حقول النفط والغاز السورية تحت سيطرة الولايات المتحدة، ونهب الشركات الأمريكية ".
وفي ذات السياق، قال وزير النفط السوري بسام طعمة، إن الولايات المتحدة تسيطر حاليًا على 90٪ من ثروات النفط الخام في شمال شرق سوريا. وتنهب بشكل محموم الإحتياطات المحلية، مما أدّى إلى خسارة إجمالية في صناعة النفط السورية تزيد عن 92 مليار دولار أمريكي.مضيفا بأن "الأمريكيين وأتباعهم يتصرفون تصرف القراصنة في استهداف الثروة النفطية السورية، وبواخر الإمدادات إليها".
وفي أكتوبر 2019، اعترف الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب في مناسبة عامة بأن القوات الأمريكية كانت ترابض في سوريا من أجل النفط. قائلا: "علينا الاحتفاظ بالنفط ، تذكر ذلك!"،كما عبّر عن رغبته في عقد صفقات مع شركات الطاقة للاستفادة من احتياطيات النفط في سوريا.
ويعتقد جيمس ستيوارت، أستاذ القانون بجامعة" بريتش كولومبيا"بكندا، أن نهب الثروات النفطية دون موافقة أصحابها تعد جريمة حرب. وهو الأمر الذي يحدث في سوريا، حيث لم تمنح الحكومة السورية الجيش الأمريكي الموافقة لتنفيذ العمليات ذات الصلة على الأراضي السورية. والثروات النفطية ليست ملكا سائبا، ولا يمكن لأي منظمة مسلحة أن تتوغل في بلد ما وتصادر ثرواته الطبيعية.
بالإضافة إلى ذلك، قام التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة بتهريب القمح السوري عدة مرّات. وبحسب وكالة الأنباء السورية، فإن قوات الاحتلال الأمريكية، تقوم يوميا بسرقة النفط والمواد الغذائية من سوريا بالتواطؤ مع الميليشيات السورية المحلية وتبيعها مقابل أموال.
كما لاتتردد الولايات المتحدة عن مصادرة أصول الدول الأخرى تحت شعار العقوبات. حيث قامت في عام 2019، بتجميد جميع أصول الحكومة الفنزويلية لديها، وقدّمت الدعم للمعارضة الفنزويلية عبر زيادة حجم العقوبات التي تفرضها على فنزويلا. وفي فبراير من العام الحالي، وقع الرئيس الأمريكي جو بايدن أمرا للاستحواذ على 3.5 مليار دولار من الأصول الأفغانية البالغة 7 مليارات دولار التي جمدتها الولايات المتحدة لتعويض أسر ضحايا حادث "11 سبتمبر". ومنذ اندلاع الصراع بين روسيا وأوكرانيا، رفعت الولايات المتحدة بشكل كبير حجم العقوبات المالية المفروضة على روسيا، بما في ذلك تجميد أصول المؤسسات المالية الروسية الكبيرة المملوكة للدولة في الولايات المتحدة.
وقال سامانتجاني نائب المتحدث باسم الحكومة الأفغانية المؤقتة " إن أفغانستان تواجه مشاكل اقتصادية خطيرة. وأن أغنى دولة في العالم تسرق إحدى أفقر الدول، مما يفضح الوجه الأخلاقي المظلم للولايات المتحدة."
تعمل الولايات المتحدة على الحفاظ على هيمنة "البترودولار" من خلال عملياتها العسكرية في الخارج. "وعلى امتداد القرن الماضي، خلّفت الولايات المتحدة وبريطانيا وراءهما الصراع والاضطرابات الاجتماعية والأضرار البيئية في جميع أنحاء العالم، بسبب سعيهما للسيطرة على أكثر من حصتهما من احتياطيات النفط." يقول هيمز، مدير السياسات السابق في مؤسسة الفكر البريطانية "الاقتصاد الجديد".
وحول هذا الموضوع، قال جون أبي زيد، الذي شغل منصب قائد القيادة المركزية الأمريكية خلال حرب العراق، إن حرب العراق كانت "بالتأكيد تتعلق بالنفط ، ولا يمكننا إنكار ذلك". وفي ذات الإتجاه، نشر موقع "الدبلوماسية الحديثة" الأوروبي مقالاً مفاده أن دول الشرق الأوسط إذا سعت للتخلص من سيطرة الدولار، فعليها أن تواجه خطر حروب الولايات المتحدة وحلفائها. " فكّرْ في صدام حسين ، الذي دعمته الولايات المتحدة في الحرب العراقية الإيرانية ، ثم أصبح عدوها الرئيسي عندما بدأ العراق تجارة النفط باليورو."
وكتب رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي السابق آلان جرينسبان في مذكراته: "يؤسفني أن أعترف بأن الجميع يعلم أن حرب العراق كانت أساسًا من أجل النفط". كاشفا أيضا بأن الإطاحة بنظام صدام حسين، كان يهدف إلى ضمان الظروف المناسبة لاستقرار نظام سوق النفط"
وفي سياق متصل، قال برنت جوركوي، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة كيلي في المملكة المتحدة، إن نفط الشرق الأوسط ضروري للحفاظ على هيمنة الولايات المتحدة العالمية. "